Friday  08/04/2011/2011 Issue 14071

الجمعة 04 جمادى الأول 1432  العدد  14071

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

لا أعلم سبب شيوع الاعتقاد بأن الفن الإسلامي خال من تصوير الكائنات الحية؟ وهنا لا أقصد الخوض في مسألة التحليل أو التحريم، إنما أنا بصدد تعريفنا للفن الإسلامي، الذي طالما كنا نعتقد أنه فن مجرد خال من التمثيل الواقعي للعناصر الحية.

ما لاحظته هو انتشار الكتابات التي تفسر اتجاه الفنان المسلم إلى التجريد بسبب التحريم، ولكن أيضاً من ملاحظاتي وقراءاتي لم يكن هذا هو السبب أو السبب الوحيد، كي نكون أكثر دقة، فهناك أسباب أخرى وراء ذلك، منها أن الفن في ذلك الوقت ارتبط بالدين أو المعتقد ويكون من خلال تصوير المعبود، والمعبود في الدين الإسلامي هو الله جلّ جلاله الذي لا يصح أن يتم تمثيله بصرياً، أيضاً نجد أن الفنان ابتعد عن التصوير الواقعي غالباً في أماكن العبادة كالمساجد، علماً أن هناك نماذج لمساجد تحوي منحوتات أو رسوماً آدمية، بينما نجد العديد من الزخارف والرسوم وبعض المنحوتات الآدمية والحيوانية في أشكال العمارة الأخرى كالقصور والقلاع وغيرها، إضافة إلى انتشار المخطوطات الإسلامية المليئة بالرسم الآدمية والحيوانية في شرق وغرب العالم الإسلامي، أيضاً حاول الفن الإسلامي ولتحقيق الإبداع الاختلاف عن الآخرين والتميز عنهم وهو ما نسميه الإبداع في الفن في الحضارات المختلفة، فالفنون جزء مهم من الحضارة التي تتميز باختراعاتها وإبداعاتها ومنها الفنون، فإذا كانت الحضارة المصرية القديمة تميزت بالعمارة المرتبطة بحياة ما بعد الموت والصلابة والقوة والشدة والديمومة، فقد عكست فنونها ذلك بكل وضوح، بينما نجد أن الحضارة الصينية تميزت بالخزف الذي لا يزال يحمل اسم الحضارة (صيني) والمرتبط بذلك النوع من الإنتاج الفني، أما غرب آسيا فكانت الأساطير ذات المخلوقات العجيبة هي الديدن في فنونها، وهي ذات الحضارة التي أفرزت صورة البوذا وغيرها، ونجد الفن الإغريقي قد اعتمد على قيمة الجمال ومنه جمال الجسد، بل جسد هذا المفهوم في معبودته (افروديت) التي لا تزال مصدر إلهام للعديد من الكتاب المعاصرين. والفن المسيحي ارتبط بتصوير المعبود المسيح وأمه في أماكن العبادة وحكايات تدور حول الدين المسيحي، فكان الأسلوب التسجيلي هو الأبرز لهذا النوع من الفن.

ثم جاء الفن الإسلامي ولأسباب عدة، أراد أن يتميز، وأن يكون مختلفاً وذا اتجاه مبدع ومتناسب مع فكره وعقيدته، فكان أن وجد في هذه الزخرفة الهندسية وسيلة يزخرف بها عمارته بأسلوب متميز في ذلك العصر ومتناسب مع الاختراعات والاكتشافات العملية الرياضية والفيزيائية، لذا لم يكن شكل الفن الإسلامي مرتبطاً لأسباب لها علاقة بالتحريم أو التحليل فقط، مهما كان موقفهم حيال الموضوع دينياً بقدر ما هو أسلوب فني مناسب لتلك الحضارة والثقافة، مع عدم إلغاء لمواضيع وأشكال الكائنات الحية، بدلالة وجود أشكال أخرى لهذا الفن تتعارض مع معرفتنا الحالية لموقف الدين، مثل موقف الدين حيال عدم تعظيم الموت أو بناء القبور مع أن كثيراً من أهم المباني الإسلامية عبارة عن مقابر أو مشاهد أو مزارات.

 

إيقاع
الفن الإسلامي؛ «خدعوك فقالوا» (2-2)
د. مها السنان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة