Friday  08/04/2011/2011 Issue 14071

الجمعة 04 جمادى الأول 1432  العدد  14071

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

زهايمر
نورة محمد أحمد المالكي

رجوع

 

يعيش قيس مع زوجته ميمونة وابنهما الشاب أحمد، في قرية صغيرة يرعى بها الخرفان، يبدو من هيئته المنكمشة على عصاه أنه رجل في الثمانين من عمره تقريباً.

كعادته كل يوم يستيقظ مبكراً ويتجه بخرافه إلى جبال القرية الخضراء وعندما يقارب قدوم وقت غروب الشمس يجمع تلك الخراف في الزريبة.

إلى أن أتى مساء ذلك اليوم الذي اكتشف فيه أن عدد خرافه اثنا عشر، وهي في الواقع أحد عشر خروفاً فمن أين جاء هذا الخروف؟ ظل واقفاً متعجباً مما يراه، فكلما أعاد العد ظهرت نفس النتيجة.

قرَّر الذهاب للمنزل، وعندما وصل إليه وجد زوجته ميمونة قد صنعت طعام العشاء رغيفاً من الخبز، فقال لها: «ميمونة، ألم أخبرك بأن تطبخي طعام العشاء مرقاً»

ردت باستغراب: «ماذا بك يا قيس، أنت لم تخبرني بذلك؟»

قيس: «بل قلت ذلك، ولكني أظن بأنك فقدت حاسة السمع»

لم تجب ميمونة على ما قال ووضعت الرغيف ليتناوله الجميع ثم يخلدون إلى النوم.

وفي صباح اليوم التالي سار في طريقه كالعادة متوجهاً لخرافه، وحين وصل إليها قام بعدها ليتأكّد منها، ولكنه وجدها هذه المرة أحد عشر خروفاً فجنّ جنونه!

«ترى لماذا يحدث هكذا معي؟ لا بد من أن هناك لصاً قام بسرقتها ولكن كيف سأعرفه؟

تمر الأيام وقيس يحاول معرفة اللص السارق، وذات مساء قام أحد رجال القرية الفلاحين ويدعى السيد لطيف بدعوة قيس لتناول وجبة العشاء معاً، وهما على الغداء نظر قيس إلى قطع اللحم المغطسة في المرق، فبدأت الشكوك تتلاعب برأسه، وهو يقول محاورا نفسه: «بالتأكيد هو اللص الذي سرق خرافي، وإلا كيف أحضر هذا اللحم؟»لم يعلم السيد لطيف بما يدور برأس قيس ولكنه تفاجئ بنظراته الغريبة له، فقال:

«ماذا بك يا قيس تنظر إلي هكذا».

رد عليه: «بالتأكيد أنت الذي سرقت تلك الخراف من الزريبة».

اندهش لطيف مما قاله قيس، فكيف له أن يتهم رجلاً شريفاً بالسرقة؟ رد عليه مستنكراً:«أتتهمني بالسرقة، ماذا دهاك أيها العجوز؟»قيس: «نعم اتهمك، وإلا فكيف لك أن تحضر لحماً لمرقك وأنا لم أبعك شيئاً منها منذ فترة طويلة؟»

السيد لطيف: «ألا يوجد سواك في القرية يبيع الخرفان؟»

ظل قيس أياماً وهو يتهم كل شخص يجد عنده لحماً حتى شيخ القرية.أما في بيته فقد عانت زوجته وابنه من طلباته التي يدّعي أنها لا تنفد في وقتها، محتداً على تجاهلهم له واستهتارهم به إلى أن أصبحت زوجته تشك بأمره، فبدأت بالبحث عن حل لمشكلته.تمر الأيام وقيس يتوهم أشياء، وينسى أشياء كثيرة، وما زالت خرافه تنقص يوماً وتزيد يوماً آخر.

اشتهر أمره في القرية فقرَّرت زوجته وابنه إحضار طبيب له ليشخّص حالته، وحين حضر الطبيب نظر إليه قيس وقال لهم: « لماذا تحضرون النجار، فماذا أريد منه أنا؟»شخّص الطبيب حالته فوجد أن قيس يعاني من مرض (الزهايمر) فعذره الجميع على ما يفعله، وظل قيس ينسى كثيراً ويتوهم أشياء أكثر.

* طالبة - الثانوية (53)

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة