Friday  08/04/2011/2011 Issue 14071

الجمعة 04 جمادى الأول 1432  العدد  14071

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

جدد حياتك

      

من تأمل في واقع البشر لن يجد أحدا قد أعفته الحياة من أهوالها وغضت الطرف عنه فلم تنزل بساحته إحدى مصائبها ولم تزره إحدى نوائبها سواء ساكن القصر وساكن الكوخ أو الوزير وصاحب المنصب الحقير أو من قدرت ثروته بالمليارات ومن يبيت يومه طاويا أو من ملك الصحة والزوجة الحسنة ومن حرم منه، فلكل إنسان نصيب من كؤوس الألم سيتجرعه، وأن الكؤوس في النهاية متساوية وإن بدا التفاوت بين البشر فجزما ستضطرب في سماء كل إنسان غيمة وتمر بصفحته غبرة فتلك أخلاق الحياة، يقول الأديب مصطفى محمود: إن الله يعطي بقدر ما يأخذ ويعوض بقدر ما يحرم وييسر بقدر ما يعسر.. ولو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه ولرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية, وللتعامل مع الكبوات والأزمات مهارات وفنون وأول خطوات من خطوات النهوض من الكبوات هي الاعتراف بها، والاعتراف بالمشكلة باستحضارها من اللا وعي للوعي يسهل من مهمة مواجهتها ومن ثم التعامل معها باحترافية، والخطوة الثانية التيقن بأن الأزمة والكبوة هي أمر عابر, ولكي تثبت لنفسك هذا المبدأ راجع تاريخ الأزمات لديك ستجد أنها غدت أثرا بعد عين, وذكرى من الذكريات تطوى ولا تروى والخطوة الثالثة تتعلق بمنحة خصك الله بها أيها الموحد ألا وهي الإيمان بالقضاء والقدر ويكفيك أن تقرأ قوله تعالى: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا} فالمسلم ثابت الجنان لا تنال منه المصائب ولا تعبث به المحن ولا تفت من عزيمته النوازل وإنما يتلقاها بصبر فسيح وجلد واسع مستشرفا متطلعا لعظيم الهبات والجوائز من ربه متقبلا ما قدره الله عليه متكيفا مع ما يمكن التكيف والتعايش معه من مصائب‏..‏ مسليا نفسه ومسريا عنها الهم بإعادة تثمين ما منحه العزيز من عطايا وهبات عصيا على الألم وعلى مواجع الفقد متلمسا العزاء والسلوى في هاتيك الإشراقات الجميلة في حياته‏ مستمدا منها القدرة على مواصلة الحياة والتغلب على الصعوبات والأحزان‏‏ وتحقيق آماله الحسان وأحسب أن هذا سر الإيمان بالقضاء والقدر وهو أمر يختلف عن مفهوم القعود والاستسلام السلبي العاجز فالإيمان بالقضاء والقدر حالة إيمانية شعورية راقية تقدم الدعم المعنوي الكافي للسير في رحلة الحياة وتقوي قدرة المكروب على إكمال الطريق ولا تحول بينه وبين الأمل والتفاؤل والسعي لتحقيق أهدافه والخطوة الرابعة هي الإيمان بأنه لا ثمة مواقف ولا مشاهد ولا نكبات في الحياة ميؤوس منها فالحالات التي لا يُرجى الخلاص منها ولا الانفكاك من تبعاتها نادرة جدا، فلا تضخم الأمور ولا تحيل الخدش الصغير إلى طعنة دامية نجلاء في الفؤاد ولا تجعل من أي مشكلة عابرة أتونا معنويا ملتهبا فلكل مشكلة أكثر من عشرة حلول، فقط توكل على ربك واستعن به وكن أكثر هدوء لكي تصل إليها وتذكر أن النار لا تطفئ بالنار وشارب السم لا يعالج بشربه مرة أخرى والخطوة الرابعة ضع حدا زمنيا للتخلص من المشكلة فلا يعقل أن تقضي ما تبقى من عمرك حزينا على فقد حبيب وأن لا تنام ليلك بسبب خسارة مالية حتى تصبح هزيلا كظل من الظلال السارية، الخطوة الخامسة افعل شيئا وتحرك ولا تقف مكتوف الأيادي واعلم أن الاستغراق في المشكلة والبكاء عليها لن يقدم لك حلاً ولن يطرد عنك هماً, مجيبا على سؤال ماذا يمكن أن أفعل لحل المشكلة أو التخفيف من حدتها؟ ثم اشرع مباشرة في تنفيذه.. جزماً بعدها سيكون الحال أفضل مما كان عليه وشتان بين من يرفس الرفسة ويُلطم اللطمة فلا يكون له وسيلة إلا البكاء والنواح، وبين من يرفس فيستجمع قواه ويلملم شتاته.

ومضة قلم: أعجز الناس من خارت قواه من أول لطمة فهرب!





khalids225@hotmail.com
 

فجر قريب
وهذه أيضا ستمر!
د. خالد بن صالح المنيف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة