Saturday  09/04/2011/2011 Issue 14072

السبت 05 جمادى الأول 1432  العدد  14072

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في زمنٍ مضى، ووَفق روايةٍ متداولةٍ «امتنع أحدهم عن زيارة بلدٍ عربي خشية أن يدسوا له في طعامه «شيوعيةً حمراءَ»، وحتى لو كانت طرفةً للتندر؛ فإن مواهبنا «السماعية» المعتمدةَ على «القيل والقال» مؤثرةٌ في أحكامنا على الحياة والأحياء؛ ما لا يمنح عقولَنا مدىً للتفكير والتقدير، وقد طال شخوصاً بعينها تجنٍ ممن عُهدوا ذوي دين فمسَّ ذواتَهم وضمائرهم الأذى؛ وطار بالتهم أناسٌ فتمثلوها حقائق، ووعينا من أولاء من رفض التعامل المباشر معهم، وربما امتدَّت الإساءات لأبنائهم وأقاربهم.

* لعل أمام بعضهم متسعاً للتكفير عن التضليل الذي مارسوه زمناً بحق أنقياء أتقياء ثبت أنهم براء مما ظُن سوءاً بهم؛ لتعود الصورة مشوهةً - كرةً أخرى- مع جيل وجد في وسائط الإعلام الجديد شكلاً يكفل لهم سرعة التواصل وفاعلية التوصيل؛ فلم يترددوا في توزيعِ الاتهامات يمنةً ويسرةً لكل من لا يتفق مع توجهاتهم أو لا يستجيبُ لتوجيهاتهم.

* توظيف «الموثوقية» قديماً هو ذاتُه توظيف «التقنية» حديثًا، وكلاهما يؤديان لإعطاء الشائعة قوة الحقيقة؛ فيسير بها الناس مصدقين وربما مصفقين؛ فلدى الكثيرين استعدادٌ مكتسبٌ لقبول السلبيات والإيمان بمقتضياتها.

* وكما ثنائية الموثوقية والتقنية؛ تجيء ثنائية «كلام جرايد» مقابل «كلام نت»، وكلاهما يعطيان دلالةً بوجوب التثبت قبل نسبتها للمحدث بها، ودون النظر في مدى صدقية الدلالتين فإن كلام الجرايد يُنفى عن مقاربة الحق في حين يدور كلام النت على الألسنة ويؤيَّد بما يعضده.

* والتفسير يسير؛ فالطابع الرسمي أو شبه الرسمي للصِّحافة يضعها في المقابل الدعائي المُسوِّق لمشروعٍ حكومي اعتاد الناس في أزمنة طويلة على جنوحه نحو المبالغة في الثناء أو الادعاء، في حين فتح البثُّ الشبكي نوافذ جديدةً على الانتقاد المباشر والنزوع للشفافية، ومن المعادِ قولُه: إن كلا الحكمين يفتقدان الموضوعية.

* ومثلما احتاج المتضررون إلى سنواتٍ طويلة للإبلالِ من تصنيف «الثمانينيات «الذي أدخل في الدين من شاء وأخرج منه من شاء وَفقًا للهوى واتساقًا مع قراءاتٍ معينة فإن تأثير رسائل الجوال وعناوينِ الصحف الإلكترونية تظلُّ متداولةً زمنًا غير قصير، وحين ينتهي مفعولها عند بعض المتابعين غير المتعصبين فإن سواهم لا يملُّ من استعادتها واستعارتها ولو أُفهم بما طرأَ على الخبر أو حواشيه من نفيٍ أو تعديل.

* وفي أمثلة قريبة؛ احتسب بعضهم ضد مشاركين في منتدىً ثقافي فألحقوا بذممهم ذنوباً دون استنادٍ إلى حوار مباشر أو قراءةٍ غير ملتبسةٍ وكانوا مصادر تشويشٍ، كما شنَّ بعض المستفيدين حملاتٍ منظمة ضد رجال أعمال بأسمائهم اضطرت هؤلاء للإعلان المدفوع، وجاء الناتجُ صورةً مؤسفةً لمن يسعون لتكريس الطائفية في الوطن الواحد.

* وقبل هذا نُسب لكاتب يومي مقال إقليميٌّ عنصريٌّ بائس، ورغم نفيه له بمقال علني عبر صحيفته فما يزال بيننا من يؤكده، وخاض آخرون في مسلكٍ إداري فجرُّوا إليه من لا شأن له به، وحتى اليوم ونحن لا نعرف مَنْ سرق مَنْ في قضية كتاب لم تتداخل معه جهة محايدة فاستمر كل فئامٍ بما ارتضته أذهانهم وربما أهواؤُهم، وأطلق خطيبٌ لسانه بجمل إنشائية ضد الصحفيين وزكى نفسه ونظراءَه في قراءة مبتسرة للواقع والوقائع فطارت بخطبته الرسائل واللقطات.

* تجاورت الموثوقية المجتمعية والتقنية الفضائية فصار الحق يعرف بالرجال والمجال وحقه أن يعرفا به، وباتت الإشارة المرتبطة بالإثارة منطلق الحديث الجمعي المقتنع أن كل ما عداهما «من شخوص ونصوص» باطل، وكذا يفعل الوهم اليقيني.

* التقوى سلوك.

Ibrturkia@gmail.com
 

يقين الوهم
د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة