Sunday  10/04/2011/2011 Issue 14073

الأحد 06 جمادى الأول 1432  العدد  14073

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

من سيرة العلامة الراحل الشيخ سليمان بن محمد الجناحي أول مقرئ للقرآن في إذاعة جدة
محمد إبراهيم العبيد

رجوع

 

التكريم سمة سار عليها غالبية المجتمع السعودي مستمدين من القيادات الرشيدة في المملكة وحذو حذوها في تكريم الشخصيات والمبرزين في مختلف المجالات من باب الوفاء ورد الجميل لكائن من كان وفي السنوات الأخيرة دأبت محافظة عنيزة كما في مدن ومحافظات مختلفة في المملكة لتكريم العلماء والمشايخ والرموز التي ساهمت في بناء هذه المحافظة قديماً وحديثاً وأصبح التكريم سنوياً لمن يترك منصبه ويترجل للتقاعد برعاية ومباركة من سمو أمير منطقة القصيم وسمو نائبه اللذين يوليان اهتماما كبير لتنمية ودعم هذا الجانب فبمجرد رعايتهم وحضورهم للتكريم.. بحد ذاته تكريم لأي شخصية وقد نال نصيب كبير من أبناء المحافظة حقهم في التكريم وبقي الكثيرون من الأحياء والأموات نظير ما قدموه من دور كبير وبارز في ميادين مختلفة ولعل آخر تكريم كان في المهرجان الثقافي الثالث 1432هـ قبل أسابيع إذ كرم كوكبة ممن كان لهم دور في مراحل مسيرة الجمعية الخيرية الصالحية والتي تعني بالشؤون الثقافية والاجتماعية وما يتعلق بها من حراك إضافة لمن كان لهم دور في نشأة التعليم في عنيزة وهذا نهج مقدر ومحسوب لمركز بن صالح الاجتماعي التابع للجمعية الخيرية الصالحية مركز الوفاء للأوفياء إلا أن هذا الجانب الذي رسمه المركز في عامه الثالث وما سبقه من مبادرات عبر عقوده الثلاثة يتطلب توسعاً أكثر للتكريم فهناك مجموعة كبيرة من المعلمات الفاضلات اللاتي بدأنا مسيرة التعليم النسائي قبل وبعد عام 1382هـ وما قبلهن من الكتاتيب والتعليم النظامي ومنهن الفاضلات نورة سليمان الرهيط وحصة السليمان الخليف ونورة السويل وعائشة السويل وحصة الجبر ومنيرة القاعان ونورة الدعاجا ومنيرة العيوني ومضاوي الدامغ وحصة السحيمي وفاطمة البلال ونورة القعيس وغيرهن ممن لا أعرفه رحم الله الجميع وأمد في أعمار ممن هن على قيد الحياة.

كما أن هناك من رجال التعليم من الكتاتيب والتعليم النظامي لم يشملهم التكريم فهناك ملاحظة على هذه النقطة أرجو أن يكون للمركز الاجتماعي دور في تكريمهم بالمهرجانات الثقافية القادمة والبحث عنهم في سجلات المركز ولا يكتفي بتكريم البعض وترك البقية وكون عنيزة أخذت على عاتقها الجانب التكريمي كوفاء ورد للجميل فهناك أسماء بارزة ولامعة لم تكرم ويمكن أن أقول أنها همشت مع الأسف الشديد فعند وفاة المرحوم الشيخ إبراهيم الحمد الدليقان طالبت في عدد الجزيرة برقم 13463 وتاريخ 17-8-1430هـ لجنة الأهالي التي تعرضت لهزات وتغييرات وإقصاء لرموزها ومؤسسيها إذ كان الفقيد من أبرز المؤسسين للهيئة الاجتماعية (مجلس الأهالي) والذي بذل الكثير من ماله ووقته متنقلا بين أروقة الوزارات والدوائر مطالبا ومتابعا للمشاريع، وعبر الهاتف وعدت بأن يكرم الدليقان وحتى تاريخه لم يتم أي تنفيذ للوعود وربما أن سبب تغيير الوجوه في المجالس هو ما جعلهم لا يميزون وينصفون هذا الرجل وإعطاؤه حقه ومثله الكثيرون أمثال الفقيد حمود العبدالعزيز العبيد الله -رحمه الله- مدير الأوقاف والمساجد بعنيزة الذي أمضى عمره في خدمة إدارتة ومجتمعه من خلال مشاركاته الاجتماعية والوطنية.

وهناك شخصية دينية اجتماعية بارزة من مواليد عنيزة عام 1341هـ ومن أهم الأعلام في المحافظة والذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 17-11-1431هـ وهو الإمام الشيخ العفيف سليمان بن محمد الصالح الجناحي وهو أحد الأئمة الأخيار وصاحب الصوت الشجي المؤثر والذي طالما أبكى المصلين الخاشعين في صلة التراويح والأعياد والاستسقاء، وكانت آخر وظيفة تقلدها رحمه الله أمين مكتبة عنيزة العامة التابعة للتعليم آنذاك وقد تولى إمامة أحد المساجد والتعليم في الشرائع بمكة المكرمة ثم مسجد حي الجوز بعنيزة خلافة لوالده رحمهما الله كما كان معلماً في المدرسة العسكرية القديمة بعنيزة وهو أول من رشح لقراءة القرآن الكريم في إذاعة جدة إبان افتتاحها وكان ينيبه زميله الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في إمامة المصلين وخطبة الجمعة وصلاة الاستسقاء والعيدين كما أمّ المصلين في شهر رمضان الكريم في جامع الاشرفية وكان رجل بسيط ووقور ومدرسة في الأخلاق مع ثروة من العلم والأدب وسرعة البديهة وخفة الظل والنوادر حتى أنه شوهد يحضر للصلاة في الجامع الكبير في عنيزة على دراجة هوائية ويضع (المشلح) في الكرسي الخلفي ويضع دراجته خلف الجامع ثم يخطب بالمصلين، وكان لي شرف إجراء لقاء مع الشيخ الجناحي بتاريخ 15-4-1404هـ ونشرته (الجزيرة) ومما احتفظ به من اللقاء قوله لقد تعلمت ودرست على يد والدي والذي كان يعمل إماما لمسجد الجوز ومعلما بالأجرة حيث تعلمت على يد الوالد القرآن الكريم حفظاً وعمري 18 عاما وعلم الفقه والتوحيد ويقول حفظت القرآن كاملا في سنة واحدة ثم بدأت بمساعدة الوالد وأنوب عنه في صلاة التراويح ويضيف أنني بدأت بطلب العلم على يد العلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي وكنت خلالها التمس لقمة العيش في العمل بالمزارع والطين والنخل وشاركت في بناء الجامع الكبير بالطين كعامل وكنت أدرس علم العقيدة وبلوغ المرام على يد الشيخ محمد العبدالعزيز المطوع بعض الفقه وكان من بين الزملاء أصحاب الفضيلة الشيخ علي محمد الزامل والشيخ محمد الصالح العثيمين والشيخ عبدالعزيز المساعد وغيرهم ودرست القواعد على يد الشيخ سليمان الشبل حيث درست القرآن على يد الشيخ سليمان مدة خمسة عشر عاما ويضيف في اللقاء أنهم كانوا يختمون القرآن كل شهر بتاريخ اليوم العاشر من الشهر بعد صلاة الفجر ويقول المرحوم سافرت إلى مكة والطائف قبل حصولي على الشهادة الابتدائية وعملت هناك مؤذناً وإذا غاب الخطيب خطبت عنه وفتحت مدرسة هناك للصغار في النهار والكبار في الليل وتخرج على يدي في هذه المدرسة رجال كبار وصغار وكان من بين طلابي مدير التعليم بمكة سهيل محمد المطرفي وسليمان الفريهيدي الذي وصل لوكيل وزارة التجارة وأخيه صالح وسليمان العبدالله العبدان وجمع كبير من المطارفة وسليمان العبدالله الحميدان وأخيه حمد وحمد البراهيم الحميدان وإبراهيم المحمد العبيد وغيرهم ويضيف أنه انضم للتعليم في معهد عنيزة والمدرسة العسكرية وفي عام 1380هـ حولت أمينا للمكتبة العامة في عنيزة ويقول الجناحي إنه في السبعينيات الهجرية كنت أول من افتتحت إذاعة جدة قارئا للقرآن الكريم وكانت تسمى الإذاعة اللاسلكية وأمضيت ثمانية شهور وأنا أقرأ القرآن وكنا نجتمع بفندق التيسير بمكة المكرمة وكان مدير الإذاعة إبراهيم الشوري ومن الزملاء الشاعر حسن عبدالله القرشي ومحسن باروم وطاهر زمخشري والفاسي وكانت القراءة على الهواء مباشرة ولا أدري هل هناك تسجيل أم لا. ومن ذكريات المرحوم يقول سافرت في عام 1372هـ بصحبة صديق إلى بيروت للعلاج وأذكر أنه جاءنا خبر وفاة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وقد أمضينا سنة كاملة وشاركت الدعوة بين سوريا ولبنان عن طريق المساجد والمناشير وكان رائد تلك الجماعات التي التقيتها الشيخ محمد عمر الداعوق وسعد مراد وكانت الدعوة إسلامية بحتة.

وأخيراً تمنيت بل كنت واثقاً من أدباء ومثقفي وأهالي عنيزة بجمعياتها ولجانها ومجالسها الكثيرة أن تنعي هذه الشخصية التي رحلت بهدوء مثلما عاش بهدوء لكن ما كتبه الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف من حريملاء في عدد (الجزيرة) 13615 وتاريخ 21-1-1431هـ قد أثلج الصدر في رثاء الفقيد حينما نشر سيرته وتحدث عن مراحل حياة الفقيد، جزاه الله كل خير وجعل ذلك في موازينه، غير أنني لازلت أطمح في مجتمع عنيزة أن يهتم بسيرة الشيخ وتكريمه بتخليد اسمه في أحد أجنحة المكتبات العامة ويجمع كل ما هو مكتوب لديه فهذا أقل ما يقدم لمن يحمل القرآن في صدره ولم يكن ممن يهتمون بالدنيا وحطامها الزائل رحمك الله يا شيخنا الكبير فقد افتقدناك وجعل مثواك الجنة مع حفظة القرآن إنه سميع مجيب.

– عنيزة

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة