Saturday  16/04/2011/2011 Issue 14079

السبت 12 جمادى الأول 1432  العدد  14079

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

سئل أحد المثقفين البارزين في بلادنا عن السر في غيابه المتكرر عن معظم المناسبات الثقافية والأدبية والتراثية فحاول التهرب من الإجابة لكن مع إصرار الإعلامي وطرحه للسؤال بأكثر من صيغة أجاب بأن السبب يعود إلى الشللية وأن من ينظمون تلك المناسبات يحرصون على دعوة من يرتبطون معهم بعلاقات مصالح وصداقة ويستبعدون غيرهم!

هذا التصريح الخطير ربما جاء في وقته ليكشف صورة من صور الفساد والذي تشكل الشللية إحدى صوره ومظاهره الرئيسية وهو ما يجعل هيئة مكافحة الفساد ورئيسها الأستاذ محمد الشريف في مواجهة مباشرة مع تنظيمات سرية أو شبه سرية جذورها تمتد في كل قطاع ودائرة تزحف فيها تماسيح الظلام لتبتلع الميزانيات وفرص المجتهدين وحقوق المتميزين وتتقاسمها وفق سياسات «شد لي وأقطع لك» «وأطعم الفم تستحي العين» المهم لا أحد يدري بالذي يدور وما يجب أن يعرفه الجميع أن الأمور تسير وفق الأنظمة واللوائح فقط على الورق أما ما يحدث في الواقع فكوارث لا تغتفر!

الشلة في الدائرة الحكومية لا تعمل تحت الأضواء الكاشفة لأنها تتستر بالأنظمة وتستفيد من نقاط القوة في الوحدات الإدارية وخاصة المهيمنين على الشؤون المالية وشؤون الموظفين والمشتريات والمناقصات وكل الوحدات الغنية ماديا ومن تملك حق اتخاذ القرارات المفصلية والخاصة بالتوظيف والترقيات والمكافآت والانتدابات وخارج الدوام, ويمسك بخيوط الشلة غالبا موظفون في مراتب دنيا من السلم الوظيفي لكن كلمتهم مسموعة وصوتهم عال! قد تستغرب أن أحد هؤلاء سكرتير المسؤول أو فراشه أو سائقه الخاص. السكرتير والفراش والسائق يحظون بالتقدير والاحترام وتقديم فروض الولاء والطاعة أكثر من المسؤول الأول! ولا أبالغ فقد شاهدت هذه الصور بعيني قبل سنوات فبعد إجازة أحد الأعياد وفد إلى مكتب المسؤول كل مديري الإدارات وبادروا قبل أي شيء بالسلام وتقديم فروض المعايدة لقادة الشلة المتمركزين في مكتب المسؤول الأول والذي لا يجرؤ على رفض أي طلب لقادة الشلة لأنه يستفيد منهم وفي نفس الوقت يفيدهم «وبارك الله فيمن نفع واستنفع»!

والشلة تجمعها وتوثق عراها روابط متينة لأن ما تقوم به من أعمال لا تحتمل الخطأ وتتطلب السرية التامة وأعضاؤها مشكلون من أفراد يتوزعون في كل الإدارات لينقلوا ما يدور على مدار الثانية ويزودون القادة بتقارير مفصلة عن بنود الميزانية والوظائف لهذه الأسباب ليس من السهل على أي موظف الدخول كعضو رسمي في شلة «حسب الله» فالأعضاء يختارون بعناية وأغلبهم أقارب أو أصدقاء أو من يرجى من ورائهم مصلحة أو من لديهم الاستعداد التام للتخلي عن مثالياتهم.

شلة السكرتير وشلة كبير الفراشين وشلة السائق الخاص وأي شلة أخرى لو تتبعت هذه الشلل ستجد أنها تلتقي في النهاية عند نقطة اتفاق واحدة ساعة تقاسم المصالح وتوزيع الغنائم. عند هذه النقطة تتفق آراء جميع زعماء الشلل.

اسأل نفسك إن كنت موظفا حكوميا هل لاحظت مثل تلك التكوينات الشللية في إدارتك؟ وهل حاولت تقصي جذورها ومنابعها؟ وهل وصلت إلى تصور يشبع نهمك عما يدور حولك؟.

قد تسلم بعض الإدارات من وجود تلك التكوينات السوسية الخطرة إذا كانت تطبق اللوائح والمعايير «والكل سواسية أمام القانون» لكن السؤال كم نسبة هذه الإدارات النزيهة إلى مجمل الإدارات الحكومية من وزارات وإدارات عامة؟

Shlash2010@hotmail.com
 

مسارات
الشللية من صور الفساد
د. عبد الرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة