Wednesday  20/04/2011/2011 Issue 14083

الاربعاء 16 جمادى الأول 1432  العدد  14083

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

باستثناء مدينة جدة والتي تحتضن أكثر من 650 مجسماً ولوحة جدارية، وباستثناء بعض مدن ومناطق المملكة، ذات المجسمات الجمالية المبتكرة - مثل البكيرية على سبيل المثال - ستجد أن المجسمات الجمالية في مدن المملكة ماهي إلا انعكاس للتراث الشعبي السعودي فقط، تستوحي الأفكار منه على نطاق محدود.

دلة، إبريق، تمر، مبخرة، نجر، رحى... وغيرها، ومن أراد أن يجدد من رؤساء البلديات والأمانات وضع (صميلاً) أو (مغزلاً)، والبعض وضع برجي المملكة والفيصلية!

ونحن لا نعترض على فكرة بلورة الروح المجتمعية المتمثلة في الكرم والضيافة والتي تحاول هذه المجسمات إبرازها للزائرين وللغرباء، ولكن إضفاء طابع موحد وكلاسيكي على هذه المجسمات جعل العقليات البلدية تتأطر بهذه المناظر والمجسمات، وكأنه لا يوجد غيرها أو أفضل منها، وهي التي باتت لا تعكس الثراء الفني المتوقع الذي تعيشه بلادي بمناطقها المختلفة وبثقافاتها المتعددة.

لقد زرت مناطق كثيرة وجميلة في بلادي لا أشعر أنني انتقلت من منطقة لأخرى، المجسمات هي ذاتها والفكرة لا تتغير بل تتكرر كثيراً، والسبب أن الأمانات والبلديات قد أسندت معظم هذه الأعمال لعمال من الجاليات الآسيوية والتي تستخدم أدواتها البسيطة من حديد وأسمنت لتشكيل مجسمات وبوابات هي إلى القبح أقرب منها إلى الجمال، لأن العين ألفتها وملتها وإن كانت في بدايتها جميلة.

ثمة مدن تاريخية وعظيمة في بلادنا مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة لا تجد في مداخل هذه المدن العظيمة وتحديداً المدينة المنورة لا تجد فيها ما يشدك من مجسمات جمالية تعكس تطور المدينة وأهميتها، وسمتها الدينية كثاني مدينة تشد إليها الرحال بعد قبلة للمسلمين مكة المكرمة، باستثناء فكرة مكررة عبارة عن شلالات تهدر الماء على جبالها السمراء، أما المجسم العثماني عند الدخول إلى مسجد قباء بقي وحيداً لا يتحدث بلغة بلدي، ولا يعيش زمنها الحضاري، إضافة إلى مدخل المدينة الخاوي من جهة الرياض وتبوك.

ونحن إذ نؤكد عليهما باعتبارهما المدينتين اللتين يزورهما سنوياً أكثر من ثلاثة ملايين حاج ومعتمر، فهل يعقل أن لا يقابلك إلا الكتاب الشهير (طريق مكة - جدة)، عدا ذلك لا شخصية فنية وجمالية تميز هاتين المدينتين اللتين ينتظران منا الكثير وننتظر منهما الكثير.

ورغم ثقتي المطلقة بوجود الجمال والإبداع مرفرفاً فوق منطقة مكة المكرمة عن طريق أميرها المبدع (صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل) الرسام والشاعر والإداري والمفكر، والذي حول المنطقة الجنوبية وعسير إلى قبلة سياحية بامتياز، هاهو يسعى لتحويل قبلة المسلمين إلى تحفة فنية وهو قادر بإذن الله على ذلك لوجود الرؤية الفنية والخبرة والحنكة الإدارية. ويظهر ذلك في تجارب سموه السابقة مثل الاستعانة بمؤسسة اللورد البريطاني نورمان فوستر ذلك المصمم المعماري الشهير والتي صممت مؤسسته برج الفيصلية في الرياض، وسبق لسموه الكريم أن دعا العديد من الرسامين التشكيليين العالميين لمنطقة عسير لتلمس الجمال ونثر الإبداع عبر الريشة العالمية الناطقة بجمال المدينة، يا لها من فكرة مبتكرة!

والحقيقة أنني أطالب وزير الشؤون البلدية والقروية وأمناء المناطق ورؤساء البلديات بإعادة النظر في « ثقافة المواعين « تلك الرابضة على مداخل أكثر مدننا وقرانا، واستحداث أفكار إبداعية تأخذ طابع المناطق نفسها وتكون عنصراً فنياً لا تخطئه عين الجمال التي تراها مبتكرةًً وباقيةًً في ذاكرة الزائرين مثلما علق في أذهاننا تمثال الحرية في نيويورك على سبيل المثال والأبراج والميادين والمجسمات العالمية الشهيرة.

ولا بد والحال كذلك من اللجوء إلى فنانينا التشكيليين الذي يعانون من التجاهل لمواهبهم الفريدة مما حدا بأكثرهم إلى الاتجاه إلى من يقدر فنهم عبر مؤسسات فنية وإعلامية خارج البلاد مثل وكالات أنباء والمؤسسات الربحية الفنية وغير ذلك، كما أن معلمي التربية الفنية الجامعيين في مدارسنا مؤهلون بما فيه الكفاية لابتكار مجسمات وأفكار تصميمية رائعة تخلد تراثنا المتنوع وتجعل من فنانينا عملة رائجة ترسم الجمال بريشة محلية أصيلة بدلاً من الهدر المالي والفني الذي يرفضه الفكر والخيال قبل العين، فمن يستفيد من فناني المملكة، ويشغل طاقاتهم المعطلة لاستبدال (ثقافة المواعين) بثقافة الواعين؟

Mk4004@hotmail.com
 

مجسماتنا.. ثقافة (المواعين)!
منيف خضير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة