Thursday  21/04/2011/2011 Issue 14084

الخميس 17 جمادى الأول 1432  العدد  14084

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

ورحلت الموسوعة ضبيبة
د. إبراهيم بن أحمد الضبيب

رجوع

 

الحياة ليست حكراً على إنسان ولو خلد الإنسان لخلد الرسل، فنحن في هذه الحياة ومضات ما أن تنير حتى يطلبنا الخالق سبحانه وتعالى إلى جواره، فعندما كنت صغيراً لا يطرأ على تفكيري أن ضبيبة سوف تدعى إلى الخالق مثل بقية البشر لصغر مخيلتي، فهي معجم إنساني ما أن تبحث فيه عن مسألة من المسائل الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الطبية أو الشعر الشعبي أو الشيم العربية إلا تجده في هذا المعجم، طويت صفحات هذا المعجم إلى العالم الآخر.. ونحن لازلنا نتذكر صوت أبناء ذلك المعجم الذي يتعدى مائتين وستين ولداً وحفيداً وجميعهم يقولون (ماما ضبيبة) وهم لا يعرفون أسمها الحقيقي؛ ومنهم من يحمل الدرجات العلمية العليا ومن بزغ نوره بين رجال الأعمال المعروفين ومن يخدم هذه الدولة متخذاً معجم ضبيبة سنداً ينهل منه معاني الوفاء والحب لهذا الوطن، فقد كتبت أول صفحات هذا المعجم قبل مئة سنة حيث ولدت العمة/ منيرة بنت عبدالله بن صالح الضبيب -رحمها الله- بمدينة المجمعة سنة 1332ه وتوفيت يوم الثلاثاء الثاني من جماد الأول سنة 1432ه ولقبتها البادية ب(ضبيبة) نسبة إلى أهلها أسرة الضبيب، وتعارفوا عليه لكونها رحمها الله فتحت بابها لعلاج أطفالهم ونسائهم دون مقابل..



وقد عاشت ضبيبة فترة مع زوجها في أرياف المجمعة في منطقة يطلق عليها (المزية) وهي مزارع تقع جنوب المجمعة بين جبال لا يوجد فيه الحيوانات المفترسة مثل الذئاب والضباع، وفي ظل الخوف وجوع السباع تلجأ إلى منزلها بعد العصر خوفاً من هذه الحيوانات المتوحشة خاصة أنها كانت تقضي أياماً طويلة في تلك المناطق النائية لوحدها عند غياب زوجها لظروف عمله في الرعي والزراعة وطلب المعيشة..

وقد عرف عنها قوة الذاكرة حيث حفظت عدداً من سور القرآن الكريم في صغرها بمتابعتها قراءة الشيخ عبدالرحمن بن صالح أمام مسجد أركية ناصر بالمجمعة الملاصق لمنزل والديها..

كما أنها تقول وتحفظ الشعر وتنشده بصوت تستلذ له القلوب؛ وكانت تردد قصيدة من أبيات لها منها:

(فكرة بالدنيا ولها غرابيل

والكل منا شارب من نكدها)

عندما ازدحم المعزين بها في بيتها تذكرت عندما كنت صغيراً نزاحم الناس في بيتها من أجل السلام عليها عند زيارتنا لها، قبل عشرين سنة، فقدت بصرها وظلت رحمها الله تعرف الناس من أصواتهم حتى على الهاتف.. وقبل سنتين من وفاتها كانت تتفقد أحوال وصحة أبنائها وأحفادها وأقاربها بأسمائهم، لن أنسى الحياء التي كانت تتحلى به؛ فقد كانت تسحب خمارها على وجهها دون شعور حتى عندما كانت فاقدة للوعي في أيامها الأخيرة، وكانت وصيتها دائماً لبناتها وحفيداتها التحلي بالحشمة والحياء. ماتت ضبيبة ولم تكشف وجهها للرجال حتى على شاشة التلفزيون وكانت توصي أيضاً بأن لا يكشف وجهها عند مرضها للرجال مهما كانت الحاجة ماتت ضبيبة ولازالت تشنف أذاننا بقصصها ورواياتها وحكمها وشعرها المستوحى من قسوة الحياة في الماضي والرخاء في الحاضر ماتت ضبيبة وأطفالنا ينشدون بذكرها قصائد الحب والعطف والحنان وحب الوطن.. ستظل ذكراك عالقة على جدران منازل أولادك وأحفادك وكل شخص تمثلين له رمز الأمومة، عفواً ضبيبة فإن الأحرف والكلمات لا تفيك فأنتِ تاريخ يستحق الوقوف عليه وسيرتك مشكاة يستنير بها بنو جنسك..

عزاءنا لوالدي الذي ظل يردد اسمك في كل موقف بعد مماتك وعزاءنا لأبنائك وبناتك جيلك اللاتي مثلتهن برجاحة عقلكِ وحيائكِ وحكمتكِ.

drdhobaib@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة