Friday  22/04/2011/2011 Issue 14085

الجمعة 18 جمادى الأول 1432  العدد  14085

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الاهتمام بتطوير الذات ظهرت بوادره الأولى والمنضوية تحت التنظيمات المؤسسية في الغرب قبل أكثر من ثلاثة عقود عن طريق التدريب والممارسة. أبسط تعريف لتطوير الذات أنه يعني تغيير الفكر والسلوك نحو الأفضل أو بمعنى آخر إصلاح عيوب الفرد ليتحول إلى إنسان قادر على التعايش مع الآخرين وعلى تصريف شئونه الخاصة وقد ندب الدين الإسلامي إلى تغيير مافي النفس وأن هذا التغيير هو الأساس في تغيير المجتمعات قال الله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».. إصلاح النفس لا يشمل السلوكيات الظاهرة فقط وإنما أيضاً القناعات المترسخة وبتغييرها يحدث توافق بين الباطن والظاهر ليكون ظاهر الفرد مطابقاً لباطنه أو صورة لما يحمل في داخله ويتبدل سلوك الإنسان إلى سلوك مرغوب وأكئر قبولا لدى الأسوياء.

كيف يحول الإنسان العبوس والتكشير إلى ابتسامة عريضة تجذب القلوب؟ وكيف يتخلص من الأنانية وحب الذات إلى حب الغير ومن سلوك الغضب في أيّ موقف إلى الهدوء وضبط الانفعالات ومن استخدام الكلمات البذيئة إلى اختيار الكلمات الطيبة وتعديل القناعات السلبية إلى قناعات أكثر إيجابية بتحويل اليأس إلى تفاؤل والإحباط إلى أمل وفراغ النفس إلى أيمان يعمر القلوب؟.

قد نعتبر أن في هذا الطرح لإصلاح العيوب نوعاً من المبالغة أو المثالية الزائدة لكن لا بأس فالإنسان السوي المتطلع إلى الأفضل يسعى في حياته لبلوغ هذه المثالية والتي لن يحققها كاملة لكنه سيظفر منها بالقدر الذي يجعله في عيون الناس كبيراً.

بعضنا لا ينشغل بإصلاح عيوبه وتطوير ذاته تعليماً وتدريباً وممارسة وإنما يصرف جل وقته في نقد الآخرين وتتبع زلاتهم والانتقاص من شخصياتهم وقدراتهم وماحققوه من إنجازات وإرجاع ما وصلوا إليه من شأن إلى عوامل خارجية مكنتهم من القفز والوصول إلى المرتبة العالية والمال والشهرة والجاه وحسن المنطق والمؤهلات العالية ومحبة الناس وإلغاء ما بذلوا من جهود ومثابرة وسهر وكد وعطاء. انشغال الإنسان بعيوب غيره بمثابة ورقة التوت التي يحاول أن يغطي بها عيوبه وتقصيره وكسله وعجزه وتسويفه وضعف قدراته في مجاراة الناجحين.

إذا كنا بالفعل نبحث عن تصيد الأخطاء والعيوب ونفرح كثيراً باكتشافها والتعليق عليها والسخرية من أصحابها فعلينا أن لا نذهب بعيداً ونجهد أنفسنا علينا أن نتوقف ولو لبرهة يسيرة في أماكننا ثم نتعمق في دواخلنا لأننا سنعثر على كثير مما نبحث عنه في أنفسنا «ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة».

في الغالب نرى الآخرين من خلال مزايانا أوعيوبنا والتي تلون النظارة التي نضعها على عيوننا فإن كانت بيضاء رأينا الآخرين بعيون المحبة والإيثار وحسن النية في كل تصرف أوسلوك يبدر منهم وإن كانت سوداء رأيناهم بعيون الكره والحقد وسوء النية. عندما نرتدي النظارة السوداء وننظر بمنظار الحسد والغيرة لن نرى الناجحين والمبدعين والمتميزين سوى أشخاص خدمتهم الظروف رغم محدودية إمكاناتهم من وجهة نظرنا لكن الواسطة والمحسوبية والمجاملة أوصلت هذا ليكون علماً بارزاً وذاك ليكون خطيباً مفوهاً أوكاتباً بارعاً.

وقس على ذلك لولبسنا نظارة الكبر أو الغرور أوالإحتقار كيف ستكون نظراتنا لغيرنا؟ وفي المقابل لوحاولنا تنظيف عدسات النظارة وتلميع زجاجها بإصلاح نفوسنا من الداخل كيف ستبدو لنا صور الناس الآخرين من حولنا؟.

* Shlash2010@hotmail.com
 

مسارات
إصلاح العيوب
د. عبد الرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة