Friday  22/04/2011/2011 Issue 14085

الجمعة 18 جمادى الأول 1432  العدد  14085

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

سلطتان لا تجتمع في دولة إلا وقد تحقق فيها الشرط اللازم لخروجها من نادي دول العالم المتقدمة. الحكومة والاقتصاد، قوتان هما الأعلى صوتا عند النقاش وهما الأقوى حجة عند الخلاف وهما الأغلب عند النزاع وهما الأشد أثرا في قلب القلوب وتغيير الاتجاهات وتبديل الآراء والأحكام.

منذ نشأة الدولة التي تحكم المجتمعات من قديم الزمان والسلطة الحكومية والسلطة الاقتصادية هي مشدات لأي مجتمع مدني تشده من جهتين متعاكستين فتقيمه مستقيما غير معوج ولا منحي، عموديا منتصبا وجهه إلى السماء، ومن كان وجهه إلى السماء فهو ناشد للعدالة وطالب للمعالي قد يصيب وقد يخطئ، ولكن صوابه أكثر من خطئه. وكلما قربت سلطة من أخرى انحرف المجتمع عن استقامته وانصرف وجهه عن السماء وأعوج انتصابه فأصبح مائلا إلى الأرض.

وقد سبرت دول العالم الثالث فلم أجد جامعا يجمع بينها على اختلاف أديانها وأعراقها وألوانها وثرواتها الطبيعية إلا جامعا واحدا هو كونها أنها كانت أو ما زالت الدولة فيها تجمع بين سلطتي الحكومة والاقتصاد أو ما يسمى بالتخطيط المركزي.

فلو نظرنا إلى دول العالم الثالث واتبعنا الطريقة المنطقية (التي يسميها الأصوليون المسلمون بالسبر والتقسيم) في استنباط العلة الجامعة بين تخلف هذه الدول حضاريا وصناعيا وعلميا، فسنجد أن البترول (إن كانت الدولة دولة نفطية) ليس بعلة فهو موجود في النرويج وهولندا وكندا وهي دول متقدمة. وكذا العكس صحيح، فالبترول غير موجود في دول أخرى متقدمة أو قد دخلت نادي الدول المتقدمة ككوريا وهونغ كونغ واليابان وكذا الأمر منضبط في دول لا تملك البترول وهي متخلفة وهي كثير. وسنجد أن الإسلام لا علاقة له فهناك دول كثيرة جدا متخلفة، ممعنة في التخلف، وهي ليست مسلمة وكذا هناك دول متقدمة وهي مسلمة كسنغافورة وماليزيا (إلى حد ما). وكذلك إذا نظرنا إلى الأعراق كالسواد والبياض والعروبة والأوربية والأردية وغيرها لأخرجنا الأعراق من كونها علة للتخلف، لأن التقدم والتخلف الحضاري والعلمي والصناعي موجود في جميع الأعراق والألوان. ومن ثم فإننا لن نجد إلا اجتماع سلطتي الحكومة والاقتصاد في يد الدولة علة جامعة بين الدول المتخلفة حضاريا وكونها من دول العالم الثالث. وكذا لو اتبعنا القول بصحة دوران العلة لوجدنا أن حكمنا بتخلف أي دولة في العالم يدور مع دوران هذه العلة ( التخطيط المركزي قديما أو جزئيا حديثا) وجودا وعدما.

ومن الشواهد العامة، أن من أسباب تحقق الإمبراطورية لأمريكا دون غيرها (كروسيا والصين) أن الدولة هناك تفصل فصلا واضحا بين هذين السلطتين. فالدولة لا تملك شيئا من الاقتصاد، وحتى عندما اشترت الحكومة الأمريكية أسهما لبعض شركاتها في الأزمة المالية الأخيرة جعلتها أسهما ممتازة لكي لا يكون لها حق في التصويت والإدارة.

إنه مما يسكت عنه في أطروحات المناهضين لتخصيص الاقتصاد وحرية الأسواق أن اجتماع قوة الدولة مع قوة الاقتصاد يوجد شرط الدكتاتورية، وهو شرط لازم ولكنه غير كاف لتحقيق الدكتاتورية، فالشرط لا يلزم من وجوده الوجود ولكن يلزم من عدمه العدم، فلا يمكن تحقيق الديكتاتورية إذا لم تجتمع السلطتان ولكن يمكن أن تجتمع السلطتان ولا تتحقق الدكتاتورية وهذا هو معنى الشرط اللازم، والفساد تطبيق من تطبيقات الدكتاتورية.

hamzaalsalem@gmail.com
 

المسكوت عنه
الدول بين التخطيط المركزي وتخصيص الاقتصاد
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة