Friday  22/04/2011/2011 Issue 14085

الجمعة 18 جمادى الأول 1432  العدد  14085

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

من حقوق المسلم في الإسلام
د.فهد بن عبدالرحمن السويدان*

رجوع

 

الحق الأول: السلام

فالسلام سنة مؤكدة وهو من أسباب تآلف المسلمين وتوادهم، كما هو مشاهد وكما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أخرجه مسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ من لقيه بالسلام ويسلم على الصبيان إذا مر بهم. والسنة أن يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير والراكب على الماشي ولكن إذا لم يقم بالسنة من هو أولى بها فليقم بها الآخر لئلا يضيع السلام، فإذا لم يسلم الصغير فليسلم الكبير وإذا لم يسلم القليل فليسلم الكثير ليحوز الأجر. قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: (ثلاث من جمعهن فقد استكمل الإيمان: الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والإنفاق من الإقتار). وإذا كان بدء السلام سنة فإن رده فرض كفاية إذا قام به من يكفي أجزأ عن الباقين، فإذا سلم على جماعة فرد واحد منهم أجزأ عن الباقين قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)(النساء:86).فلا يكفي في رد السلام أن يقول: أهلا وسهلا فقط، لأنها ليست أحسن منه ولا مثله؛ فإذا قال: السلام عليكم. فليقل: وعليكم السلام. وإذا قال: أهلا فليقل أهلاً مثلا بمثل. وإن زاد تحية فهو أفضل.

الحق الثاني: إذا دعاك فأجبه

أي إذا دعاك إلى منزله لتناول طعام أو غيره فأجبه، والإجابة إلى الدعوة سنة مؤكدة، لما فيه من جبر قلب الداعي، وجلب المودة والألفة ويستثنى من ذلك وليمة العرس، فإن أجاب فإن الإجابة إلى الدعوة إليها واجبة بشروط معروفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله) أخرجه مسلم.

ولعل قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعاك فأجبه) يشمل حتى الدعوة لمساعدته ومعاونته فإنك مأمور بإجابته فإذا دعاك لتعينه في حمل شيء أو إلقائه أو نحو ذلك فإنك مأمور بمساعدته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) أخرجه البخاري.

الحق الثالث:

إذا استنصحك فأنصحه: يعني إذا جاء إليك يطلب نصيحتك له في شيء فأنصحه لأن هذا من الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) أخرجه البخاري.

أما إذا لم يأت إليك يطلب النصيحة فإن كان عليه ضرر أو إثم فيما سيقدم عليه وجب عليك أن تنصحه وإن لم يأت إليك، لأن هذا من إزالة الضرر والمنكر عن المسلمين، وإن كان لا ضرر عليه فيما سيفعل ولا إثم ولكنك ترى أن غيره أنفع له فإنه لا يجب عليك أن تقول له شيئا إلا أن يستنصحك فتلزم النصيحة.

الحق الرابع:

إذا عطس فحمد الله فشمته، أي قل له: يرحمك الله، شكرا له على حمده لربه عند العطاس أما إذا عطس ولم يحمد الله فإنه لا حق له، فلا يشمّت لأنه لما لم يحمد الله كان جزاؤه أن لا يشمت.

وتشميت العاطس إذا حمد فرض، ويجب عليه الرد فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، وإذا استمر معه العطاس وشمته ثلاثا فقل له في الرابعة: عافاك الله. بدلا عن قولك: يرحمك الله.

الحق الخامس:

إذا مرض فعده، وعيادة المريض زيارته وهي حق له على إخوانه المسلمين، فيجب عليهم القيام بها وكلما كان للمريض حق عليك من قرابة أو صحبة أو جوار كانت عيادته أوكد.

والعيادة بحسب حال المريض وبحسب حال المرض فقد تتطلب الحال كثرة التردد إليه، وقد تتطلب الحال قلة التردد إليه، فالأولى مراعاة الأحوال، والسنة لمن عاد مريضا أن يسأل عن حاله، ويدعو له ويفتح له باب الفرج والرجاء، فإن ذلك من أكبر أسباب الصحة والشفاء وينبغي أن يذكره التوبة بأسلوب لا يروعه، فيقول له مثلاً: إنك في مرضك هذا تكتسب خيراً، فإن المرض يكفر الله الخطايا ويمحو به السيئات، ولعلك تكسب بانحباسك أجراً كثيراً بكثرة الذكر والاستغفار والدعاء.

الحق السادس: إذا مات فاتبعه

فاتباع الجنائز من حقوق المسلم على أخيه، وفيه أجر كبير، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تبع الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان) قيل: ما القيراطان ؟ قال: مثل الجبلين العظيمين) أخرجه البخاري.

سابعا: ومن حقوق المسلم كف الأذى عنه

فإن في أذية المسلمين إثما عظيماً قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (الأحزاب:58) والغالب أن من تسلط على أخيه بأذية فإن الله ينتقم منه في الدنيا قبل الآخرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) أخرجه البخاري.

حقوق المسلم كثيرة جدا، ولكن يمكن أن يكون المعنى الجامع لها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم) فإنه متى قام بمقتضى هذه الأخوة اجتهد أن يتحرى له الخير كله وأن يجتنب كل ما يضره.

أن يرد تحيته - وأن يستر عورته - ويغفر زلته - ويرحم عبْرته - ويقيل عثرته - ويصون حرمته - ويقبل معذرته - ويرد غيبته - ويديم نصحه - ويحفظ خلته - ويرعى ذمته ولايماطله - ويقبل هديته - ويكافئ صلته - ويشكر نعمته - ويحسن نصرته - ويقضي حاجته - ويشفع مسألته - ويرد ضالته - ويواليه ولا يعاديه - وينصره على ظالمه - ويكفه عن ظلمه غيره - ولا يخذله - ويحب له ما يحب لنفسه - ويكره له ما يكره لنفسه.

هذه من الحقوق والواجبات الكفائية، إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، وقد تكون من الواجبات العينية على بعض المسلمين على بعض. والواجبات الكفائية أفضل من الواجبات العينية في بعض الأحيان، لأن الواجبات الكفائية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين وإذا تركها الجميع أثموا، وفي الإخلال ببعضها إخلال بالدين، نحو جهاد الطلب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحوهما.

فالحذر كل الحذر من التهاون في هذه الواجبات الكفائية، والحرص على القيام بها، خاصة إذا تعينت وتُركت، وتهاون فيها المتهاون، وعجز عنها العاجزون، فعند ذلك فليتنافس المتنافسون، وليجدّ المجدّون، وليتنبه المقصرون.

وأسأل الله أن يوفقنا وجميع إخواننا المسلمين لما يحب ويرضى، وأن ييسرنا اليسرى، وينفعنا بالذكرى، ويجمع لنا بين خيري الدنيا والآخرة، ويسعدنا في الدنيا والاخرة.

*مستشار قضائي وأستاذ أكاديمي وعضو التحكيم والمصالحة وكاتب

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة