Saturday  23/04/2011/2011 Issue 14086

السبت 19 جمادى الأول 1432  العدد  14086

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نزلت المساواة في يوم الحساب كتشريع إلهي قبل أن يصل إليه الإنسان بعشرات القرون، فالله عز وجل قال في محكم كتابه الكريم {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}، وكان ذلك الوحي الإلهي ظاهراً في خطاب خادم الحرمين - حفظه الله - في أكثر من مناسبة، عندما أكد - وفقه الله - في أكثر من مناسبة، الدعوة للمساواة تحت مظلة الشرع والقانون في المملكة، وأن لا أحد فوق القانون، كان آخرها عندما أطلق هيئة حماية النزاهة ومكافحة الفساد المالي والإداري، وأن أي جهاز حكومي أياً كان سيكون تحت مراقبة الهيئة.

إنفاذاً للأمر الملكي الكريم صرح في الأمس القريب مصدر مسؤول بوزارة الداخلية عن إحالة محاضر استدلال تشمل (302) شخص و(30) شخصية اعتبارية تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية، إلى الجهات المختصة لمباشرة إجراءات التحقيق معهم، وتحديد المسؤولية الجنائية والإدارية على خلفية كوارث جدة الشهيرة، وفي هذا الإعلان حياة ومستقبل كبير لأبناء هذا الوطن، إذ لا يمكن على الإطلاق المحافظة على المكاسب الوطنية العظيمة إلا بملاحقة المخالفين لمبدأ النزاهة.

تستحق كارثة في حجم ما حدث في جدة ذلك الاهتمام الإعلامي والحكومي، لكن قيل إن النار من مستصغر الشرر، والتحدي الحقيقي يكمن في البحث عن الفاسدين إدارياً ومالياً قبل أن يطغى فسادهم وتظهر آثاره وتحدث الكارثة مرة أخرى، وما تم تحقيقه يجب الإشادة به، ولا شك أن المسؤولية تقع على عاتق البيروقراطية التي تعتبر - حسب وجهة نظري - العائق الأهم أمام تطبيق قانون مكافحة الفساد الإداري والمالي واستيفاء الحقوق، كما تقع اللائمة على أولئك الذين يحمون الفاسدين في وزاراتهم أو مؤسساتهم، وعلينا أن ندرك أن الكارثة لا تعني فقط الكوارث المادية، ولكن أيضاً هدر مصالح الناس وتعطيل منافعهم بسبب الإصرار على تولي الشخصية غير النزيهة موقع المسؤولية في الخدمة العامة.

كذلك يحتاج الأمر إلى تنظيم قضائي أكثر تخصصاً وأسهل إجراءً، وإلى مزيد من الشفافية في الوصول إلى قضايا الفساد في رابعة النهار، وإلى أولئك الذين يخونون مبادئ المسؤولية عندما يعملون على حماية الفاسد المالي أو الإداري المتسلط والمخالف لمبادئ النزاهة الإدارية، وتلك مسألة أخرى تعاني منها بعض المؤسسات الحكومية، فبعض المسؤولين يرفض تطبيق النظام عندما يغطي عمداً مخالفات مالية وإدارية مهنية خطيرة، بل يتجاوز الأمر في إفساد مصالح الناس من خلال إصراره على عدم أهمية الالتزام بمبدأ النزاهة في العمل.

صفة النزاهة ومهارة القيادة شرطان لا يجب أن ينفصلا عن بقية شروط تولي المناصب الإدارية، ومن أجل أن تكون النزاهة طبيعة اجتماعية، يجب تفعيل الدور الرقابي الذي يصل دون معوقات إلى المخالفين والفاسدين، ولا يجدي الدور التربوي فقط في إحداث النقلة الحضارية في المجتمع، والأجدى أن تتم معاقبة المسؤول إذا خالف التشريعات العامة، وأن لا تتم حمايته، ولعل أكثر إشكالية تواجه حماية النزاهة ومراقبة الفساد في المجتمع السعودي روابط العلاقات الخاصة، والتي قد تعطل معاقبة الإداري غير النزيه والمتسلط أو الفاسد المالي، بل قد تتم مكافأته عبر مكالمة هاتفية للمدير أو الوزير المسؤول، وتلك أهم التحديات أمام تطبيق مكافحة الفساد..

يجيد بعض المنتفعين سواء من المواطنين أو الوافدين تمثيل دور الإنسان الأمين الطاهر أمام الوزير أو المسؤول الكبير أو صاحب النفوذ، في حين أنهم على المستوى العملي لا يتمتعون بالنزاهة، يدمرون النجاحات، ويتسلطون، ويجرمون بمصالح الناس وبحق الذين اختاروا أن يعملوا بصمت، وإن حدثت مساءلتهم عن تجاوزاتهم القانونية، يستدعون علاقاتهم الخاصة أيضاً من أجل حمايتهم، وفي ذلك تظهر وجوه استغلال الممانعة في أوضح صورها لقرار حماية النزاهة ومكافحة الفساد.. وتلك هي العقبة التي لا يمكن تجاوزها إلا بإبعاد المحسوبية عن تدخلها السافر في تطبيقات القضاء والنظام العام، وأن لا حماية لفاسد.

 

بين الكلمات
لا حماية لفاسد
عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة