Saturday  23/04/2011/2011 Issue 14086

السبت 19 جمادى الأول 1432  العدد  14086

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم صاحب علم وورع، تشهد له بذلك نفسه اللوامة التي تخشى أن تُسأل يوم القيامة وهي جاثية تحت العرش عن علم كتمه أو دليل حرفه أو تأوله على غير وجهه. هذه النفس التقية دفعت بالشيخ (وبحضور الشيخ الدكتور الفاضل سعود العصيمي) للاجتماع بي عدة مرات من أجل فهم وجهة نظري في مسألة عدم ربوية الفلوس المعاصرة. فهذه المسألة قد هُجر البحث فيها منذ أكثر من أربعين سنة فلم يتجدّد فيها شيء على الإطلاق رغم تغيُّر المعطيات واختلاف ديناميكية الاقتصاد المالي والإنتاجي وظهور نتائج نظريات السبعينات والثمانينات الاقتصادية وانفتاح الناس على العلوم المعاصرة، فلا حجّة لأحد بادعاء الجهل والغفلة عن حقائق الأمور.

هذه الفجوة الزمنية الواسعة بكثرة متغيّراتها أدركها الشيخ الأطرم فعلم أنّ المسألة تحتاج إلى تأمُّل قبل الخوض فيها بما ترسب من بقايا المعلومات القديمة التي درسها أو درسها في الجامعات، أو تناولتها بحوث التكرار والإعادة هنا وهناك. موقف الشيخ الأطرم من عدم الاستعجال في تكرار بقايا رواسب ما قيل في هذه المسألة من أربعين سنة، هو موقف فضلاء كبار علمائنا حفظهم الله الذين التقيت بهم وسألتهم في هذه المسألة. فقد التقيت بفضيلة الوالد سماحة المفتي وراجعته في هذه المسألة، وقد شهد لي عدة مرات في ذلك الاجتماع بقوله «أشهد أنك فقيه» - وإن كان سماحة الوالد لم يتفق معي مطلقاً - ولكن هذه شهادة أعتز بها، لذا فقد استثنيتها فصرحت بها هنا دون ما دار بيننا من نقاش في ذلك المجلس، لأنه - حفظه الله - طلب مني أن لا يُنشر النقاش على المستوى الصحفي. وكذا فعل فضيلة الشيخ صالح اللحيدان - حفظه الله تعالى - عندما سألته عن موقفه في تحفُّظه عن فتوى هيئة كبار العلماء عام 1972م التي رأت إطلاق الثمنية علة لجريان الربا في الفلوس المعاصرة، فلم يجد حرجاً وهو العالم المشهود له أن يقول قد نسيت، ثم طلب مني أن أجعل بحثي في هذه المسألة رسالة علمية أحصل بها على درجة علمية. وعلى نفس هذا الخط من العلماء الربانيين فعل الشيخ الدكتور صالح بن حميد عندما سألته في مجلسه أمام الناس عن هذه المسألة، فلم يجد حرجاً أن يجيب بأنه لا يعرف منها إلاّ قرار هيئة كبار العلماء عام 1972م، فالعلماء الربانيون على مدى الدهور هذه ديدنهم إنْ سُئلوا عن مسائل لم يبحثوها بحثاً مفصلاً أو قد نسوها مع طول العهد لعدم نقاشها. ولذا فقد كان نحو هذا هو جواب عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور قيس المبارك، حفظ الله الجميع ومتعنا بهم.

وعودة إلى الشيخ الأطرم، فقد كان - حفظه الله - بعد كل اجتماع يطلب مهلة لبحث المسألة من أجل الرد عليها، لأنّ طرحي للمسألة ليس من أجل إثبات بأنها مسألة خلافية، بل لأنها مسألة من وجهة طرحي لها على ضوء المعطيات والمتغيّرات الجديدة، لا يكاد أن يجد المخالف دليلاً شرعياً جديداً أو قديماً سالماً من النواقض الشرعية والأصولية يقول بربوية الفلوس المعاصرة. وقد لخصت المسألة في قاعدة لا يمكن كسرها أو الخروج عنها في حصرها بثمنية عين الشيء أو صفته الغالبة أو إطلاق الثمنية، فالعلتان الأوليتان لا تنسحبان على الفلوس، وأما الثالثة وهي الإطلاق فيستلزم منه خروج الذهب والفضة من جريان الربا فيهما اليوم. وقد لجأ البعض من أجل إيجاد مدخل على طرحي هذا، إلى العلل المنصوص عليها أو التعبدية فهي مقصورة خلقة ووضعها موضع العلل الظنية، وكل ذلك بخلط المسائل الأصولية وضعف في المنطق، والجزم في نتيجة تحتمل العكس تماماً. فأصول الفقه علم منطق ومن لا يجيد المنطق فليس بأصولي وإن حفظ كتب الأصول. فلا يستعجل أحد قبل التأمُّل وليجعل من كبار علمائنا ومن الشيخ الأطرم قدوة له، ليس كبعضهم من المنتسبين لأهل العلم من الذين يدورون في المجالس ويتهمون الآخرين بالجهل ويزعمون علمهم بالمسألة، وعلمهم فيها غالباً ما يكون جهلاً مركباً أو دفاعاً عن مصالح شخصية ودنيوية، فالمسكوت عنه أنه لو سكت من لا يعلم واتقى الله حتى يتكلم من يعلم، لحلّت كثير من المسائل العالقة والمختلط فيها على الناس، ولظهرت عظمة الدين حقاً وآيات علم الله للغيب.

hamzaalsalem@gmail.com
 

المسكوت عنه
الشيخ الأطرم وأنا
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة