Sunday  24/04/2011/2011 Issue 14087

الأحد 20 جمادى الأول 1432  العدد  14087

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

فسّر لي ماذا يعني أن يأكل الناس أو يشربوا شيئاً يصنعونه، وهم يعرفون فساده، وأنه سيؤثِّر لا محالة على أجهزتهم الهضمية، ثم لا يتوقفون عنه، بل يزداد إصرارهم عليه والاستمرار فيه، ليمرضوا، ويعانوا، ويجتهدوا في المقابل في إنشاء مشاف أو أماكن لعلاج ما يصيب باطنيتهم من أضرار، والمسألة كانت ستنتهي لو أنهم ببساطة امتنعوا عن صنع وشرب أو أكل ما يتسبب بمرضهم. أليست هذه حماقة؟ إن لم تكن كذلك فسمها أنت.

وفسّر لي ماذا يعني أن تبادر كل الحكومات بإصدار قرارات بمنع التدخين في معظم الأماكن العامة، وتحدد العقوبات المترتبة على مخالفة ذلك، وأن يبادر الجميع بإنشاء الهيئات والمؤسسات والجمعيات التي تحتضن وتحفز النشطاء ليعقدوا الندوات والمحاضرات هنا وهناك، بهدف توعية الناس بمضار التدخين وتأثيره المدمر على صحة الإنسان وبيئته، ومعالجة ضحاياه، والأمر عوضاً عن كل هذه الخسائر في الجهود وفي صحة الإنسان وماله ووقته، قرار واحد يُتفق عليه يمنع صناعة التبغ، فنوفر الجهد ونحفظ صحة الإنسان والبيئة، لكن هذا لا يحدث لتزدهر صناعة التبغ بقرارات من الحكومات نفسها التي تصدر قراراتها بمنعه، ويزداد عدد المدخنين، وتكثر بالمقابل المستشفيات والبحوث والمؤسسات الناشطة التي تعالج مدمنى التدخين بقرارات أيضاً من الحكومات والمؤسسات الفاعلة نفسها.. بالله عليك ماذا تسمي هذه، أليست حماقة؟ إن لم تكن كذلك فسمها أنت. وفسّر لي ماذا يعني أن تخصص الدراسات والبحوث، ويحدد يوم عالمي لمكافحة مرض نقص المناعة (الإيدز) لتوعية الناس بهذا المرض الخطير والحد من انتشاره، وخصوصاً أن الأرقام التي تسجّل لضحاياه تثير القلق والخوف، ولا يخفى على الكل أن الاتصال الجنسي غير المشروع والعلاقات الشاذة تأتي في مقدمة مسببات انتشار هذا المرض الخطير، لكن في الوقت نفسه العالم لا يتوقف عن إنشاء دور للدعارة، وأندية للشاذين وقوانين تحمى حرياتهم، وقرارات تكفل حماية نزوات الناس وهوى نفوسهم، والمسألة ببساطة أيضاً لا تتعدى أن يمنع إنشاء دور للبغاء، وأن يمنع ما يشذ في علاقات الناس ولا تحمى بقوانين تُصاغ لحماية تفشى هذه الظواهر. ما رأيك في هذه؟ أليست حماقة؟ إن لم تكن كذلك فسمها أنت..

قس على هذا الكثير مما تراه في عالمنا من أمور نحدثها بقصد، وبمحض إرادتنا، تطالنا آثارها المدمرة، ولا نتوقف عنها، بل نجتهد في صياغة القوانين التي تخدمها تحت مسميات مختلفة منها حقوق الإنسان، وحرية الاقتصاد وغيرها، ونصرف نصف جهودنا لتبقى وتزدهر، ثم نخصص النصف الباقي من جهودنا لمعالجة آثارها وما تسببت فيه، لتصل إلى ما يكاد يكون قناعتي.. أن هذا العالم يزدهر بحماقة أهله... والله المستعان.

 

العالم يزدهر بالحمقى!
نادر سالم الكلباني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة