Monday  25/04/2011/2011 Issue 14088

الأثنين 21 جمادى الأول 1432  العدد  14088

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

هل العالم العربي حقاً يتجه نحو الديمقراطية، أم أن طابع الاستبداد هو السائد وهو الذي سيسود، حيث تنتهي الشعوب من عصور تسلط إلى عصور تسلط أشد منها، وتودع عهود استسلام للأعداء إلى عهود استسلام أكثر خنوعاً، لا يتغير إلا الأسماء والمسميات فحسب.

لأن المراقب العربي للأحداث الأخيرة يلحظ بوضوح أن هناك أنظمة باطشة تتهاوى على أيدي معارضة لا تقل بطشاً عنها، وإن كان الأمر يبدو ظاهرياً في صورة سلمية، إلا أن الواقع الظاهر للعيان أنها ليست إلا معارضات قوية حاسمة، والدليل أنها تطالب بإسقاط الأنظمة، مما يجعل ردة فعل تلك الأنظمة عنيفة، لاسيما وهي التي ألفت العنف واعتادته، فلماذا لم تطالب تلك الثورات بإصلاح الأنظمة بدلاً من إسقاطها؟.. هل لأنها يئست من إصلاحها وملّت طول بقائها فقط؟.. أم أن العنف لا يولّد إلا العنف؟.

في كل الأحوال: لا يبدو الأمر مبشراً بخير للشعوب العربية، لاسيما الفئات الحيادية وكذا الكادحة، التي ليست من إحدى الفئتين الحاكمة والمعارضة، وفي ذات الوقت هم الأغلبية، وذلك لأنهم هم الذين سيحصدون الدمار والخراب والتشرد والفقر رغم كثرة خيرات بلادهم، بأسباب التصارع على كراسي الحكم بين الحكومات ومعارضيها.

أما وقود هذه الثورات فهم الشباب الذين يدفعهم الحماس والوعود البراقة من قبل المعارضة، ويشجعهم الإحباط الشديد من قبل حكوماتهم التي وضعت آمالهم ومتطلباتهم وحقوقهم في أرفف التناسي واللامبالاة التي علاها غبار الزمن المتوقف في ديارهم فقط، مما يجعلهم يلبون أيّ نداء يعدهم بالفرج حتى لو كان مغرضاً.

ومع كل ذلك فإن أكبر داعٍ للثورات العربية هو سبب مخزٍ، لم يعد يوجد إلا في عوالمنا العربية، وأعني به تكميم الأفواه وتقييد الحريات، وهو يشبه أكثر ما يشبه حكاية النعامة التي تخفي رأسها خوفاً وهلعاً، مع أن جسدها بادٍ للعيان..! وإلا فما فائدة قمع إظهار رأي يموج موجاً في باطن قائله! أليس من الأجدى إظهاره ومعالجته إما بالإقناع أو الاقتناع وبالتالي إيجاد الحلول المجدية الفعالة قبل أن ينفجر؟.

ولكن المحبط الحقيقي في ثورات عالمنا العربي أنها تأتي بالمزيد من الطغيان، فقد ثارت الجيوش العربية في الماضي على الدول الملكية فلم تر الشعوب إلا تملّكاً عسكرياً ينشب أظفاره في العروش الذهبية بشهوة دموية تراجعت بأوطان العرب إلى المزيد من الفقر والذل والجبروت الذي لا ينتهي، ولم تكتف بذلك بل انتقلت إلى استحداث التوريث المخزي وهي التي كانت تدّعي الثورة على الملكية، مما ساهم في اشتعال الثورات الشعبية التي لسان حالها يقول: ألا تستحون؟..

ثم هاهي تلك الثورات الشبابية الأخيرة تحبطنا مرة أخرى حينما لم تكتف بإسقاط الأنظمة القديمة التي لم يكن هناك أمل بإسقاطها إلا بمعجزة إلهية، فبدلاً من أن تحمد الله وتبدأ من جديد صفحة إصلاح وتسامح، رأيناها تتحدث بلهجة الانتقام والعنف والثأر، لا تكاد تختلف كثيراً في نتائجها عن الانقلابات العسكرية الاستبدادية، مما جعل من الحكومات الدكتاتورية في البلدان العربية الأخرى التي تسمع وترى كل ما يحدث الآن؛ تقاوم ثورات شعوبها بالحديد والنار والمزيد من الظلم والبطش، خشية أن يحدث لها ما حدث لمن انسحب بسلمية من الحكام من سجن ومحاكمة وشر تهديد.

فمتى تتعامل الحكومات والمعارضة العربية كما تتعامل مثيلاتها في الغرب المتقدم، لاسيما وأنها نفس الطريقة التي نادى بها دينهم الإسلام، حيث الحرية والمساواة والعدالة والشورى الحقة؟.. وهذا هو التساؤل الذي يدور في أذهان الشعوب العربية بصفة دائمة وقلقة، لأنها ترى الأعداء يتسابقون لإملاء شروطهم الطامعة لمن يفيدهم ويخضع لهم أكثر من الآخر: الحكومات أم معارضيها؟!.

g.al.alshaikh12@gmail.com
 

حولها ندندن
العالم العربي والديمقراطية
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة