Friday  29/04/2011/2011 Issue 14092

الجمعة 25 جمادى الأول 1432  العدد  14092

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مفاهيم كثيرة ومتناثرة يستخدمها الساسة والمثقفون ووسائل الإعلام مثل مفهوم الديمقراطية والحرية والعلمانية، والأصولية، والإسلامية، والانفتاح، والتخلف، والتقدم، والمثقف، والشعب، والحزب، والأغلبية، والأقلية، وغيرها كثير. ومع كثرتها إلا أن بعضاً ممن يرددونها، أو بعضاً من أولئك المتلقين لها قد تعوزهم الدقة في مفهومها، وربما يكثر الجدل الذي يصل إلى اللجاج عند تناول البعض مفاهيمها طالما أنها لا تحظى بتعريف دقيق. فمثلاً يمكن تناول المعنى العام للديمقراطية، والذي يدرس فيه أساتذة السياسة وغيرها طلابهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون الديمقراطية في غايتها وبالأسلوب السائد الآن قابلة للتطبيق على مجتمعات تختلف في خلفياتها الثقافية والاجتماعية. وربما يجتهد الكثير من المفكرين لطرح مفاهيم محددة لكن من غير اليسير أن يتجه الساسة إلى التقيد بتلك المفاهيم تقيداً محدداً، ففي الغالب فإنه من المفيد لهم أن تختلف الموازين والتعاريف باختلاف الأعراض والغايات، ولهذا فإن على كل من المصرح والمتلقي أن يفك لغز كل كلمة، وأن يفسرها طبقاً لخلفيته الثقافية والاجتماعية، وقبل ذلك دوافعه النفسية التي حكم بها مسبقاً على تعريف يود أن يصل به إلى مبتغاه. والغريب في الأمر أن كلمة «الإسلاميين» وليس المتطرفون ربما تستعمل من قبل مسلم يدين بالإسلام وكأنه ليس إسلامياً، بينما هو في الحقيقة مسلم ينبذ التطرف شأنه شأن غيره من المسلمين وغير المسلمين، فالتطرف يمكن وجوده في كل المجتمعات، ولدى أصحاب جميع المعتقدات في أنحاء العالم.

والحقيقة أن الشعوب جميعاً تتطلع إلى الأمن والعدل والعيش الكريم، وسيادة المحبة ونبذ الفرقة والتعصب، ولكن من المؤسف أن بعضاً من أولئك المتطرفين هنا وهناك يرون بوعي أو بدون وعي أن تلك القيم تكمن في منهجهم الذي اختطوه لأنفسهم دون النظر إلى القيم العامة التي جبل عليها الإنسان منذ أن خلقه الله، والتي كان ينادي بها، غير أن المنتفعين أمالوها بما يتناسب مع مصالحهم أو تحقيق شهواتهم، ولهذا فإن الإسلام عندما سطع نوره من مكة المكرمة كان من أسس وقواعد رسالته مكارم الأخلاق، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق»، ومن ظاهر الحديث أن مكارم الأخلاق التي جاء بها الأنبياء والرسل سادت في زمن معين ثم أخذ الإنسان في الانحراف عن بعضها ليؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جاء ليتم ما نقص نتيجة لسلوك البشر ويصحح ما قد شاب هذه الأخلاق من انحرافات حدت بالعالم أن يتعارك، والشعوب والأفراد أن تظلم بعضها بعض.

وكلما قرب الإنسان إلى مكارم الأخلاق قولاً وعملاً كلما كان أكثر أمناً وإنتاجاً وسعادة وتألقاً، لكن نعود لنقول إن تلك المعايير المهمة للعدالة والحرية، والمحبة، وغيرها، تتطلب تغييراً في الذات وصراعاً مع النفس لنبذ الشهوات المادية والأخلاقية، ولعل أهمها ذلك العراك بين الطمع والشهوة من جهة وبين تلك القيم التي يتحلى بها الفرد ولديه من القوة الكافية ما يدفع به تلك الأطماع والشهوات الذاتية التي تحتاج إلى سلاح لا بد أن يكون أكثر مضاءً من السيف.

 

نوازع
تعاريف تحتاج إلى مفهوم
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة