Friday  29/04/2011/2011 Issue 14092

الجمعة 25 جمادى الأول 1432  العدد  14092

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الأئمة والمؤذنون
عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن علي آل الشيخ

رجوع

 

رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ، وقال سبحانه عزّ من قائل وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، هاتان الآيتين تخصان الأئمة والمؤذنين على قول كثير من المفسرين، فالأئمة الذين يهدون إلى الحق والطريق المستقيم وكذلك المؤذنون الذين يدعون إلى الصلاة وإلى الفلاح هم من خيرة الناس فاحتلوا المنزلة الرفيعة بتوفيق من الله عزَّ وجلَّ ولذلك فمنذ أن بزغ نور الإسلام اختار من يصلح لهذه الرسالة العظيمة من المسلمين من يحمل صفات التقوى والرشاد المنبثقة من كتاب الله عزّ وجلّ وقارئ لكتاب الله وذا صوت حسن وجميل فرشحهم لتولي تلك المهمة السامية ويكفي المؤذنون فخراً قول الرسول صلى الله عليه وسلم (المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة).

ومنذ أن قامت دولة التوحيد على يدي الإمامين الجليلين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - وهذه الدولة السنية تعنى ببيوت الله عبادة وإنشاء وتقدم ما يلزم وتجهيزها بكل ما تحتاج ولم تبخل بشيء فأنشأت الوزارة التي تهتم بالمساجد والقائمين عليها من الأئمة والمؤذنين وتوصي بهم خيراً حتى درج عامة الناس على تكريمهم وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم فيخصصون من زكواتهم وأوقافهم للأئمة والمؤذنين تقديراً لما يقومون به من عمل جليل وثقة كبيرة بالله ثم بهم من إمامة للناس في المساجد وما يحملونه من رسالة عظيمة وما يحفظون في صدورهم من آيات كتاب الله العزيز وتنبيههم لأوقات الصلاة ومن هذا المنطلق العظيم وهذه الرسالة النبيلة للأئمة والمؤذنين دأبت الحكومة السعودية - أعزها الله - منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - ومن جاء بعده من الملوك - رحمهم الله - وإلى عصرنا الحاضر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين في إنزال الأئمة والمؤذنين المنزلة اللائقة بهم فأعطتهم من المكافآت والرواتب الشهرية ما قد يعينهم على أمور الحياة وتيسير أمورهم وسمحت لهم بالجمع بين وظيفة إمام أو مؤذن إلى وظائفهم الأساسية الأخرى مثل بعض القضاة والمعلمين وغيرهم من المؤهلين الأكفاء من حفظة كتاب الله الكريم مستثنى لهم فقط دون غيرهم من سائر الموظفين وأمنت السكن المناسب لهم فاشترطت الوزارة المسؤولة عنهم وهي فرع شؤون المساجد لكل من يرغب في التبرع لبناء مسجد أن يكون بجواره بيت للإمام والمؤذن وهذا في حد ذاته ميزة خاصة بهم..

إنما يبذله أئمة المساجد وخطباؤها ومؤذنوها وجميع خدم بيوت الله من جهود مضنية ومعاناة وصبر احتسابا للأجر والمثوبة من الله عزَّ وجلَّ يشكرون عليها وخاصة طيلة شهر رمضان المبارك في كل عام فهم يعتبرون بحق من أكثر الناس معاناة وملازمة لملاحظة أوقات الصلوات في ظروف جوية مختلفة في الوقت الذي ينعم فيه الناس بالراحة في بيوتهم بكل اطمئنان مع أهليهم فهم مرتبطون أكثر من غيرهم بشؤون مساجدهم تستلزم من شؤون الأئمة والمؤذنين الالتفات إلى أوضاعهم وهم بلا شك فاعلون وحريصون على عمل كل ما من شأنه الرفع من معنوياتهم وتقدير جهودهم المبذولة طيلة أيام وليالي الشهر الكريم فالمؤذنون الذين ينادون إلى الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة وإن كان ذلك واجبهم الديني قبل أن يكون واجبا وظيفيا ويأخذون عليه أجرا شهريا فإن جهودهم في رمضان تتضاعف وذلك بالحرص الزائد على مراعاة الأوقات خاصة وقت أذاني المغرب والفجر، حيث الإفطار والإمساك، فأذانهم المغرب قد يحرمهم من الجلوس مع عوائلهم على موائد الإفطار الرمضاني وتحرمهم من المناسبات الاجتماعية في الشهر الكريم، وكذلك في السحور كما يستمتع كثير من الناس بأولادهم وأهليهم وأصحابهم على موائد السحور، كما أن ما يقوم به الأئمة بمواظبتهم على الحضور دون تأخير وارتباطهم الوثيق والمستمر بمساجدهم والمحافظة على الأوقات حتى لا يتعطل أو يتأخر الناس عن الصلاة في أوقاتها ثم إنهم بأصواتهم الندية وقراءتهم الشجية وإمامتهم للناس فيه جهد ومعاناة وبالخصوص في ليالي العشر الأواخر من رمضان فيشعرون بالتعب ما الله به عليم سواء من كان يقرأ عن ظهر قلب أو بالمصحف الشريف فمن هذا النسق العظيم في تقديري لو رأت وزارة الشؤون الإسلامية صرف مكافآت إضافية للأئمة والمؤذنين ومن في حكمهم مع راتب شهر رمضان المبارك تقديراً لجهودهم طيلة الشهر الكريم فإنهم يستحقون فعلاً واجب التكريم فما يقدمونه للمجتمع والأمة من جهود يشكرون عليها على مدار اليوم والليلة وخلال خمسة أوقات هي لأداء الصلاة والمناداة لها في أوقاتها وحرصهم الشديد على عدم التأخر في أداء واجبهم تجاه المساجد والمصلين.

وإذ نسجل نحن المأمومين بكل فخر واعتزاز شكرنا العميق لكل أولئك الأئمة والخطباء والمؤذنين ودورهم الفاعل بتوجيهاتهم القيمة ونصائحهم العظيمة لكافة المصلين وفي جميع مساجد المملكة وما أسدوه من نصح وإرشاد ودعوة الناس إلى الالتفاف حول قيادتهم وتأصيل اللحمة الوطنية وتكاتف الناس وتعاونهم على البر والتقوى ونبذ الفرقة ومحاربة الاختلاف والوقوف صفاً واحداً ضد كل من يخل بأمن البلاد وسلامة مواطنيها ومن يريدوا بنا شراً أو خروجاً على قادتنا الذين لهم علينا في أعناقنا بيعة وفاء فلقد أثبت أئمة المساجد وخطبائها ضرر الفرقة والاختلاف بالأدلة الشرعية الدامغة والمستمدة من الكتاب والسنة وما كان عليه علماء السلف الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنا لمسنا جهود أصحاب الفضيلة أئمة المساجد في كثير من المناسبات والظروف ووقوفهم مع قادة هذه البلاد - أعزهم الله - سواء ما كان في محاربة الإرهابيين المارقين خوارج هذا العصر أو في محاربة المخدرات وتبيان ضررها على الفرد والمجتمع أو في قضايا المجتمع ومشاكله المختلفة وطرح الحلول المناسبة وإيجاد مخارج لها بالدليل الشرعي وكذلك في وعظ وإرشاد الأمة.

إن دور الأئمة وخطباء الجوامع وما يقوم به المؤذنون في المناداة للصلاة في أوقاتها وتنبيه الناس والغافلين يلمسه كل ذي لب وعقل راجح وأثرهم عظيم في الأمة والمجتمع يتطلب منا جميعاً كل التقدير ومنحهم المكانة والدرجة التي يستحقونها وتميزهم عن الآخرين، فالدولة - أعزها الله - أعطت كل ذي حق حقه فإذا كان معظم الأئمة والمؤذنين من كبار السن فقد وجب التكريم أكثر ولهم الأولوية في ذلك ولهم حق على الدولة كبير فإني أرجو من وزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون الإسلامية إعادة النظر في مكافآتهم ورواتبهم فإنها ما تزال قليلة في حقهم خاصة وأن معظمهم يعيش حالة اقتصادية ومعيشية دون المستوى المطلوب ويعولون أسرًا كبيرة.

وختاماً لا يفوتني أن أشيد بمآثر وجهود خطباء الجوامع وما قاموا به من بيان للآثار الضارة لكثير من السلبيات التي قد يقع فيها المجتمع والتحذير من الوقوع فيها كما هو حاصل في خطبهم الأخيرة التي بيّنت آثار المظاهرات وخروج الناس بغوغائية في الشوارع وإثارة الفتن وأثر ذلك على اجتماع الأمة ووحدة صفها وكلمتها وتماسك المجتمع في وجه أعدائه وضرورة أن يكونوا يداً واحدة مع القيادة والعلماء فكان أئمة المساجد بالمرصاد في وجه أفكار أولئك الخوارج الحاقدة فحرم العلماء الخروج على ولاة الأمر وألزموا السمع والطاعة بالمعروف وبينوا ما ينجم عن المظاهرات من شر وفساد على الوطن والأمة والفرد والجماعة فكان لذلك الأثر الطيب في نفوس الناس وخاصة الشباب الواعي المتفهم فلم يستجب بحمد الله أبناء هذه البلاد الأوفياء لما دعا إليه المغرضون الحاقدون على بلادنا وأبنائنا، بل زادهم ذلك حبا ووفاء لمليكهم ووطنهم المعطاء فبادلتهم القيادة حبا بحب ووفاء بوفاء فلعلمائنا وأئمة مساجدنا وجوامعنا كل الشكر والتقدير فبفضلهم بعد فضل الله كان الأمن والطمأنينة في شوارعنا ومدننا.

أمد الله في عمر ولي أمرنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير المحبوب نايف بن عبدالعزيز ووفقهم لكل خير وألبسهم ثياب الصحة والعافية وأعزهم بطاعته وأعز بهم دينه.. وحفظ الله بلادنا بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ومنطلق رسالة الإسلام من كل سوء ومكروه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة