Sunday  01/05/2011/2011 Issue 14094

الأحد 27 جمادى الأول 1432  العدد  14094

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يرغب البعض لحل مشكلة البطالة في اختراع الحلول العاطفية أو الأخلاقية أو حتى المثالية، غير أن القضية في نظري هي أكبر من أن نبحث عن الحلول قبل أن نقف ونشخّص الأسباب، أسباب حدوث البطالة في بلد يستقدم ما يُوازي ثلث عدد سكانه ويتوسع في إنشاء الجامعات والمعاهد،، بل ويبتعث آلاف الطلاب سنوياً.

أمام هذه الصورة لا بد من التوقف أمام النقيضين، استقدام العمالة وتضخم البطالة، فهو تناقض عجيب وغير منطقي، وإذا تجاوزناه بحثاً عن حلول فإننا قد نراكم - دون قصد - أعداد العاطلين ونعمّق ونوسع أوجاع البطالة وندفع باتجاه الانسداد الذي سيستعصي على الحلول مستقبلاً مهما أُخلصت النوايا، لأنها وببساطه ستصبح خارج السيطرة وانتظار الحلول، وهذه مرحلة خطيرة للغاية يجب وبكل إخلاص أن لا نصل إليها، وبالتالي فإن البحث عن أسباب وجذور المشكلة كتشخيص علمي ومنطقي سيساعدنا في معرفة أوجه القصور والأخطاء وربما سيكشف لنا أبعاداً أخرى في المشكلة لم تظهر بشكل واضح حتى الآن في مناحٍ مختلفة من خططنا التنموية المستمرة منذ أربعين عاماً.

سبق وأن كتبت مقالاً بعنوان: (أثمان الحركة في أرقام الإحصاء) تطرقت فيه بإيجاز شديد إلى تاريخ نشأة البطالة لدينا، وفي مقالات أخرى تطرقت إلى خطط التنمية وكيف أنتجت لنا بعض القضايا الاجتماعية كالبطالة والفقر وعجز الإسكان من خلال حركة النمو والتطور، وأولى الحقائق التي يجب أن نعترف بها هي أن أي مشكلة اجتماعية لا تظهر من فراغ، أن ديناميكية الحركة في أي دولة في العالم كله تعتمد أساساً على خطط التنمية والبناء بما في ذلك الدول المتقدمة، ولا حرج إذن من القول إن خطط التنمية لدينا تحتاج إلى إعادة نظر وتصويب، وإن الفرصة ما زالت قائمة لتدارك الأعراض السلبية لحركة النمو وفلسفتها والتوجه مباشرة نحو علاج ما ظهر من مشاكل اجتماعية دون إبطاء أو تأخُّر, حتى لو تطلَّب منا ذلك إعادة النظر في بعض الأنظمة والتشريعات التي أُسست أو أُنشئت في مراحل أملتها الضرورة في حينها، فنحن بداية في حاجة لإعادة صياغة وعي وثقافة المجتمع بما يتناسب وما نطمح ونصبو إليه، وسبق أيضاً أن كتبت مقالاً بعنوان: (حركة التطور بين الوطن والإنسان) أوضحت بإيجاز صورة التحول الاجتماعي الذي رافق خططنا التنموية وكيف صاغ ثقافة التميز الوهمية التي جعلتنا اليوم نجمع بين استقدام الآخرين للعمل في حين نئن من وطأة البطالة، وأرجعت السبب الرئيس للاعتماد في بناء خطط التنمية على الفهم العلمي على حساب الوجدان الاجتماعي، وقد صرت أسمع لمحاورات ونقاشات تدور حول بناء الإنسان وتأهيله وأسعد بها إلا أنها لم تصل إلى مرحلة العمق، وربما لن تصل إلا بالعودة إلى دراسة آثار حركة تطور الوطن على وعي وثقافة الإنسان المواطن، ليمكن الوقوف بشكل مطمئن على جذور ومنابع قضايانا الاجتماعية الحالية، ومنها يمكن التفكير بأنسب الحلول عبر خطط إستراتيجية تحقق الأهداف على مراحل وتتم مراقبة إنجازاتها بشكل دوري حتى لا تتراكم الأخطاء من جديد ونتحول إلى البحث عن حلول لها، وليصبح مسارنا لبناء المستقبل مقتصراً على سد الثقوب.

لا يمكن معالجة البطالة باستجداء القطاع الخاص، ولا يمكن معالجة البطالة بالفزعة الحكومية عن طريق دفع جزء من المرتب، ولا حتى بسعودة مهن أو قسر النفوس على ما لا تؤمن به أو تقبله أو حتى التحايل بالمظهر البريء حين يقترح البعض تجزئة الوظيفة لتتسع لاثنين أو ثلاثة وكأن من استقرت أحواله واعتاد وظيفته مستعد لتسليف عاطل لنصف وظيفته ومرتبه، وبصراحة هذا من أعجب الحلول التي تفتق بهذا ذكاء المتذاكين، وباختصار لن نتمكن من معالجة البطالة ونحن ما زلنا نستقدم الموظفين المستوردين، نعم قد تحدث ربكة أو خضة في الحركة والأداء في فترة التحول من الاتكال إلى الاعتماد، ولكنها ستكون مؤقتة ولفترة، ولن تولد أو تفرخ قضايا فرعية، بل إنها ستعمل وبقوة على تغيير طبيعة الثقافة الاجتماعية وتحولها من انتفاش بالوهم إلى عراك بالذهن، أو لنقل من مجتمع استهلاكي متواكل على ما في باطن أرضه إلى مجتمع يدرك واقعه ويسعى لتأمين مستقبله.

Hassan-Alyemni@hotmail.com

 

البطالة تحتاج إلى تشخيص.. لا إلى تنفيس
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة