Sunday  08/05/2011/2011 Issue 14101

الأحد 05 جمادىالآخرة 1432  العدد  14101

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بعد أكثر من عشر سنين؛ استطاعت أميركا، باستخباراتها العابرة للقارات، وبقواتها البرية والجوية، التعرف على مخبأ (أسامة بن لادن)، والوصول إليه وقتله، ومن ثم دفنه في البحر..!

) ما هذا الإنجاز الذي تحققه الدولة العظمى، التي تقود قوى كبرى في أوروبا وإفريقيا وآسيا، وبيدها مصائر زعامات ودول وشعوب في العالم كله..؟!

) إن الوصول إلى مخبأ الإرهابي الأول والمطلوب الأول لأميركا، بعد سنوات عديدة من البحث والتحري والمتابعة والملاحقة، لا يمكن أن يكون فخراً لاستخبارات أميركا، ولا مكسباً لقوتها وجبروتها، بل هو في حد ذاته إدانة لأميركا، ومؤشراً على تواطئها مع المشروع البنلادني منذ البداية، وإذا استبعدنا احتمالية نظرية المؤامرة في تفجير برجي التجارة في نيويورك صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فإننا لن نستطيع دفع الظنون باحتمالية التكسب الأميركي المخطط له مسبقاً، مما ترتب على هذا العمل الإرهابي فيما بعد، سواء عُرف (ابن لادن) وزبانيته ذلك أم جهلوه، فالولايات المتحدة الأميركية، استغلت هذا الحادث الجلل لمصلحتها بعيداً عن أرضها، وجيّرت المشروع الإرهابي العالمي، لتشغيل آلتها الحربية في مطاردة وهمية لابن لادن والقاعدة وطالبان في الأراضي الأفغانية، واستفادت من عمليات القاعدة الإرهابية الغبية في عواصم عربية وأوروبية، من أجل أن يصطف العالم - كل العالم – معها، لمحاربة الإرهاب الذي تزعمته قاعدة ابن لادن، فانتكست الأوضاع في فلسطين، وتم احتلال العراق، وتفتت الصومال، وتقزمت منظومة الأمن العربية، حتى أصبحت حطاماً تحت أقدام المواطن العربي نفسه، الذي لم يعد يشعر أن له قيمة في وطنه، ولا أهمية في حياته.

) بعد عشر سنوات من هذا الابتزاز الأميركي للعالم كله، وليس للعرب والمسلمين وحدهم، يعلن رئيس أكبر دولة في العالم، أن قواته تعرفت على مخبأ الإرهابي رقم واحد والمطلوب رقم واحد..! وأين حدث هذا..؟ في دولة باكستان التي هي صديقة حميمة لأميركا، ووسط مبانٍ سكنية تظللها الطلعات الجوية للطيران الحربي الأميركي، الذي يتبادل المواقع بين الجنوب الأفغاني والشمال الباكستاني بشكل يومي أو حتى ساعي..!!

) إن كلا الدولتين؛ أميركا وباكستان، تدين نفسها بما وقع يوم الاثنين الفارط، فلا أحد يستطيع تصديق أميركا أنها طيلة هذه السنين، تجهل تحركات ابن لادن، وأنها لا تعرف أنه يعيش وسط الناس، في مجمع سكني بالقرب من إسلام أباد بالشمال الباكستاني..! والباكستان هي الأخرى، لا تستطيع نفي علمها بوجود الإرهابي الأول والمطلوب الأول على أرضها سنوات وسنوات، فهي إما أنها ضعيفة مسلوبة الإرادة على ترابها الوطني، أو أنها متآمرة مع أميركا وابن لادن معاً.

) لقد جاء الوقت الذي تقول فيه أميركا لأكبر عميل لها في التاريخ (باي .. باي). انتهى دورك يا غبي، وانتهت اللعبة يا بوصلة الإرهاب الذي نريد..!

) لقد قدم ابن لادن وقاعدته الإرهابية، وقدمت طالبان وتطرفها البغيض لأميركا وإسرائيل وإيران والغرب، ما لم يكونوا يحلمون به.

) سعت طالبان في أفغانستان، وفي الباكستان، وفي الجزيرة العربية وشمالي إفريقيا وفي غيرها من البلدان، إلى عزل المجتمعات الحديثة عن واقعها المعاصر، وإلى تجهيلها وسجنها في ظلمات الماضي السحيق.

) وسعت القاعدة انطلاقاً من أفغانستان، ومن خلال أذرعها الإرهابية في البلدان العربية والإسلامية والغربية، إلى تشويه صورة الإسلام، وإلى وصم وإدانة العرب والمسلمين بالتطرف والكراهية والإرهاب، حتى أصبحت صورة العربي والمسلم في هذا العالم، صورة مشوهة ومكروهة.

) قدمت طالبان المتطرفة، وقدمت القاعدة الإرهابية، الذرائع تلو الذرائع لغزو بلاد العرب والمسلمين، واحتلالها كما وقع في أفغانستان والعراق، وإلى محاصرتها واستلابها وإذلالها، حتى أصبحت المجتمعات العربية والإسلامية بين نارين، نار التطرف وإرهاب القاعدة، ونار القوى الغربية التي تقول إنها تحارب الإرهاب وتلاحق الإرهابيين.

) أميركا تعرف أنها تخسر بقتلها ابن لادن في هذا الوقت، ولكن خسارتها كانت أكبر لو أنها قتلته قبل عشر أو تسع سنوات. ربما كانت حسابات أميركا أبعد مما هو مطروح آنياً، وذلك أن ابن لادن أصبح عاجزاً عن فعل شيء مفيد كما كان يفعل من قبل، وأنه حتى لو قتل، فقاعدته الإرهابية باقية، وبنلادنيته يحملها وريثه من بعده الدكتور أيمن الظواهري، وأنها إذا كانت تنوي الانسحاب من أفغانستان والعراق، فإن مبرر وجودها قد زال الآن مع زوال ابن لادن، وانسحابها في هذا الوقت، له ما يبرره، وفيه ما يحفظ بعض ماء الوجه.

) هل انتهت القاعدة بقتل ابن لادن، وبالتالي تنتهي اللعبة الدولية حولها بقيادة الولايات المتحدة الأميركية..؟

) لا أعتقد ذلك، فالبنلادنية باقية بعقلية وعمالة المؤسس حتى بعد غيابه، والمستفيدون من إفرازات البنلادنية وعملياتها الإرهابية القادمة جاهزون لالتقاط الثمار التي تتساقط على رؤوسهم بدون مشقة منهم. إسرائيل وإيران تتقاسمان الفوائد الإقليمية دائماً، وأميركا تبدأ مرحلة ابتزازية قادمة مع بنلادنية أيمن الظواهري. أميركا البنلادنية باقية مع بقاء البنلادنية الأميركية.

assahm@maktoob.com
 

أميركا (البنلادنية)..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة