Sunday  08/05/2011/2011 Issue 14101

الأحد 05 جمادىالآخرة 1432  العدد  14101

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

تهذيب العادات السلوكية للفرد هو مشروع لتهذيب عادات الشارع، والعمل، وترسية قواعد آداب السلوك في الفرد، وينطلق بترسية قواعد آداب الأداء في مؤسسات المجتمع، إذ تم الاتفاق على أن المجتمع هو الفرد، وأن ما ينتج عن مؤسساته إنما هو حصاد ما يؤديه أفراده...

ولئن تمعن المرء في سلوك عامة الناس, لا خاصتهم في التعامل مع زملائهم في العمل، أو رفقائهم في الدار، أو جيرانهم في الشارع، أو حتى مع وسائلهم التي يقتنونها لتيسير شؤونهم الحياتية من عربة يقودونها، أو هاتف يتواصلون به، أو حاسوب يستخدمونه في أمور معلوماتهم, وتواصلهم, وانتقالهم فكريا لأبعد من مكان جلوسهم، أو مقتنياتهم الأخرى المساعدة لهم كأدوات أكلهم، وملابسهم، وأثاث بيوتهم, ومكاتبهم، وكمالياتهم المختلفة، فلسوف يرى العجب، ويقف على العجاب من سيئ العادات، لما تعكسه من سطحية التذوق, وفراغ الذهن، وهشاشة الأدب، وتصدع الخلق،...لما تنطق به هذه العادات في السلوك العام من عدم الإحساس بالمسؤولية، والتمسك بالمظهر دون الجوهر، واللهاث وراء البريق لا العميق، والذاتية الموغلة في الصفح عن حقوق الآخر، وتصاعد سقف القشور التي يغرقون فيها، لا البذور التي يؤسسونها،.. وكأن الناس قد جهلت أو تخلت عن الإحسان في التربية، والوعي بالأمانة، والسقيا من الموارد العذبة ، والأخذ بالقيم الرابطة والفاعلة،في وجود الإنسان المناسب للحياة الفاضلة...

وقد انتشرت أنواع العطور، والبخور، وبقي الكير يغلب في آثار العابرين في الشوارع، والمتحركين في المكاتب، والنازلين في الجوار، والناهبين الطرق في السير،..فالعادات السلوكية التي تحتاج إلى تهذيب تصدم العيون، وتصك الآذان، وتلقم النفوس كدرا كبيرا...

فالفساد في التربية، والقصور في تأسيس العادات السلوكية الجيدة ينتشر ما عبَّ الناس من معين آخر عن معين أخلاق، وسلوك قدوة البشر محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم...

فقوام التهذيب, هو تربية النفوس على القناعة، والعقول على التفكير، والقلوب على الخشية، وتعريف المرء في مراتع نموه الأولى بالسبب الأساس لوجوده على الأرض، وبدوره المستقبلي في الحياة، وتأسيس يقينه بحتمية النهايات التي يمكن أن تؤول إليها خاتمته..

فالحياة ليست دواما سرمديا، ونهاياتها ليست مطلقة لمن يؤمن أن فراغه من قيم السلوك الفاضل, يعني عبثه بحقيقة حصاده النهائي...

ينضوي تحت ذلك كل سلوك لا تُجاهَد فيه النفسُ، بما فيه الكذب، والإسراف في ظلم الذات الخاصة، والآخرين، وإن جاء في شكل صوت غاضب يكشح قوته في وجه عامل، أو مخدوم، أو في سلطة قدم على محرك عجلات عربة تحصد أرواحا، أو تحطم أملاكا لآخرين دون تفكير، أو هدر على أي نوع, وإن جاء في ثرثرة لا طائل منها عند رأس مريض,..كما إن جاء في شكل لباس يخدش الحياء..

عادات المرء السلوكية تبيح له أن يسفر عن كوامن لا يراها الآخر فيه, إلا في سلوكه..

والعادة عند الإنسان متى ما أصبحت سلوكا، فإنها الوجه الصريح لمجتمعه عندما تنتشر، وتستفحل في التمادي بين شرائح أفراده، ويوسم بها..

وما لم ينهض المصلحون في مؤسسات التربية والتعليم، وفي دور التنشئة داخل الأسر, وتحديداً بين من ترك ابنه إما للمربيات من الخادمات، أو لتأثير ثرائه ووجاهته، أو لسطوة رفقائه في طلعته، أو بين مدرسة في النهار لا تتفرغ لتوجيه العادات السلوكية وبنائها فيه, وأسواق وشوارع في العصر، وشاشات فضائيات في المساء...

كذلك ما ينهض البالغون رشدهم نحو تعديل عاداتهم السلوكية وتهذيبها..

إنها الضرورة التي يلح بها الواقع، لإعادة النظر في تهذيب العادات السلوكية في ناشئة المجتمع، وتوعية بقية الأفراد نحوها، بهدف إصلاح مؤسساته عندما تمارس فيها الأداءات التبادلية على وجه من آداب التعامل، والتفاعل، وسلامة السلوك، وتمكين هذه العادات السلوكية في الأفراد من تمثيل النهج الأمثل للأخلاق. ومن ثم في المجتمع, ليمكَّن من وسمه بالمجتمع الفاضل بين هؤلاء, من شرائحه المنتشرين بكثرة.

 

لما هو آت
تهذيب العادات السلوكية..
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة