Sunday  08/05/2011/2011 Issue 14101

الأحد 05 جمادىالآخرة 1432  العدد  14101

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

إيران با خوزستان زنده است
حسن اليمني

رجوع

 

الأحواز جمع حوز، وهي كلمة عربية أصلها حاز بمعنى الحيازة والتملك، وتقع جغرافيتها على رأس الضفة الشرقية الشمالية للخليج العربي ممتدة جنوباً إلى ما قبل منتصف ساحله الشرقي، وتقطنها قبائل عربية منذ ما قبل الإسلام بل وإلى ما قبل الميلاد.

وفي كل مصيبة عربية فتش عن الإنجليز ودورهم في تلغيم المنطقة، وإذا كنا نعرف أن فلسطين هي الضحية الأبرز فإن الأحواز لا تقل عن فلسطين في العروبة، وإنما ظهر وجود الأماكن المقدسة في القدس ليحفظ الزخم والاستمرار والتواصل في البحث عن الاستقلال، في حين خبأت سياسات المصالح وسياسات التواطؤ قضية الأحواز؛ إذ لم تكن بلاد الأحواز قرية أو مدينة خارج الإطار العربي بل إنها كانت مشيخة عربية كمثيلاتها في الساحل الغربي للخليج العربي، وذات استقلال قومي تمتد سيطرتها إلى البصرة ووسط جنوب ما يعرف اليوم بالعراق، بل إن الشيخ خزعل بن جابر الكعبي حاكم الأحواز سعى لحكم العراق كله باعتبار مشيخته العربية في الأحواز جزءاً من الإقليم العربي الممتد من منتصف ساحل الخليج العربي شرقاً وإلى الحدود التركية شمالاً، وفي عام 1925م استطاع رضا خان بهلوي وبتواطؤ إنجليزي احتلال الأحواز وأسر الشيخ خزعل الكعبي، وما كان ذلك لحقوق تاريخية أو طبيعية ولكن درءاً لخطر الثورة البلشفية في روسيا على أمن الخليج العربي النفطي من قِبل بريطانيا، والأهم من ذلك أن منطقة الأحواز تحوز اليوم نسبة 80 % من الصادرات الإيرانية، وتنتج أراضيها الخصبة على ضفاف نهر قارون أكثر من 30 % من المنتجات الزراعية ونصف صافي الناتج القومي في إيران، وهذا ما يجعلها بالنسبة للفرس كنهر النيل بالنسبة لمصر، ومع هذا فلم تتوانَ طهران عن تغيير الطبيعة القومية لهذه المنطقة وفرض اللغة الفارسية بما في ذلك الأسماء للأماكن والأشخاص بغية طمس عروبة الإقليم الذي شهد أكثر من ثورة، وما زال يقاوم الاحتلال الإيراني، ولكن بغياب أي دعم عربي أو أممي للأسف.

وفي هذا العام الذي يستحق وصف عام الثورات العربية امتدت ثورة التحرر إلى بلاد الأحواز، ربما بحكم تجانس الجينات للمطالبة بالاستقلال وحق تقرير المصير أسوة بكل شعوب الأرض، وأظنه قد آن الأوان للعرب ولكل الضمائر الحية على مستوى العالم أن تساند وتؤيد وتدعم حق الشعب العربي في الأحواز لنَيْل الاستقلال، وأجده من العجب العجاب أن تقف إيران ضد هذه الرغبة وهي التي تدعي محاربة الاستكبار العالمي، وهل هناك أشنع من الاحتلال ظلماً واستكباراً؟ وإن كنت ربما أفهم حرص إيران على هذا الاحتلال واستمراره باعتبار أن الإقليم الفارسي في جمهورية إيران الإسلامية رغم كبر مساحته لا يضم إلا نحو 30 % من مواطني جمهورية إيران، وربما أفهم أيضا أن إيران بدون الأحواز قد لا يحفظ لها دولة، وهذا ما أقر به الدكتور أحمد خاتمي عندما قال «إيران با خوزستان زنده است»، وترجمتها بالعربية تعني أن إيران لا تحيا إلا بخوزستان، ويعني مدينة المحمرة إحدى مدن الأحواز، لكن هذا هو حجم بلاد فارس الطبيعي، وما كانت إيران اليوم إلا مثل الاتحاد السوفييتي المنفوش والمتضخم سابقاً بدول وقوميات أخضعت بفعل القوة، وما إن ارتخت العضلات حتى تحررت هذه الدول والقوميات في صورة لم تفاجئ أحداً؛ كونها من طبائع الأمور ومنطق التاريخ، ولا أستبعد حدوثه في إيران خاصة، وهي اليوم ترفع صوتها وتذيع شعاراتها كما كان يفعل سلفها الاتحاد السوفييتي رغم فارق القوة والقدرات، لكنّ قليلاً جداً في هذا العالَم مَنْ يعتبر ويتعظ بغيره.

ولا شك أن للفرس تاريخهم وحضارتهم، لكنّ مساهمتهم في الدولة الإسلامية رغم وجود استثناءات عظيمة كان سلبياً وهداماً، ومع هذا لا يستنكف مجمع (قم) من استخدام الدين والمذهبية والطائفية كما كان حال الطبقة الحاكمة في الاتحاد السوفييتي التي استخدمت الفكر الشيوعي لبسط الهيمنة، وظهر أنهم - أي الطبقة الحاكمة - أبعد ما يكونون عن مبادئ النظرية الشيوعية في التملك والاستحواذ، لكنها الإمبريالية المستترة التي تغطي نوازعها الشمفونية والعنصرية بالشعارات البراقة، وليس هناك أظهر وأجلى من أن ترى إيران تدّعي مساندة الشعوب في التحرر وهي تقبض بالحديد والنار على شعوب لا علاقة لهم بالفرس ولا حتى بشعاراتها المذهبية والطائفية، ويمكن فَهْم ذلك بأنه بازار سياسي والفرس أمهر الناس في هذا البزار والسوق، ولكن ما لا يمكن فهمه أن تنصاع جينات عربية لهذه الشعارات الخائبة من باب الانتماء المذهبي دون أن يتفطنوا للتعامل العنصري من إيران للقوميات والمذاهب والطوائف الأخرى التي أخضعتها القوة الغاشمة للسيطرة الإيرانية، ولا يتأملون واقعهم بين أهلهم وإخوانهم العرب حتى وإن اختلفت مذاهبهم وما يقاسيه إخوانهم في العروبة وحتى المذهب في إيران من ظلم وجور!!

Hassan-Alyemni@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة