Sunday  08/05/2011/2011 Issue 14101

الأحد 05 جمادىالآخرة 1432  العدد  14101

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الشعب يريد (إبليس ولا إدريس)!!
د. محمد أحمد الجوير

رجوع

 

كتبت في أيام خلت مقالات عن الزعيم القذافي، أحدها (إليكم فاطمية القذافي) بمناسبة ولعه بالدولة الفاطمية (العبيدية) ودعوته بإحيائها من جديد, ومقال (القذافي والحاكم بأمر الله) شبَّهته بالحاكم بأمر الله العبيدي سيئ السيرة، ومقال (أصول القذافي صاحب الزنقة), وهذا المقال يأتي في خضم الثورات التي تعصف بمنطقتنا العربية, أوقفني فيه مقولة مشهورة للشعب الليبي في عهد الملك إدريس السنوسي، التي يحكي فيها الليبيون رواية حقيقية فيها الكثير من العِبَر.. تقول الرواية: إن إدريس السنوسي حاكم ليبيا السابق قبل القذافي، كان الشعار الذي يهتف ضده الليبيون آنذاك (نريد إبليس.. ولا إدريس) حتى تجمع الليبيون ووصلوا عند قصره، وكان الملك واقفاً على شرفة قصره، يشاهد الحشود المتجمعة. ولأنه كان كبيراً في السن، ولا يسمع هتافات الجماهير الغاضبة، فقد سأل أحد مرافقيه: ماذا يقول الشعب؟ فقال: إنهم يقولون (نريد إبليس ولا إدريس) فكان جواب الملك: اللهم آمين.. اللهم آمين». فكان لهم ما أرادوا؛ إذ حكمهم إبليس - كما طلبوا - أكثر من أربعة عقود, وفي أغلب صور القذافي الثابتة والمتحركة الحاضرة والماضية عبر تاريخه السيئ يستحضر المشاهد إبليساً صورة وسلوكاً لا شك! فالقذافي وذريته وبخاصة سيف الجاهلية، وأعوانه وبخاصة الناطق الرسمي باسمه موسى إبراهيم الذي يخفي لقب انتمائه لقبيلة زعيمه (القذاذفة)، هو شبيه بمذيع صوت العرب أحمد سعيد في عهد جمال عبدالناصر، ومحمد سعيد الصحاف وزير إعلام صدام حسين. موسى إبراهيم يمارس مهام وزير إعلام القذافي، ومستعد للعب دور المحامي لهذا النظام الفاشي، ولا يعرف أحدٌ ماذا سيكون مصير هذا الرجل إذا ما سقط زعيمه، لكنه حتماً سيظل لفترة في أذهان الكثيرين من الليبيين, بسبب موقفه المتعلق بقضية إيمان العبيدي، وقد يكون أقرب وصف لهذا الرجل قد يلتصق به هو «محامي الشيطان» باعتبار أن القذافي هو إبليس الذي طلبه الشعب الليبي إبان حقبة الملك إدريس السنوسي، وها هو الآن يدفع ثمن ذلك!! القذافي كما ذكرت في مقالاتي السالفة مجموعة متناقضات ومعتقدات تفوح كفراً بواحاً، جعلته يتقمص بالفعل شخصية إبليس! حدثني مؤخراً شاهد عيان من الإخوة المصريين, التقيته في الشارقة، عاش قرابة سبع عشرة سنة في ليبيا منذ أن كان عمره أربعة أشهر بصحبة والده الذي كان موظفاً في مدينة (درنة) الليبية, يُقْسِم بالله أنه لم ينقل إلا الحقيقة التي لم تزل مالة أمامه لشدة وقعها في النفس, يقول: في عام 1984م قام مجموعة من أهالي درنة بمحاولة انقلاب على القذافي, لم يُكتب لها النجاح, وتم القبض على المجموعة, وقد حُكِم عليهم جميعاً بالإعدام شنقاً, ومن هول المصيبة وشناعة الفعل قام القذافي بعملية الشنق لكل واحد على الهواء مباشرة في وقت الإفطار في شهر رمضان, لمدة ثلاثين يوماً, كل يوم يفطر أهل درنة على شخص يُشنق على الهواء, ويعرض ذلك التلفزيون الليبي, لكن الله يمهل ولا يهمل؛ فقد دقت ساعة رحيل نظام القذافي الفاشي لا محالة, وسيلحقه أمثاله ممن ينتقم من شعبه من جراء ثورته عليه, هكذا هي الأنظمة الجمهورية الظالمة, ويبقى الواقع يثبت فضل الملكية على الجمهورية, وقد عبَّر عن هذا الواقع رجل عامي بسيط بقوله: إن من يملك منزلاً خير ممن يستأجر المنزل؛ فالأول يملكه؛ فيحاول أن يحافظ عليه بكل إمكاناته, والآخر لا يهمه سوى أن يستهلك منفعة المنزل, ولو على حساب ملكيات المنزل العامة. وهكذا أغلب رؤساء الدول الجمهورية، يحيطون أنفسهم بمخابرات حديدية ورجالات قمعية, ويهيلون أموال الدولة على من حولهم؛ حتى يضمنوا البقاء مدة أطول, وواقع الحال شاهد على ذلك؛ فالأنظمة الملكية في الغالب آمنة من التغيير, وهي تحاول كسب الجميع، وتعمل على توازن الأمور, وهذا لا يعني خلوها من التقصير, ولكن يبقى النظام الملكي السعودي فريداً من نوعه في عالمنا المعاصر، لتحقيقه مبادئ العدل والمساواة وعدم الظلم, وفوق ذلك تحكيمه بما أنزل الله، وهذا لعمري من الأسباب القوية في التفاف الشعب حوله، وعدم الالتفات للأبواق المسمومة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تستطيع الشعوب الثائرة أن تحافظ لاحقاً - باعتبار ما سيكون - على مكتسباتها, وتضع على كراسي الحُكْم رجالاً مخلصين أمناء, أم ستفرز هذه الثورات رجالاً أبالسة كالقذافي ومن على شاكلته؟!! وتعود إلى الصفر, و»كأنك يا يابو زيد ما غزيت»!!.

dr-al-jwair@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة