Sunday  08/05/2011/2011 Issue 14101

الأحد 05 جمادىالآخرة 1432  العدد  14101

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الريـاضيـة

      

ربما أصبحت ميادين الفن والرياضة ومتابعة مزايين الإبل والتيوس والمطربات هي أكثر الميادين الآمنة والجاذبة للكٌتّاب والقٌرّاء بعيدا عن فيزياء الفكر والرؤى التي تتعب القلب وتقصر العمر، لذا أجد نفسي راغبا في الهروب إلى الملاعب الرياضية لأتحدث عن اللاعب رادوي وتقبيله للصليب.

وهذا اللاعب النصراني له مهارة وإمتاع في كرة القدم، ويتقاضى على ركل هذه الكرة المطاطية راتبا شهريا يحسب بالدولار الأمريكي، وهي العملة العالمية التي اتفق البشر في عالمنا اليوم عليها، رغم اختلاف أعراقهم وألسنتهم وألوانهم وأديانهم وحتى تقاليدهم وأعرافهم، ولا عجب في ذلك فالكرة مستديرة وصنعت للركل، واللاعبون يبحثون دائما عن هز شباك المرمى من الداخل ولا علاقة لهم بالاقتصاد، وإذا كان تقبيل هذا اللاعب للصليب حقاً من حقوقه، ويقر ويعترف بهذا الحق كل عاقل، فلعل المؤاخذة جاءت من كونه فعل هذا أمام مجتمع مسلم، وفي بلد إسلامي يجتهد في حماية مجتمعه من المظاهر الخارجة عن مألوف عاداته وثقافته، ولكن: ماذا لو رفع لاعب مسلم يديه لله شكرا على تسجيل هدف في أحد الملاعب النصرانية؟ هل سيحرم الفريق من نقاط الفوز أو يحال اللاعب إلى التحقيق؟ وماذا يمكن أن نقول لمن يمنع لاعبا مسلماً من شكر ربه؛ إلا أنه متعد ومتجاوز لحقه كإنسان، ولو قيل إن فعلا كهذا يؤذي مشاعر النصارى أو ربما يشككهم في دينهم ويحولهم إلى مسلمين، هنا وبصدق لن أستهجن وعي وثقافة هؤلاء بل سأرحمهم وأدعو الله مخلصا أن ينوّر بصائرهم للحق.

ولعلي تذكرت هنا موقفاً حدث لي في أحد أبراج الرياض الزجاجية عندما كنت وأسرتي في صالة أٌعدت للعوائل بعيدا عن أعين العزاب الذكور، وليس النساء بالطبع، وكان بالقرب منا زوجان من جنسية أجنبية، وكالعادة في مجتمعنا المسلم المحافظ دخل رجل من الحسبة بصحبة شرطي أمني لتفقد الحال والاطمئنان على سلامة السلوك، إلا أنه توقف عند هذين الزوجين الأجنبيين، ويبدو أن الزوج الذكر كان يتقلد قلادة حول رقبته فأشار له رجل الحسبة أن يخلعها، واستجاب له الرجل بكل أدب واحترام، قمت لمصافحة رجل الحسبة والاستنارة برأيه وسألته: إن كان من الضرورة أن يتقيد الأجنبي بعادات وتقاليد وأعراف مجتمعنا في كل الأمور؟ فأجاب مشكورا بضرورة ذلك، قلت: أخشى أن يتم إلزامنا بالتقيد بعادات وتقاليد وأعراف الدول الأجنبية التي نضطر للسفر إليها في بعض الأحيان مجبرين، إما لعدم توافر سرير في مشفى أو لتدارك خطأ في تشخيص مرض أو حتى لقضاء عمل ما،

وماذا لو قال لي هذا الرجل الذي خلعت منه قلادته بعد أن يراني وزوجتي في أحد مطارات بلاده بأن على زوجتي أن تخلع حجابها احتراما لطبيعة عادات وتقاليد وأعراف بلاده: ما عساي أن أفعل؟ قال مبتسما: ولماذا تسافر إلى هناك أصلا؟ قلت ربما ضرورة، فقال منهيا الحديث: سنلزمهم باحترام عادات وتقاليد مجتمعنا، وهم أحرار في بلدانهم وحماية مجتمعاتهم، ولعلي تذكرت هذه القصة وربطتها بحادثة اللاعب رادوي للتجانس والشبه بين القصتين، على أن اختلاف طبائع البشر وأديانهم في عصر تقاربت فيه المجتمعات من بعضها لتحقيق المصالح المشتركة، ربما جرني من حيث لا أدري إلى التفكير فيما أحاول تجنيب هذه السطور منه، فلا جلد لي الآن على تعليل المعلل ولا إضافة المضاف وجر المجرور، والحديث أصلا عن الكرة واللاعب الروماني الذي ساهم وزملاؤه الآخرون في نادي البطولات من نيل البطولة الثانية والخمسين.

وبالمناسبة، لا أعتقد أن رادوي أفضل من زميله السويدي ويلهامسون النصراني أو البوذي لي يونغ من كوريا الجنوبية، ولكن، لعل الجمال الذي يشدني بصدق ويطربني هو في تعبير هؤلاء جميعا مع إخوتهم من الوطن المسلم عند تحقيق فوز أو بطولة بلغة عالمية إنسانية وهي نشوة الفرح والسرور الفطري.

hassam-alyemni@hotmail.com
 

بين الصليب والقلادة... واستئناس الناس
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة