Saturday  14/05/2011/2011 Issue 14107

السبت 11 جمادىالآخرة 1432  العدد  14107

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أي جريمة أكبر من قتل الأبرياء الآمنين، أي جريمة أفظع من الشعور بالـ»لا أمان»، وأنت تسير في أي مكان من العالم، أي وجع يمكن مداواته ونحن نرى أبناء البلدان العربية الشقيقة يتساقطون على الأرض بفعل أعمال القمع الممارسة ليست من المحتل الأجنبي، بل من محتل «وطني» يقتل ويعربد باسم الحفاظ على مكتسبات البلد.

جاء على ذروة مشهد الأحداث الساخنة جداً خلال الأيام القليلة الفائتة، أخبار حفل الزفاف الملكي في بريطانيا، والخبر الأبرز عن قتل أسامة بن لادن الزعيم الروحي لتنظيم القاعدة، واشترك الخبران في إلحاق لفظة «القرن» إليهما، «زواج القرن»، و»خبر القرن»، على الرغم من القرن لا يزال في بدايه، وربما تأتي السنوات المقبلة، والتي من المحتمل ألا نحيا فيها، الكثير من المفاجآت والأخبار الأكثر إثارة «إعلامية» من الزواج الملكي، أو قتل ابن لادن.

لكن على كل فكلا الخبرين أو الحدثين جاء على ذروة سخونة المشهد الإعلامي؛ إذ يحمل الكثير من الرسائل، والدلالات التي يمكن تأويلها، والتي من الصعوبة بمكان مجرد الاقتراب من محاولة التفسير، وليس التأويل، لأن الأسرار إذا لم تعلن، من الصعب أن يتم تفسير نتائجها أو تبعاتها، لأنها ببساطة تم رميها في البحر، بلا إحداثيات، لمعرفة المكان بدقة، للقضاء على مجرد التفكير في إمكانية العودة إلى الصندوق لمعرفة بعض الأسرار، التي ربما يتم الكشف عنها بعد خمسين عاماً على الأقل، حين تصبح تاريخا، وأبطاله «الموتى» وقتها، لا تلحقهم أي عقوبة جنائية أو سياسية أكثر من «الموت»، لكنهم سيكونون أحياء في التاريخ الذي سيعاقبهم على كل شاردة وواردة، فكتب التاريخ لا ترحم، حتى ولو كان من يكتبها الدول القوية.

قد يتصور البعض للوهلة الأولى، أن دافعي الضرائب في أمريكا هم أكثر المستفيدين من قتل ابن لادن، لأنهم يتصورون أن بمقتل الأب الروحي لتنظيم القاعدة، وقطع الرأس، تنتهي الهجمات الإرهابية على مختلف مناطق العالم، والتقليل من نفقات الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على الإرهاب، وتتبع ابن لادن طوال سنوات عشرة، وأربعين دقيقة هي زمن عملية القتل، كما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهو شامتاً متشفياً في خصم تم قتله بمعرفة فرقة كوماندوز، وإلقاء كل الأسرار في البحر.

في تصوري أن أكثر من ارتاح من قطع الرأس هم من اكتشفوا أن سوْق الشباب إلى مجازر الذبح أمر مفزع جداً، وأن غياب روح الانتماء إلى الوطن، والانتماء إلى فكرة إنسانية يرسمها هؤلاء القتلة ببراعة هي وراء العمليات الانتحارية التي استخدم فيها الأطفال في سن الثانية عشرة، ويقفز السؤال هل بمقتل ابن لادن ستجف منابع الإرهاب؟ والإجابة بالنفي هي الأقرب.

ولا أحد يستطيع أن ينكر دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل ذلك الكيان الإرهابي الأول الكامن في خاصرة العالم الإسلامي والعربي في آن، هو سبب الإرهاب الأساسي في العالم، والمفرز له بشكل مطرد، إذ لم يكن اختيار موقع دولة فلسطين عشوائياً لتكون وطناً قومياً لليهود حسبما قال بلفور في وعده عام 1917 الذي وصفه التاربخ بأنه «وعد من لا يملك لمن لا يستحق».

«الإرهاب» ذلك المصطلح الذي تستعمله أمريكا لتصف عمليات القاعدة ضدها، والعالم كله يصف ما تقوم به إسرائيل بجرائم الحرب، إذ كان الحديث عن وقف إرهاب القاعدة مفرحاً للعالم كما بدا في مختلف وسائل الإعلام خلال الأيام الفائتة، فإن الحديث أكبر عن إرهاب أشد خطراً يمارسه الكيان الصهيوني ضد الشعب الأعزل، ومن ورائهم من يقوم بدور شرطي العالم الذي يمسك بهراوته ضد من يحاول الاقتراب لنتف شعرة من أسفل إبطه «إسرائيل».

كما اهتز العالم مرات ومرات بأفعال أسامة بن لادن، اهتز أيضاً بمقتله، فلا يمكن تسمية قتل الأبرياء بالعمل الجهادي أبداً، ولا يمكن تسمية ترويع النفس الإنسانية الآمنة بأي تسمية من التسميات إلا الإرهاب، ذلك الإرهاب الذي كان حجته هو محاربة الولايات المتحدة الأمريكية، سواء داخل أراضيها أو خارجها، ولم يكن حادث تفجير البرجين الشهيرين في الولايات المتحدة الأمريكية إلا ذروة الحدث، وبداية وضع اسم أسامة بن لادن على رأس قائمة المطلوبين على مستوى العالم، وكان رقم «1».

كثيرون كانوا مصرين على أن أنباء مقتل ابن لادن «مفبركة» وكأنهم غير مصدقين، أو لا يريدون تصديق الخرب، وراحوا يتبادلون ذلك الرأي عبر موقع الـ»فيس بوك»، و»تويتر»، والـ»بلاك بيري»، لكن ما هو مؤكد أن ابن لادن مات، وأن إسرائيل ومن ورائها أمريكا لا تزال تمارس الإرهاب على العالم، وأن الثورات العربية ما زالت قائمة، وما زال كثير من الشهداء يسقط على الأرض، وما زال عاشقوا الكراسي الدموية متشبثين بها، معلنين قرب نصرهم على الفوضى التي ترفضهم، والتي يمثلها الشعب صاحب الحق الحقيقي في الاستفتاء على بقاء هذا وسقوط ذاك.

إذا أرادت أمريكا والعالم من ورائها القضاء على الإرهاب فليتكاتف من أجل إشاعة العدالة، ونبذ الكراهية، وتحرير الأرض العربية المحتلة، وإزاحة المحتل، ومساعدة الشعوب على التحرير ممن يصوب فوهة مدفعه إلى أبناء الأرض، لتفويت أي فرصة على من يختبئ خلف هذه القضايا الساخنة متى ما تم حلها.

aboelseba2@yahoo.com
 

ذروة سخونة المشهد.. «عرس ملكي.. وقتل ابن لادن»
حسين أبو السباع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة