Friday  20/05/2011/2011 Issue 14113

الجمعة 17 جمادى الآخرة 1432  العدد  14113

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حلَّ الصيف، وكلنا لا سيما في المملكة العربية السعودية نعرف أن الصيف يعني شدة الحرارة، ووهج الشمس، وربما ريح السموم، ولذا فعلينا أن نكون أكثر استعداداً لتقبل هذا الطقس الذي اعتاد على زيارتنا كل عام، واعتدنا على قبوله بما يحمله من ظواهر ليس لها في قلوبنا موضع ترحيب، لكنه لا يكون في الغالب ضيفاً ثقيلاً، فهو يحمل أيضاً في بدايته ثماراً طيبة من خوخ ومشمش وكرز وغيرها من الثمار اليانعة، إضافة إلى الرطب الجني الذي كان عماد غذاء سكان جزيرة العرب عبر آلاف السنين.

والصيف لم يعد مرتبطاً بما ذكر آنفاً فأصبح ملازماً له شد الرحال والعزم على الترحال، وصرف المال، ونفض الجيوب والصراع بين الأزواج مع إلحاح بعض العوائل على أربابهم وتحميلهم ما لا يطيقون لتوفير المال اللازم للسفر داخلياً أو خارجياً، لكنه أيضاً موسم أعراس، وليالٍ ملاح، والأعراس لا تخلو من الإنفاق والبذل، ولهذا فهو مرتبط كذلك بالجيوب واستنزاف ما فيها.

والصيف بحره يجبر الناس على استخدام التكييف وهذا يعني ارتفاعاً كثيراً في فاتورة الكهرباء، والبحث مرة أخرى فيما تبقى من نقود في الجيوب، وليست الكهرباء فقط، لكن عدداً لا بأس به من الأبناء وبعد أن أنهوا مدارسهم يتوقون إلى قضاء بعض الأوقات في أماكن التسلية والذهاب إلى تناول القهوة في المقاهي، والأطعمة في المطاعم، وهذا يعني مزيداً من نفض الجيوب، إن كان ما تبقى يسمح بما يطلبه الأبناء.

في خضم هذه المعطيات، هل حقاً يكون الإنفاق الأسري أكثر من فصل الصيف؟ وكم هي نسبة ذلك الإنفاق إلى مجمل الإنفاق السنوي؟ وما هي تلك النسب بالنسبة لمقدار دخول الأسر؟ وهل لذلك تأثير على العلاقات الزوجية وكثرة الخصام، وربما الطلاق؟ أسئلة تستحق الإجابة، أتمنى أن يكون هناك بحثٌ قد عمل حيال ذلك، أو أن علماءنا الأفاضل يجيبون على الأسئلة المطروحة من خلال بحث علمي لسنوات عديدة أو عينة مختارة.

في الصيف تتغير الطبيعة في الصحراء وتصبح قفراً لا ماء فيها ولا عشب، وربما تذبل الأوراق، وقد تحترق، وأذكر أنني في سنوات مضت عندما كنت أعيش الصيف في الرياض أقيس مقدار شدة الصيف باحتراق أوراق شجر (الفيكس) المزروع في الشوارع البعيد عن الظل، فعندما يحترق فهذا يعني أن شدة الصيف في ذلك العام تجاوزت الحد المعتاد، أما إذا بقيت خضراء نضرة لهذا يدل على أن الصيف أقل حرارة، وربما يكون مقياس العين أكثر دلالة من مقياس الحرارة العلمي المعتاد.

في الصيف ومع السفر والترحال، يزيد احتمال اللقاء في أماكن من العالم، فتتجدد المحبة ويحل التآلف والتقارب، ويكثر التعارف وهذه ميزة من الميزات التي يهديها الصيف إلى سكان الجزيرة وربما غيرها من القاطنين في أنحاء العالم.

إن كان الصيف كذلك، فالناس ومكونات الطبيعة لن يكونوا في الجملة، فهناك النافع والضار، وهناك الخير والشر، والحصيف من اختار الخير وانتفع، واجتنب الشر ولم يستضر ولهذا فعليه أن يمشي في الظل بمحاذاة الجدار حتى لا تصيبه ضربة شمس صيف شديد الحر، أو ضرر شرير أشهر سلاح الشر، وأغمد سيف الخير، وقد يصيب في مقتل، كفانا الله، وإياكم شر الأشرار، ونفعنا بكل ما في الناس من خير ونفع.

 

نوازع
الصيف وهمومه
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة