Friday  20/05/2011/2011 Issue 14113

الجمعة 17 جمادى الآخرة 1432  العدد  14113

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يُعَدُّ التعليم الأهلي في المملكة رافداً مهماً للتعليم الحكومي؛ حيث شهد التعليم الأهلي في الآونة الأخيرة طفرة كبيرة في مختلف مراحله حتى تعدت هذه الطفرة إلى إنشاء كليات وجامعات أهلية تواكبت مع وضعنا الحضاري والعلمي الذي قفز قفزات هائلة

في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -.

وتنوُّع المدارس الأهلية وتزايدها بشكل كبير هو لا شك يصبُّ في صالح المجتمع؛ لأن التنافس دائماً يكون في مصلحة المواطن، وخصوصاً في تنوُّع الأنشطة والبرامج التعليمية، وقوة متابعة الطلاب والطالبات وقياس مستوى قدراتهم، وتخفيض قيمة الرسوم لقبول الطلاب والطالبات من أجل المنافسة.

وما تجدر الإشارة إليه هو تنامي الجشع الكبير لدى الكثير من ملاك المدارس الأهلية على الرغم من الإعانة التي تقدمها الدولة لهم؛ حيث إن أغلب المدارس أصبح همها الأول قبول عدد كبير من الطلاب والطالبات لزيادة دخل المدرسة المالي، ضاربين عرض الحائط بتطوير مستوى وقدرات الطلاب والطالبات، والرفع من تحصيلهم العلمي، وقد نستثني بعض المدارس الأهلية المتميزة في إدارتها وتعليمها وشدتها، ولكنها تظل مدارس محدودة للغاية في ظل كثرة المدارس وانتشارها.

ومدارسنا الأهلية في كل أنحاء المملكة تحتاج إلى إعادة نظر من ناحية التصاميم والرسوم، والمواقع التي يتم البناء عليها والتشييد فيها، وكذلك التعاقد مع المدرسين والمدرسات، والإنتاج العلمي والمتابعة من قِبل وزارة التربية والتعليم.

ومن صور الجشع المالي رسوم التسجيل التي تُفرض على الطالبات والطلاب المستجدين، وهذا - من وجهة نظري - إجحاف وظلم كبير تفرضه المدارس على روادها، حتى أن رسوم التسجيل تختلف من مدرسة إلى أخرى حسب كثرة أعداد المقبولين لديهم أو نوعية المدرسة، أي لا توجد هناك قاعدة ثابتة لتلك الرسوم، وإذا شعرت إدارة المدرسة بأن الأعداد المسجَّلة لديهم كافية رفعت الرسوم على الطلاب المتقدمين لها ظناً منهم أن هذه المدرسة أصبحت مميزة، فإذا كانت المدرسة هي التي تحدد الرسوم وتزيد منها في كل سنة فأين دور الجهة الرقابية بالوزارة من خلال تلك الزيادات؟ ولماذا لا يتم فرض عقوبات وغرامات على المدارس التي تزيد الرسوم؟ أضف إلى ذلك هل ما تقوم به المدارس من أخذ رسوم تسجيل من جميع الطلاب والطالبات وزيادتها في كل سنة حق مشروع؟ ومن الذي أقر هذه الرسوم؟ ولماذا؟ أسئلة تحتاج إلى إجابات، ولكن الإجابات تذوب في ظل رضا بعض المستفيدين عن تلك الرسوم وزيادتها بشكل سنوي.

أما المواقع التي يتم الإنشاء عليها فبعض المدارس مواقعها متميزة جداً، ولا تسبب مضايقات في الأحياء، وتكون تلك المدارس أنموذجية بشكل كبير، وترسم لنا لوحة جميلة من الناحية التعليمية نفتخر بها في هذا الوطن، وهناك مدارس تكون في مبان مستأجرة وقديمة، كانت في الأساس منازل وفللاً سكنية، وليس لديها أي مقومات لجذب الطلاب والطالبات، سوى سعرها المغري.

أما التعاقد مع المدرسين والمدرسات فمعظم المدارس الأهلية تتعاقد مع المقيمين الذين في الداخل، وهؤلاء المقيمون أتوا إلى بلادنا محارم مع زوجاتهم أو العكس، فتكون أُجورهم متدنية، وعطاؤهم محدوداً جداً، أو يكون تعاقدهم من الخارج مع مدرسين ومدرسات بأجور متدنية، بسبب أنهم غير مؤهَّلين ومدرَّبين في الأساس؛ ما يفسح المجال أمامهم بأن يركزوا على إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب والطالبات، وخصوصاً المتخصصين في المواد العلمية، ويحصلوا على ضِعْف رواتبهم عشرات المرات، والجميع يعلم أن إدارات المدارس الأهلية تتعاقد مع بناتنا وأبنائنا أصحاب الشهادات الجامعية برواتب ضئيلة لا تتعدى (2000 ريال) في الشهر الواحد دون احتساب الإجازات لهم؛ ما يجعلهم ينسحبون في أوقات عصيبة جداً، خاصة قبل نهاية العام الدراسي، ويربكون العملية التعليمية للطلاب.

ومن وجهة نظري لو أن الوزارة تدخلت وقامت بإجبار مُلاك المدارس الأهلية بتعيين المدرسين والمدرسات من أبناء الوطن على ألا يكون الراتب أقل من (4000 ريال)، وتتحمل الوزارة النصف، والمدارس النصف الآخر، وتكون المبالغ المدفوعة للمدارس الأهلية جزءاً من الإعانة التي تُقدّم لها، فسنستطيع بهذه الطريقة معالجة البطالة المستمرة لدينا، وخصوصاً لأبنائنا المعلمين والمعلمات، أضف إلى ذلك أن أغلب إدارات المدارس الأهلية في أيدي المقيمين من جنسيات مختلفة، وخصوصاً من وظيفة وكيل مدرسة وما دون ذلك، وهذا أمر مؤسف للغاية أن تكون متابعة أبنائنا وبناتنا من غير أبناء الوطن، وهذا الشعور لا يقلل من قيمة إخواننا المقيمين، ولكن التجارب تقول: إنهم يعانون كثيراً سلوكيات بعض الطلاب والطالبات، وإنهم عاجزون عن ردعهم وتأديبهم، ولكن لو فُرض على جميع المدارس أن يكون الطاقم الإداري من أبناء الوطن لتغيرت مدارسنا إلى الأفضل.

أما الإنتاج العلمي والمتابعة فمعظم المدارس الأهلية لا تهتم بهذا الجانب بشكل مأمول، وإنما تكون بعض مخرجاتهم - برغم حصولهم على نسب عالية - ضعيفة جداً؛ ما يجعلهم يتعثرون في مرحلة التعليم الجامعي، وخصوصاً خلال فترة اختبارات القياس ودراسة السنة التحضيرية.

نأمل جميعاً بأن يكون للمدارس الأهلية دورٌ كبيرٌ في تأهيل الطلاب والطالبات التأهيل المناسب الذي نتطلع إليه، ولا يكون همهم الأول جمع المال فقط على حساب ضياع الجيل الذي تُعقد عليهم الآمال والأحلام للنهوض بهذا البلد وتطويره ليواكب حضارات الأمم الأخرى.

 

مدارسنا الأهلية بين العلم والمال
د. محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة