Friday  20/05/2011/2011 Issue 14113

الجمعة 17 جمادى الآخرة 1432  العدد  14113

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في حين نرغب الاتجاه نحو مسار المعرفة واقتصاد المعرفة للانتقال بالوطن إلى عصر القرن الحادي والعشرين، يبدو أننا في حاجة إلى تمهيد وتهيئة المجتمع عبر التوعية والتثقيف لخلق حالة الاستعداد اللازمة، كي لا نجعل حصيلتنا من هذه الرغبة هي استنزاف الوقت والمال فقط.

وكي ننقل المجتمع من حال إلى حال فلابد من توفر وسيلة النقل، ولأننا إزاء وعي وثقافة مجتمع فإن الوسيلة لابد أن تكون فكر وعقل، إذ إن العملية ليست نقل أجساد أو توفير أجهزة وإنما هي عملية معلوماتية تنتقل وتتموضع عبر العقل في الفكر والاستيعاب والإنتاج، وهذا يستوجب التحرر الفكري التام من معوقات التفكير خارج السائد والمألوف، في عملية جريئة لا يجوز اعتبارها تعديا أو تجاوزا على المسلمات أو الثوابت والخصوصية الثقافية، بل إن الذي لا يجوز حقا هو الاحتباس داخل دائرة الخصوصية والتميز بدعوى حماية الوعي والثقافة الاجتماعية الحاكمة على منتج الحياة والمعاش، في عملية تعويض عن التحرر الفكري باستهلاك المنتج الفكري المستورد ومن ثم الصعود على هذا الوهم نحو المعرفة واقتصاد المعرفة، هذا في ظنّي أمر لن يوصلنا أبداً إلى ما نبتغي، بل سيكون بمثابة ملهاة لاستنزاف الوقت والمال ويبقينا أسرى لعقول تفكر خارج دائرتنا وبدون خواص (مغناطيسية) ثوابتنا ومسلماتنا التي رفضنا تحرير عقولنا وأفكارنا خارج دائرتها لحمايتها فجاء ما نخشاه من خارجها مثل سهام صفوان على هودج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولست في حاجة للتدليل على ذلك ابتداء من المبرقة إلى الإذاعة إلى تعليم البنات إلى التلفاز وحتى اللاقط الفضائي والانترنت والشواهد أكثر من أن تحصى، حتى صرنا نعظ على الأصابع ونصرخ.. إننا أمّة مستهدفة.

لا.. لسنا مستهدفين، ولكننا بكل أسف عاجزين عن الخروج من محيط الدائرة التي حبسنا أنفسنا داخلها بغية تأمين الحماية والأمان، في حين تدور دائرتنا كمكرة تلاسن مكرات أخر في ماكينة مستمرة الدوران لتولد الحياة وإعمار الأرض، إنها حركة التاريخ المستمرة التي تدير حضارات الأمم لتؤرخ العصور، وأي أمّة تخشى تبدل العصور تبقى حبيسة عصرها المتخلف عن راهنه، ومن أبجديات علم النفس أن التبرير في الغالب نتاج العجز، ثم أن التأمل والتفكر عبادة في ديننا الحنيف، وقد تكرر التوجيه الرباني بالتفكر والتأمل في أكثر من آية وسورة، كما أن لجوء محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام إلى غار حراء قبل البعث لم يكن للصلاة ولا الاستغفار ولا الصوم ولا قراءة القرآن الكريم الذي لم يتنزل وقتها بل كان في عبادة التأمل والتفكر خارج ما ألفته قريش وحبست فكرها على حمايته وتقديسه لأوثان وأصنام، ومن قبل ذلك لجأ الخليل عليه السلام إلى السماء بحثا عن إلاه ومعبود في النجوم والشمس خارج أصنام نمرود وأوثانه.

إن المعرفة لا تأتي إلا بإشغال العقل والتفكير في معرفة ما خلف الظاهر، كحالة ذكاء وإبداع، كما أن اقتصاد المعرفة يمكن تعريفه في أن تكون المعرفة هي المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، وبمعنى أنه ومن خلال المعرفة يمكن استخدام العقل كثروة لا تنضب في إنتاج العلوم والتقنية وإعمار الحياة وإسعاد الإنسان، لكن ذلك لن يتم أبداً في مجتمع يصدم فكر الحاضر بفكر الماضي أو يؤول استخدام العقل والفكر فيما هو خارج قناعاته على أنه اعتداء أو تجاوز، فالرهبة من الفكر لا تصنع ثقافة المعرفة.

hassam-alyemni@hotmail.com
 

المعرفة الاقتصادية حرية فكر
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة