Thursday  26/05/2011/2011 Issue 14119

الخميس 23 جمادى الآخرة 1432  العدد  14119

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

دعواك يا دكتور ناصر العمر على سمو وزير التربية.. هزل فاضح !
عبدالعزيز بن عبدالله الرشيد

رجوع

 

قال لي صديق: هل سمعت كلام الدكتور ناصر العمر بحق وزير التربية والتعليم ؟ فقلت: لا.. خيراً إن شاء الله، وماذا قال الشيخ العمر؟ قال: لا أستطيع أن أوجز.. عليك أن تسمعه أنت، بل لعلي أقول: يهمني أن أسمع رأيك أنت بالذات.. فتبين صديقي علامات الدهشة في محياي! فقال: لا تستغرب.. سأقول لك لماذا يهمني رأيك، أنت والدك هو الدكتور عبدالله الرشيد -رحمه الله- نائب رئيس تعليم البنات، هل هذا صحيح؟ قلت: نعم.. قال وعمك هو الشيخ عبدالعزيز الرشيد أول رئيس عام لتعليم البنات والذي أصبح رئيساً لهيئة التمييز وعضواً بهيئة كبار العلماء؟ قلت: نعم يا أخي وما دخل كل ذلك بكلام الدكتور ناصر العمر، هل قال شيء حولهما؟ أو ذكرهما بخير أو بشر في كلامه؟ لقد استفزيت فضولي بكلامك هذا.. هل حديث الشيخ العمر موجود على اليوتيوب؟ قال: نعم.. فدخلت عن طريق الهاتف المحمول على اليوتيوب، وبحثت عن حديث الشيخ العمر عن وزير التربية فوجدته، فأخذت أسمع.. في البداية هالني كلام الشيخ، فقد توقعت أنه صدر قرار بالاختلاط في جميع المراحل, وأنني آخر من يعلم ! واستمعت حتى النهاية، وحينها فقط فهمت ماذا كان يقصد صاحبي، عندما ربط بين حديث الشيخ العمر بوالدي -رحمه الله- وعمه الشيخ العلامة الشيخ عبدالعزيز الرشيد.

لقد ارتبط تعليم البنات في المملكة العربية السعودية بوالدي المغفور له بإذن الله الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الرشيد، لعدة اعتبارات، أولهما: أنه حين قرر الملك فيصل -رحمه الله- البدء بتعليم البنات في المملكة العربية السعودية، وجد معارضة كبيرة من علماء الدين، ولكنه بنظرة ثاقبة أصر وطمأن العلماء بأن ذلك سيكون تحت إشراف مباشر منه -رحمه الله- ومن مفتي المملكة في ذلك الوقت الشيخ محمد بن إبراهيم، وقد اختار لتلك المهمة الشيخ عبدالعزيز الرشيد رئيساً عاماً لتعليم البنات، ووالدي الدكتور عبدالله الرشيد مديراً عاماً لتعليم البنات، وبدأت القصة بشقة صغيرة في شارع التلفزيون وسط مدينة الرياض، يداوم بها والدي وعمه وسكرتير.. سبحان الله.. ثم كبرت يوماً بعد يوم، حتى أصبح تعليم البنات يضاهي تعليم البنين.. فعلياً وليس من باب المبالغة.. وثاني هذه الاعتبارات: أنه أصبح تغيير الرئيس في تعليم البنات روتيناً، مع بقاء صلاحيات نائب الرئيس الوالد -رحمه الله- طوال 40 عاماً كما هي، تغير الشيخ عبدالعزيز الرشيد بالشيخ ناصر الراشد، حيث سلم الشيخ عبدالعزيز الرشيد رئاسة هيئة التمييز، وأصبح الوالد الدكتور عبدالله الرشيد -رحمه الله- نائباً للرئيس، وتوالى على الرئاسة مجموعة من العلماء الأفاضل, الشيخ ابن خنين الشيخ ابن عودة.. وغيرهم، واستمر نائب الرئيس يتمتع بصلاحيات واسعة.

أني وجدت كلام الدكتور ناصر العمر ضد سمو وزير التربية والتعليم في غير محله، فإذا لم تعد للدين مكانته في تطييب الخواطر وتهدئة النفوس، فسيبقى الناس متدابرين متحاقرين لا يجمع شملهم شيء, و الشيخ العمر من العلماء الذين يقع عليهم واجب نصح الأمة في كل ما يعنيها من أمور دينها ودنياها.. وقد كان السلف إذا ارتادوا نصيحة أحد وعظوه سراً حتى قال بعضهم من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه.. وقد تكون نصيحة ولي الأمر أشد تأكيداً على سريتها والأدب في انتقاء كلماتها وأسلوبها حتى تكون أقرب للاستجابة، سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال إن كانت فعلا ولابد ففيما بينك وبينه.. وأجد أن الشيخ العمر قدم نصيحة لولي الأمر بأسلوب لا يليق إطلاقاً، بل حمل نفساً تحريضياً غير مقبول، والشيخ يعلم أن التظالم بين الناس لا يجوز، ومن العبث أن تحل مشكلة بصنع مشكلة أخرى، أو أن تعز طائفة من المجتمع -حتى وإن كانت من طلبة العلم- بإذلال الطوائف الأخرى من المثقفين، والتربويين ونحوهما، فطريقة التلميح الدائم بتأييد ولي الأمر للعلماء الأفاضل، وأن لهم مكانة عند ولي الأمر، وجعلها سيف على رقاب الناس هذا أمر لا يقبل من رجل فاضل مثل الشيخ العمر، إن موضوع تدريس الأطفال حتى الصف الرابع من قبل المعلمات أمر تربوي بحت وهناك دراسة قديمة كما أعرف تبنتها وأقرتها وإن لم تنفذ الرئاسة العامة لتعليم البنات في وقت مبكر من تأسيسها، ولا يخالف هذا القرار تعاليم الإسلام بشيء، فلماذا تصويره بهذا الشكل المخيف من باب (سد الذرائع) الذي سدت به أبواب فيها خير كثير للأمة بتخوف لا مكان له، ولقد وجدت في كلام الشيخ العمر شيء من موقف أولئك الذين طالبوا بمنع المرأة من التعليم قبل عشرات السنين، فقد قالها هو بنفسه «أن رجال الدين حينما طالبوا بعدم السماح للمرأة بالتعليم، كانت لهم نظرة ثاقبة، وهي ما نراه الآن من دعوة وزير التربية للاختلاط» سبحان الله يا شيخنا الفاضل، هل كانت بحق نظرتهم ثاقبة بالوقوف ضد تعليم المرأة، هل تنكر تعليم بناتك وحفيداتك أنت شخصياً، إن هذه المواقف المنكرة هي التي صنعت الفكر الإسلامي في العصور الأخيرة، وفرضت الأمية والتخلف لا على المرأة وحدها، بل على نظام الأسرة وكيان مجتمع وطبيعة تشريع.

إننا في عصر شاركت المرأة الرجل غزو الفضاء فلا يجوز أن نترك القاصرين يثيرون على ديننا التهم، وينقلون للناس في أنفسهم من علل، أن الحد الأدنى للأمية يرتفع بشكل سريع في العالم، فالمرأة التي تجهل التواصل الإلكتروني والمعلوماتي والتقني الحديث، لن تستطيع مراقبة أبنائها، لن تستطيع معرفة ما يشاهدون وما يطالعون ومع من يتواصلون في كامل أرجاء العالم، ناهيك أن تعرف هي شخصياً ما يفيدها وينفعها في حياتها، وغداً لا نعلم ماذا يخبئ القدر لنا، شرف الأمة أن تحكمها تقاليد النبل أكثر مما تحكمها قوانين القمع والتضييق، إن سلطان الأخلاق أجدى وأرحب من سلطان التخويف وقفل الأبواب من باب «سد الذرائع»، والمتعة الحقيقة للأمم هي في سيادة الهدى والتقى والعفاف والغنى، ومكمن الانهيار العلمي والروحي الذي أصابنا، يعود إلى النظرة الحيوانية المجردة لوظيفة المرأة، يا شيخنا إن عليك وعلى أمثالك مهمة شريفة، ألا وهي أن تراعي البناء الإسلامي حجراً حجراً، وتعيد الجدة والرونق إليه بعد ما حوله «التزمت» إلى أنقاض في السنين التي خلت، و»التزمت» الذي أقصده هو العجز العلمي عند بعض المنتمين إلى الإسلام الذي يجعلهم يتصورن المباح حراماً، وأن النفل فرضاً أو العادات عبادات أو تقاليد بعض البيئات هدياً سماوياً، والأدهى من ذلك كله الاشتباك مع الآخرين في أمور كان يمكن تطويعها لخدمة الإسلام وتحقيق أهدافه ومثله.. والله من وراء القصد.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة