Friday  27/05/2011/2011 Issue 14120

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1432  العدد  14120

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

أعود اليوم للحديث عن مسابقات البنوك في الفنون. ولكي أكون منصفة، وحيث ذكرت سلبياتها في الأسبوع الماضي، سوف أعود لذكر ما للمسابقة من إيجابيات، معظمها كان بدافع اقتصادي، فإن الرسالة التي وجهها البنك من خلال الإعلان، والتي توحي بأن الكل قادر على مزاولة العمل الفني، والكل لديه فرصة في الفوز، مع رصد مبلغ مُغرٍ للفائزات، وأيضاً مع عدم توضيح الفئة التي تشملها المسابقة (موهوبات/ واعدات/ متمرسات... إلخ)، شجّعت العديد ممن لم يزاولون الفن لفترة طويلة جداً للعودة للفرشاة واللون واللوحة، ونشط البعض الآخر بعد طول جفاء، وأصبحت الأسرة بالكامل فنانين، وإن كان الدافع اقتصادياً لدى الغالبية، إلا أن الحديث حول الفنون وممارستها بحد ذاته كان شيئاً إيجابياً. أيضاً في انتشار المسابقات وتشجيع مزاولتها تحريك لهذا المجال حتى وإن كانت الدوافع كما أسلفت اقتصادية. وأيضاً في اتجاه القطاع الخاص لرعاية هذا الجانب الاقتصادي دوره في دعمه ونشر الثقافة بشكل غير مباشر.

واليوم ونحن نسمع عن مسابقة جديدة رأى البنك أن يكون في مأمن من تلك الانتقادات التي تطول المنظمين في اختيار الأعمال الفائزة؛ لذا لجأ إلى التخلي تماماً عن مسؤوليته في التحكيم؛ لتبدو العملية حيادية أمام الجمهور؛ فقد ألغى موضوع لجنة التحكيم من أساسها، وجعل عملية الفرز واختيار الفائز من خلال التصويت مثل برامج سوبر ستار وغيرها من البرامج التلفزيونية التي تهدف إلى الربح العاجل من خلال مشاركات الجمهور لا إلى كشف المواهب وتنميتها بوصفه هدفاً أساسياً. كما أخلى البنك أيضاً نفسه من عناء استقبال الأعمال وضياعها أو تلفها كما حصل في المرة السابقة، وذلك من خلال الاعتماد على الصور فقط في التحكيم، التي تقوم المشاركة بتحميلها بنفسها على الموقع. وأخيراً ضاعف المركز من قيمة الجائزة لترضية الجمهور واستقطاب عدد أكبر.

وأكرر هنا: وإن كان موضوع المسابقة بحد ذاتها إيجابي في دورها في نشر ثقافة الفنون البصرية إلا أنه قد يكون لها عوارض جانبية سلبية على المجال في الوقت ذاته، منها أن يساء فَهْم أو تذوق العمل الفني الجيد، وتصل رسالة مغلوطة للمتذوقين في تحديد العمل الفني الذي يستحق الفوز، بل قد تتحطم هنا مرة أخرى الموهبة، لا بسبب عدم النضج، ولكن لأسباب أخرى عديدة؛ فالفائز في هذه الحالة هو الذي يحصل على أكبر قدر من الأصوات، فهل تصبح انتخابات بلدية المنتَخَب فيها مَنْ ينتمي لقبيلة أكبر وأكثر دعماً؟ بمعنى (اللي تعرف ناس أكثر هي اللي راح تفوز)! وهنا يعود تساؤلي من جديد: هل المسابقات الوسيلة الأمثل لدعم الفن؟ أم أن علينا تحفيز ودعم الفن من خلال وسائل أخرى كالمنح والورش وغيرها من أساليب الدعم والرعاية؟

أخيراً، لا نشك في أهمية ودور الاقتصاد في أي مجال من مجالات الحياة، وهو أحد المحفزات في نمو الحضارات، ومنها جوانب الفنون البصرية، ولكن يجب أن نكون أصحاب وعي ورسالة، ولا نرضى بهيمنة الاقتصاد على جوانب التذوق، وإنما نحاول استخدامه لدعم الذائقة وتنميتها للرقي بذائقة المجتمع كله، وكذلك تشجيع الموهوب من خلال الاستثمار فيه بوصفه جانباً استثمارياً قد لا تكون أرباحه في صالح القطاع الداعم فقط بقدر ما هي في صالح المجتمع كله.

msenan@yahoo.com
 

إيقاع
سوبر ستار تشكيلي (2-2)
د. مها السنان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة