Sunday  29/05/2011/2011 Issue 14122

الأحد 26 جمادى الآخرة 1432  العدد  14122

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

لم تعد المسؤوليات الاجتماعية حكراً على الحكومات، وعملاً يقتصر عليها، وإنما أصبح لمؤسسات المجتمع المدني دور رئيس في القيام بهذه المسؤولية؛ على اعتبار أن المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية ركيزتان محوريتان يجب أن تتعاضدا للقيام بهذه المسؤولية داخل الدولة التي تتكون من القطاعين الحكومي والأهلي، ولا تقتصر على العمل الحكومي فحسب. وكل ما كانت مؤسسات المجتمع المدني، أو الأهلي، فاعلة وقوية وقادرة على الاضطلاع بدورها في الدولة كانت الدولة أقرب إلى المعاصرة والتحضر، وأدعى بالتالي إلى الاستقرار؛ والعكس صحيح؛ أي أن الدول المتخلفة تكون فيها مؤسسات المجتمع المدني غائبة، أو مُغيبة، أو على أقل تقدير موجودة شكلاً وضعيفة دوراً وفاعلية؛ فدورها ليس إلا (مظهرياً)، وفاعليتها على أرض الواقع تكاد تكون شبه معدومة.

مؤسسات المجتمع المدني في المملكة، وبالذات المؤسسات الأهلية التي تعنى بـ(الخدمات الاجتماعية)، ما تزال ثقافة جديدة على مجتمعنا؛ وبالتالي فإن عملها، وأهميتها، والدور الاجتماعي المنوط بها يكتنفه بعض الضبابية واللاوضوح، بينما أنها اليوم تعتبر ركناً أساسياً في الدول المتحضرة، تضاهي في أهميتها، أو يجب أن تضاهي في أهميتها وفاعليتها، المؤسسات الحكومية التي تعنى بالخدمات الاجتماعية. غير أن المؤسسة الاجتماعية (الأهلية) التي تعتمد على مجرد (التبرعات)، وهبات أعضائها المالية ستكون في نهاية المطاف غير قادرة (عمليا) على الاضطلاع بدورها، وتلبية توسعاتها، وتأدية دورها، كما يجب أن يكون؛ وفي النتيجة تكون قدرتها على تلبية أهدافها محدودة، وفاعليتها الاجتماعية التكافلية، محصورة في نطاق ضيق.

والسؤال: كيف يتم تمويل هذه المؤسسات المدنية في الدول المتحضرة؟

في الغرب تخصم التبرعات التي يقدمها دافع الضريبة إلى مؤسسات العمل الاجتماعي (الأهلية) من مجمل الضريبة التي تدفع إلى مصلحة الضرائب؛ لذلك فإن التبرعات التي يقدمها هناك كبار رجال الأعمال، وكذلك الشركات، إلى مؤسسات العمل الاجتماعي، تخصم من وعائهم الضريبي؛ فتبرعاتهم لا تأتي (فقط) من دوافع إنسانية كما يظن البعض، وإنما هي بالنسبة لهم مدفوعة مدفوعة، فالأفضل لهم -أحياناً لأسباب دعائية- تخصيصها إلى مؤسسات النفع العام؛ وبهذه الطريقة تكون هذه المؤسسات الاجتماعية قادرة على تلبية أهدافها بصورة دائمة، وترسيخ التكافل الاجتماعي، وتنشيط الدور الإنساني التي أنشئت هذه المؤسسات لتحقيقها.

وقد أشار إلى هذه الجزئية سمو الأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أثناء افتتاحه معرض المسؤولية الاجتماعية بالرياض بقوله: (إننا بحاجة إلى تحفيز الشركات؛ وقد يتم التحفيز عبر حسم تلك التبرعات خلال السنة من الوعاء الضريبي في المملكة. ومثل هذا الإجراء سوف ينعكس إيجابيا على العمل الخيري ويوفر الدعم المستدام لمؤسسات المجتمع المدني، لتقوم بدورها الداعم للعمل الحكومي؛ فالجمعيات والمؤسسات الخيرية تقلل نفقات الحكومة وجهودها في مجالات عديدة ؛ وكلما تعاظم دورها كان لذلك الأثر الإيجابي على سرعة تلبية احتياجات المجتمع الضرورية في المجالات الإنسانية والاجتماعية). وضريبة الدخل في المملكة تؤخذ على الشركات غير السعودية العاملة في المملكة حسب ما يقره النظام. فلوخصمت مصلحة الزكاة والدخل من الوعاء الضريبي للمستثمر الأجنبي، مساهماته في العمل الاجتماعي، كما هو العمل في الغرب، لتوفر تلقائياً لهذه المؤسسات مصدر تمويل كاف ودائم نتيجة لهذا الإجراء، وحققت أهدافها، وشملت خدماتها شرائح عدة من المستفيدين بشكل دائم. إن أملنا في الله ثم في رائد الصلاح والإصلاح والتنمية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كبير، بالتوجيه لاعتماد خصم تبرعات ومساهمات المستثمر الأجنبي في العمل الاجتماعي والخيري من ضريبة الدخل المترتبة عليه حسب النظام؛ وقد عودنا -حفظه الله- على مثل هذه المبادرات التي تصب بلا شك في صناعة مجتمع متحضر، ومتكافل، ومستقر؛ قادر على القيام بمسؤولياته المدنية.

إلى اللقاء.

 

شيء من
تمويل العمل الاجتماعي الخيري من ضريبة الدخل
محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة