Monday  30/05/2011/2011 Issue 14123

الأثنين 27 جمادى الآخرة 1432  العدد  14123

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لم يسبق أن انشغل المجتمع بكافة أطيافه بقضية كما هو اليوم فيما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة، ولم يسبق أن كان هناك إجماع على ضرورة حسم هذا الملف بصفة جذرية كما هو هذه الأيام.

بداية نؤكد أن قيادة المرأة للسيارة هو أحد حقوقها الأساسية التي لا يجب أن ينازعها عليه أحد، خصوصًا وأنه لم يفت أحد من العلماء المعتبرين بحرمته شرعًا، وكل ما في الأمر هو استخدام باب «سد الذرائع» لتحريم المباح، ونعلم يقينًا أن هذا باب فقهي واسع يستطيع أي طالب علم استخدامه لتقييد ما هو مباح، وتاريخنا شاهد على ذلك بدءاً من البرقية ومروراً بتعليم البنات والتلفزيون والتي تم فرضها كلها بقرار سياسي رفضه جزء من المجتمع في بداية أمره، ثم تقبله ولم يعد يتحدث عنه!

إن الذريعة التي اتخذت حجة لحرمان المرأة «المضطرة» من هذا الحق، وإجبارها بالتالي على الركوب مع رجل أجنبي هو الخوف من انزلاقها في المحظور، وخشية وقوعها فريسة للشباب الذين يسميهم هؤلاء بالذئاب!، وهذا ما كتبه لي نصًا أحد الإخوان في رسالة مقتضبة. هنا أقول لأخي توقف - يا رعاك الله -، أو لا يعني هذا أن كل ما عملناه خلال العقود الماضية من تكريس للفضيلة والأخلاق ذهب أدراج الرياح؟. ثم أكدت لأخي الفاضل بأن وصف شبابنا بالذئاب فيه تجنٍ وتجريح بل قذف يعاقب عليه الشارع، وجزمت له بأن أحدهم سيبذل الغالي والنفيس ويتحول إلى وحش كاسر في سبيل الدفاع عن بنت بلده، فيما لو ضايقها أحد، فمعظم شبابنا لديهم من القيم العالية والشهامة ما يثير الإعجاب في كثير من الأحيان.

إن ما يفاقم أمر هذا الملف الشائك هو وجود شريحة من الناس أستطيع أن أسميهم «المترددون»، وهي الشريحة التي بلا لون أو طعم أو رائحة، فمواقفهم لا يحددها الدليل الشرعي أو الحجة المنطقية، وشخصياتهم متناقضة فأحدهم يعيش بين الناس بعدة وجوه حسب ما تقتضيه المصلحة، وهم بهذا منافقون من طراز فريد، ولكنهم لا يرون حرجًا في ذلك، بل ويعلنونه على الملأ بحجة طلب السلامة!

خلال عملي بالــجـامـعة ومشاركــاتي الإعلامية تعاملت مع مثل هؤلاء، وعانيت الأمرين في سبيل ذلك، إذ لا زلت أذكر زميلا جمعني به العمل بمجلس الجامعة، وكان يبدي لي سرًا - عندما نكون لوحدنا - مدى إعجابه بما أقول، ولكنه أثناء الاجتماعات لا يقول شيئًا، هذا إذا لم يعارض الرأي الذي سيشيد به لاحقًا عندما يكون معي على انفراد!. ومثل هذا يحدث عندما تكتب مقالاً أو تقول رأيًا جدليًا، إذ تجد أحد هؤلاء يفعل الشيء نفسه!. وعندما لا يكون مثل هؤلاء المترددين في موقع المسؤولية فلا ضير في ذلك.

هذا ولكن ثقة القيادة بهم ووجودهم في موقع يحتم عليهم طرح الرأي هو ما يزيد الأمر سوءاً.

خلال الأسابيع الماضية كان لهؤلاء رأيين متناقضين حيال موضوع قيادة المرأة للسيارة، وكالعادة يقولون سراً ما يناقضونه جهراً، ولذا فقد ساهموا في تمديد حسم أمر لا يستحق كل هذا العناء.

يخطئ من يقول إنه لا يهمنا رأي الإعلام الغربي، فخطورة الإعلام وتأثيره لم تعد خافية، ونحن جزء من هذا العالم، ومن الصعب أن نبدو في هذا الموقف المحرج وفي هذا التوقيت بالذات.

اللافت هذه المرة أن مجموعة كبيرة من أهل العلم الشرعي قالت رأيها المؤيد لقيادة المرأة للسيارة علناً، وهو ما سيجعل المواجهة تنتقل من كونها بين التيار الديني والتيار التنويري إلى مواجهة بين التيار المتشدد والمجتمع برمته، وهذه ظاهرة لم تحدث ربما إلا أثناء مواجهة الموجات الإرهابية خلال السنوات الماضية!

amfarraj@hotmail.com
 

بعد آخر
قيادة المرأة!
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة