Saturday  04/06/2011/2011 Issue 14128

السبت 02 رجب 1432  العدد  14128

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لكل دولةٍ شخصية مستقلة تتكون من مجمل ما تعتقده وتؤمن به من الدين الذي تعتنقه، ومن الأفكار التي تنبثق من تعاليم دينها الذي تتمسك به، وتظل الدولة الراشدة القوية متمسكة بمكونات هذه الشخصية المستقلة حتى ترسم لنفسها (صورة ذهنية) واضحة ثابتة عند الآخرين، إذا ذُكرت هذه الدولة في أي مكان وزمان برزت صورتها الذهنية دون غبشٍ أو غموض.

هنا تصبح مسؤولية كل إنسان في هذه الدولة، حاكماً كان أو محكوماً، رجلاً كان أو امرأة، المحافَظَة على هذه الصورة الذهنية وتلك الشخصية المستقلة المتميزة، والحرص على أن تسير خطوات التطوير والتنمية في ترسيخ شخصية الدولة الحقيقية، وتثبيت ملامح صورتها الذهنية الحقيقية الأصيلة، وهي مسؤولية كبرى يحرص على القيام بها العقلاء المخلصون الذين يدركون خطورة الإخلال بثوابت تلك الشخصية، وملامح هذه الصورة.

ما زلتُ أذكر كلام عددٍ من الجزائريين حينما زرتها ضمن وفد الأسبوع الثقافي السعودي في الجزائر قبل نحو ثلاثين عاماً، وكان الوفد برئاسة د. فهد العرابي الحارثي، وكان معنا فيه د. خضر القرشي، وعدد من الأدباء والشعراء والفِرَق الشعبية وبعض (الفنانين). ما زلتُ أذكر كلامهم الواضح عن (المملكة العربية السعودية)، وحديثهم - وهم أدباء وأساتذة جامعات - عن صورة المملكة العربية السعودية في أذهانهم، ومكانتها الخاصة في قلوبهم.

أما صورتها الذهنية فهي صورة الدولة الإسلامية التي ترعى وتخدم المسجدَيْن المباركَيْن، وتُقدِّم لضيوف الرحمن ما تُقدِّم من خدمات جليلة، والتي ترفع شعار الدولة المسلمة واضحاً من خلال دستورها القائم على شرع الله، وإعلانها (الدائم) تحكيم شرع الله في شؤون الحياة كلها.

وحينما تناول بعضهم هدايا من الوفد السعودي، تتكون من مصحف وكمية قليلة من ماء زمزم، كادوا يطيرون فرحاً، وقال أحدهم، وهو الدكتور عبدالرحيم الورقلي - إن لم تخني ذاكرتي -: هذا والله هو الشرف الذي لا يضاهيه شرف، وهذا هو التميز الذي تحفى دون الوصول إليه أقدامُ الملايين من البشر.

وحينما زرتُ مِصْر في معرض الكتاب الدولي قبل ثلاث سنوات، وأقمتُ أمسيتي الشعرية التي نظمها المحلق الثقافي في السفارة السعودية في مصر الأستاذ الكريم محمد العقيل، سمعتُ الكلام نفسه من أفواه العشرات من الناس، وحينما جلسنا في المجلس الخاص بجناح المملكة بعد الأمسية قال لي أحد الأكاديميين المصريين: لقد عشتُ في المملكة نحو ثماني سنوات أستاذاً في جامعة الملك سعود، هي أثمن وأغلى سنوات عمري وأعمار أفراد أسرتي من الناحية الروحية، ولو لم يكن فيها إلا تلك الأجواء الإسلامية الرائعة، وتلك الزيارات المتكررة لمكة والمدينة، لكان كافياً.

ألا تستحق هذه الصورة الذهنية المتميزة، وهذه الشخصية الإسلامية البارزة، أن يواكبها خطابٌ إعلاميٌّ منسجمٌ معها؟ وخطاب ثقافي فكري ينبثق من مكوناتها الكبرى؟ وأن تحملها على أجنحة الكلمة الطيبة النافعة أقلامٌ تستشعر هذه المعاني، وتنطلق في رسم حروفها من خلالها؟

نحن نعلم أن اختلاف الآراء لا مناص منه، ولا يمكن لمجتمع بشري أن يخلو من الآراء المختلفة، بل إن الاختلاف القائم على بصيرة ورشد يُعَدُّ من عوامل إثراء الساحة في أي بلدٍ، وتحقيق الانسجام، وتوفير جوٍ نقي لحرية الرأي، هذا أمر نعلمه ولا نختلف عليه.

لكننا نريد أن يكون هنالك خطاب إعلامي ثقافي على مستوى التمثيل الحقيقي لهذه المعالم التي أشرنا إليها، وهذا لا يتنافي - إطلاقاً - مع وجود ساحة مفتوحة للحوار الهادف، والمناقشة الواعية، والاختلاف حول بعض المسائل داخل دائرة الشخصية المستقلة والصورة المتميزة. هل هذا أمر صعب لا يمكن تحقيقه؟!

إنه موجود على أرض الواقع في كثير من الدول القريبة منا والبعيدة عنا، تلك الدول التي لا تسمح لأحد بتشويه معالم شخصيتها المتميزة، وملامح صورتها الذهنية البارزة، فلماذا لا نحققه نحن بامتياز؟

إشارة

ذلك المجد الذي ألهمني

مَشْرق بدَّد ليلَ الشجن

 

دفق قلم
الراية الواحدة والهدف الواحد
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة