Wednesday  08/06/2011/2011 Issue 14132

الاربعاء 06 رجب 1432  العدد  14132

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يعد استقبال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في المملكة، وعلاجه في إحدى أشهر مستشفياتها من جروح أصيب بها إثر هجوم يوم الجمعة أثناء تأديته للصلاة عملاً إنسانياً راقياً، وأسلوباً حضارياً متميزاً في التعامل مع الآخرين، بغض النظر غن آرائهم ومواقفهم، بل إن الاستقبال شمل جرحى من المعارضين للرئيس، مما يؤكد أن المملكة تنظر

لحالة هؤلاء المحتاجين للرعاية الصحية من جانب إنساني بحت، لا يستطيع أحد أن ينتقد هذا التصرف، أو يصوره على أن له أبعاداً شخصية أو مصالح ذاتية، بل إرث ورثه قادة هذه البلاد وأكد عليه مؤسس كيان المملكة، الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، فقد استقبل الكثير من المسؤولين في العالم العربي والإسلامي ممن تعرضوا لظروف قاسية، جعلت الأرض تضيق بهم بما رحبت، ثم مدت لهم المملكة يد العون، فاستقبلوا استقبال يليق بمكانتهم وكانوا محل الحفاوة والتكريم، ولعلي أذكر أحد الأمثلة برشيد عالي الكيلاني الذي وجد في المملكة ملاذاً آمناً وعندما طالبت حكومته بريطانيا بتسليمه رفض الملك عبدالعزيز ذلك بشدة وقال كلمته المشهورة «إنه يسلم أحد أولاده أهون عليه من أن يسلم من استجار به»، فعاش عزيزاً محل حفاوة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-. وقد سار على هذا النهج الكريم أبناؤه البررة من بعده، الملك سعود، الملك فيصل، الملك خالد، الملك فهد يرحمهم الله، ثم في عهدنا الزاهر عهد الملك عبدالله يحفظه الله، حيث احتضنت المملكة العديد من المسؤولين في العالم العربي والإسلامي بكل رحابة صدر وحسن ضيافة.

لعل في موقف المملكة العربية السعودية ممن يفد إليها للعلاج أو الإقامة من الملوك والرؤساء والمسؤولين الذين اضطرتهم ظروفهم الصحية والسياسية إلى طلب الإقامة في المملكة لعل في ذلك درس لحسن التعامل وتخفيف المعاناة للآخرين، فالمملكة حقاً هي جابرة عثرات العوام.

المملكة كما هو معلوم لا تستقبل ذوي الشأن فقط، بل هي ملاذ آمن لك لمن يطلب العمل بطريقة مشروعة، ولا أدل على ذلك من وجود ما يزيد على ستة ملايين وافد من جميع أنحاء العالم وخاصة العالم العربي والإسلامي يعملون ويعولون أسرهم، وقد قال لي أحد الوافدين العرب وهو شيخ متقدم في السن يدير إحدى المحلات التجارية (أن المملكة بخير ولن تزال بخير يكفيها شرفاً ما تقوم به من خدمة الحجيج والعمار، وما يجده الوافدون من عمل يعولهم ويعول أسراً كبيرة في بلادهم:، مع تحفظي بالطبع على الزيادة غير الضرورية للوافدين وأهمية قيام المواطنين بدور فاعل في توطين العمل والقضاء على البطالة، أو جعلها في أضيق نطاق.

ليت المسؤولين في البلدان العربية التي تعصف بها الأحداث منذ عدة أشهر استمعوا إلى صوت العقل والحكمة، من المملكة خاصة ولدول مجلس التعاون على وجه العموم لتخفيف معاناة الشعوب والإذعان لما تقتضيه المصلحة العامة وتجنب المزيد من إراقة الدماء، أقول إن قادة الدول التي تعاني من القلاقل مؤخراً وجرت شعوبها إلى أحداث دامية إلى جانب فقدان الأرواح والممتلكات وتعطل الحياة بجميع أشكالها، لو سلكت القيادات مسلك الحوار والشفافية التي ينادي بها خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-، ألم يكن بالإمكان تحويل الاختلافات في الرأي من مواجهات ومجابهات إلى اتفاق وحوار بناء يوصل إلى بر الأمان وإلى الإصلاح والقضاء على الفساد والاستئثار بمقدرات الشعوب، وضمان الأمن والاستقرار للجميع؟

أعود لأقول إن المملكة العربية السعودية بمواقفها الإنسانية المشرفة، تضع منهج التعامل الخلاق مع الآخرين حتى وإن اختلفت معهم في بعض المواقف والتوجهات أساساً لسياستها في التعامل مع الجميع، تظل المملكة يداً حانية وقلباً عطوفاً كبيراً يرتفع فوق مستوى المواقف الشخصية، هي ملاذ آمن لكل من ينشد الأمن والاطمئنان، حتى في بلاده، وما المساعدات التي تقدمها إلى كل بلدان العالم العربي والإسلامي والصديق إلا خير شاهد على مواقفها الإنسانية الواضحة والمشرفة. ولعلنا نذكر أن المملكة استقبلت الكثير من حالات الأطفال السياميين وقدمت لهم الرعاية الصحية المتميزة، تمثلت في فصل التوائم المتلاصقة بنسب نجاح تكاد تكون كاملة، حتى أصبحت المملكة ولله الحمد مرجعاً طبياً معروفاً للجميع.

حفظ الله بلادنا من كل سوء وحفظ لها أمنها واستقرارها تحت قيادة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني ومتعهم بالصحة والعافية وأمدهم بعونه وتوفيقه.

والله من وراء القصد.

 

حقاً نحن بلد الإنسانية
عبد المحسن بن وني الضويان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة