Saturday  11/06/2011/2011 Issue 14135

السبت 09 رجب 1432  العدد  14135

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

إذعان أمريكا للإرادة الصهيونية
أحمد علي الأحمد

رجوع

 

على الرغم من أن الحركة الصهيونية قد شهدت مولدها في أوروبا وخطت فيها خطواتها الأولى فإن مركز الثقل فيها قد انتقل عقب الحرب العالمية الثانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث لعبت دورا خطيرا وبالغ الأهمية في السياسة الخارجية الأمريكية لا سيما منطقة الشرق الأوسط حيث أمدتها اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً منذ وجودها حتى اليوم.

وقد شهدت الولايات المتحدة هجرات يهودية مكثفة على فترات امتدت من القرن السابع عشر حتى القرن الحالي، وتعتبر الأقلية اليهودية الأمريكية من أضخم التجمعات اليهودية في العالم إذ إن عدد اليهود يربو على الستة ملايين يهودي.

وقد بدأت هجرة اليهود (السفرديم) أي اليهود الذين هم من أصل إسباني أو برتغالي إلى القارة الأمريكية منذ اكتشافها حتى عام 1815م ثم هجرة اليهود الألمان واليهود (الأشكناز) القادمين من أوروبا الشرقية، ويعتبر هذا العنصر هو الأغلب، وما يهمنا هنا مدى تأثير الأقلية اليهودية التي تسيطر على غالبيتها الصهيونية العالمية، والدور الذي تلعبه في توجيه السياسة الخارجية وخصوصاً فيما يتعلق بأزمة الشرق الأوسط.

ويمكننا أن نعتبر مؤتمر بلتمور في سنة 1943م بداية الانطلاقة العلنية المنظمة لغزو الرأي العام الأمريكي من قبل الصهيونية العالمية.

لقد وضع (مؤتمر بلتمور) المخططات السرية اللازمة لتكوين فئة قوية مرتفعة الصوت تستطيع استخدام الأجهزة السياسية الأمريكية وتحويلها إلى خدمة الأهداف الصهيونية.

ولقد استعمل زعماء الصهيونية لتحقيق هذا الغرض جميع الأساليب والوسائل الممكنة، وركزوا بصفة خاصة على الاضطهاد التاريخي الذي تعرض له اليهود والمذابح التي حلت بهم، وربطوا ذلك بالدولة اليهودية التي يعملون على إنشائها كحل وحيد لمشكلتهم وتعويض منصف تقدمه الإنسانية لأولئك المشردين على مختلف العصور.

وكانت أنباء الاضطهاد النازي لليهود والمذابح الجماعية وأفران الموت تذاع وتضخم ويبالغ فيها، وتختلق في أحيان كثيرة لإثارة الشفقة على اليهود الذين غدوا في نظر الجميع الضحية التي يجب العطف عليها وتضميد جراحها والأخذ بيدها إلى ملجأ تحتمي به وتستقر فيه وهذا الملجأ هو (فلسطين).

وساد الجميع شعور بالذنب تجاه ما عومل به اليهود من إذلال ولا سيما من الأمريكان المنحدرين من أصل ألماني وقد ألفوا لجنة (فلسطين الأمريكية) وبلغ عدد أعضائها 6500 عضو هم من الشخصيات السياسية البارزة وفيهم من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب ووزراء وحكام ولايات وقضاة ورؤساء بلديات وقد استطاعت هذه اللجنة حمل مجلس الشيوخ والكونجرس عام 1944م على اتخاذ قرار جاء فيه بما أن الاضطهاد الغاشم للشعب اليهودي في أوروبا قد أظهر بوضوح الحاجة إلى وطن يلجأ إليه العدد الكبير ممن أصبحوا مشردين من جراء هذا الاضطهاد: لذلك فقد تقرر أن تستعمل الولايات المتحدة نفوذها، وتتخذ الإجراءات المناسبة لفتح أبواب فلسطين ليدخلها اليهود بصورة حرة تعطي لهم الفرصة التامة للاستيطان فيستطيع الشعب اليهودي في نهاية الأمر إعادة إنشاء فلسطين كدولة يهودية ديموقراطية حرة.

واتخذ المخطط الصهيوني سبيلا آخر لتحقيق أهداف الصهيونية عن طريق الجماعات الدينية البروتستنتية فأقنعت بعض هذه الجماعات بأن إقامة دولة يهودية حديثة إنما هو تحقيق لنبوءة التوراة.

والحركة الصهيونية المتمركزة في أوساط الأقلية اليهودية العالمية المنتشرة في كافة أصقاع المعمورة قد استطاعت بفضل مكانتها السياسية والاقتصادية أن تلعب دورا نشطا في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية لطمس الحقائق وخلق جو من العداء في أوساط الرأي العام ضد حركة التحرر العربية.

وبفضل موازنة ضخمة مع زعامة قوية عاملة تم تنفيذ برنامج للعلاقات الصهيونية العامة والقيام بنشاط سياسي على نطاق لم يحلم به من قبل وامتد هذا النشاط إلى كل ولاية من ولايات الاتحاد الأمريكي، وتم بسرعة إنشاء المكتب الرئيسي في نيويورك وقد أثر تمركز الأقلية اليهودية في الولايات المهمة وما تلعبه من دور سياسي واقتصادي على الخطط الانتخابية في الولايات المتحدة التي تحتاج تبعاً لنظامها الانتخابي إلى مجموع الأصوات الشعبية.

التفاتة: الحقيقة مثل النحلة في بطنها العسل وفي ذيلها الإبرة.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة