Monday  20/06/2011/2011 Issue 14144

الأثنين 18 رجب 1432  العدد  14144

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كاتب هذه السطور، وهو في العقد السابع من عمره بدأت تتشكل أفكاره تجاه قضايا أمته عند انطلاقة ثورة الشعب الجزائري المجيدة عام 1954م فكانت انطلاقة تلك الثورة مبعث أمل له ولأبناء جيله أمام طيوف يأس رانت على أفق الأمة....

.....نتيجة نكبة فلسطين وقيام الدولة الصهيونية على تلك الأرض المباركة ومرت سبع سنوات مخضرة بالأمنيات لتعقبها سنوات كان فيها من كوارث أفدحها احتلال الصهاينة لبقية الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس ومسجدها الأقصى، إضافة إلى مرتفعات الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء التابعة لمصر.

وفي عام 1393هـ - 1973م أثبت المقاتل العربي على الجبهتين المصرية والسورية عظمته بسالة وكفاءة لكن كان لابد له من أن يقول:

غير أني

بعدما سطرت في التاريخ أبناء صمودي

وبدت في غرة الكون تباشير انتصاري

أوقفوني

غرسوا في الظهر خنجر

وأتوني بمشاريع كسينجر

بدأوا يحكون عن سلم وعن حل وسط

حقي الواضح بالزيف اختلط

 

وحلول الوباء بالجسد، الذي ليس لديه مناعة قوية، يؤدي إلى حلول وباء آخر به لذلك لم يكن مستغرباً أن اندلعت الحرب الأهلية في لبنان، التي أشار إليها كاتب هذه السطور في أبيات من قصيدة وجهها إلى زميله الدكتور نذير العظمة، قائلاً:

مثلما في قلبك الحر جراحات خفية

في فؤادي -أيها الشاعر- تجتاح رزية

كلنا في الهم أشلاء مآس يعربية

أي قلب لم تمزقه من الحزن شظية؟

قهقات الموت في بيروت روح همجية

خرك الشيطان في أرجائها ألف سرية

وسيوف العرب تجتز رقاباً عربية

لم يدع بتارها شيخاً ولم يترك صبية

أيهم لبنان في وجدانه أسمى قضية؟

كلهم يقتل باسم الشعب والشعب الضحية

وتتالت السنوات وأكثر ما يحدث فيها مثبط للآمال ومن ذلك ما كان يحدث في تونس بأيدي متسلطين طابع حكمهم الفساد ونهب أموال الشعب من جهة ومضايقةالناس حتى في ممارستهم لشعائر دينهم بحرية من جهة أخرى.

ومن ذلك ما وصل إليه المتنفذون في مصر من فساد إداري يكاد يكون منقطع النظير، ومن استخذاء أمام الكيان الصهيوني بلغ درجة يشمأز منها ذلك أنهم ذلوا..

وغدوا للغاصب خداماً

أو جنداً من بين العسكر

يبدون الطاعة في خوف

ممن بالأمر قد استأثر

وإذا ما احتاج لبرهنة

من جملة طاعات تذكر

فحصار يكتم أنفاساً

وجدار من دون المعبر

سد لكن من فولاذ

خشية أن يخرق أو يكسر

والطاعة كنز لا يفنى

والفاهم با لدنيا أخبر

والويل الويل لمن يعصي

رغبات من عم أكبر

أو يعصي أمر نتنياهو

في أرض المسرى والمحشر

بل إن كبير أولئك المتنفذين كان:

عند المحتل له نفس

أطيب من رائحة العنبر

وحديث سبك عبارته

أحلى في الطعم من السكر

وعلى محكوم مضطهد

أمضى في السطوة من عنتر

ولقد هبّ الشعب التونسي.. شعب أبي القاسم الشابي، مريدا لحياة كريمة، فاستجاب القدر دعوته لتحقيق إرادته. واضطر المتسلط على حكمه إلى الهرب وهب الشعب المصري.. شعب أحمد عرابي، وباني الحضارة، ومقر الأزهر، فلم يكن أمام رئيسه، الذي سبقت الإشارة إلى شيء من صفاته، إلا التنحي عن الحكم.

وكانت الهبّتان لشعبي تونس ومصر باعث أمل لشباب أمتهما من جديد ودعاء الجميع أن ترى ثمار الهبتين خيراً للأمة كلها.

على أن نفوس المخلصين من أبناء الأمة وبناها تتألم أشد التألم، والقلوب تتفطر أعظم التفطر والعيون تشاهد عدم أخذ المتحكمين في ليبيا واليمن وسورية دروسا من الهبتين المذكورتين، فلم يكفهم تحكمهم بأمور شعوبهم عقوداً من الزمن تسلطوا خلالها ما طاب لهم التسلط ونهبوا من ثروات تلك الشعوب ما راق لهم النهب بل أصروا استكبارا متمسكين بالسلطة تمسك من لا يرى له حياة بدونها، مهما كانت نتائج هذا التمسك، لقد كان المؤمل أن يراعي الحكام.. كل الحكام.. حقوق المحكومين. وما دام حكام تلك البلدان الثلاثة بالذات لم يراعوا ما كان مؤملا أن يراعوه فقد أصبح من الحكمة -على الأقل- أن يتدبرا ما حدث في كل من تونس ومصر، فيبادروا باتخاذ خطوات جريئة ويسلموا مقاليد الأمور في أوطانهم إلى من يرجى أن يديروا شؤونها إدارة حكيمة تنجيها من العواقب السيئة التي أصبحت عليها الآن.

إن النفوس لتتألم، وإن القلوب لتنفطر، والعيون ترى ما يجري من تكرار مشاهد السيوف العربية تجتز رقاباً عربية في ربوع ليبية ويمنية وسورية بأساليب قد تختلف درجات بشاعتها وفظاتها لكن تظل همجية السلوك وحشية الممارسة.

 

سيوف العُرْب تجتزُّ رقاباً عربية
د. عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة