Monday  20/06/2011/2011 Issue 14144

الأثنين 18 رجب 1432  العدد  14144

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لي قناعة تامة بربط سلوك الإنسان بتربيته الدينية، وضرورة أن تنبعث من قوامات مهمة تؤسس على تقوى الله فلا من يرى ويسمع الإنسان إلا ربه, وإن رآه وسمعه البشر فرؤية الله تعالى رؤية محاسبة وجزاء:

عقوبة بسبب، ومكافأة لفعل..,

ترتبطان بإدراك المرء ما يفعل ووعيه به عند القيام، من كلمة تنطق إلى فكرة تطرأ، إلى قول يطلق..,

لذا يخرج عن هذه المساءلة الطفل والمجنون لأنهما لا يدركان..

ولكن من الذي ينشئ المرء تنشئة إيمانية توظف حسه الإنساني توظيفاً أدائياً تلقائياً يرتبط بمعرفة الله تعالى به, والثقة في رؤيته واطلاعه تعالى بسكنات هذا الإنسان، وخلجاته وأفعاله..؟ إلا الآباء والأمهات، وإلا المربين من معلمين ومشرفين..؟ وإلا كل ذي علاقة بحياة الإنسان في بيئته اللصيقة، من الأهل المقربين، والجار ذي الجنب، والصاحب القريب..؟.

مثل هذه التنشئة خلقاً, وإيماناً، وحساً، ومعرفة, وسلوكاً, إن اتخذت، تدرأ الكثير من المشكلات تلك التي بعدم تطبيقها، والتربية عليها, والانتباه لغرسها، والتفريط في بذرها, تنشأ المشكلات الاجتماعية، كالتي انتتشرت، بل تفاقمت، مرتبطة بعلائق الناس بعضهم ببعض، سواء في علاقات القربى والأهل, والجيران والأصدقاء, أو علاقات زملاء العمل، والصحب، وذوي المصالح المشتركة.. وأشدها وطأة ما يمس سلامة بنية المجتمع في الأسرة بين الزوجين القائم بهما عماد المجتمع وأفراده..

ولعل ما صرح به وزير العدل مؤخراً من أن 60% من القضايا في المحاكم هي قضايا اجتماعية، بما جعله يلمح إلى ضرورة تصعيد دور الإخصائيين, والمحللين النفسيين, والاجتماعيين..,

ولئن ورد في القرآن الكريم رد المشكلات الزوجية إلى حكمين, أحدهما من أهل المرأة والآخر من أهل الرجل، -وتخير المسلمون منهم لهذه القضايا, أكثرهم رجاحة عقل, وحكمة, ووعياً, وحلماً-، ليقوما بالمهمة، وهما يمثلان دور الناصح الأمين,..

فإن الخلافات على هذا النحو هي نتائج طبائع البشر وعدم كمالهم، ولاختلاف شخصياتهم ونظرتهم للحياة وموضوعاتها، في العلاقات التي يمكن عند وجود الناصح الأمين أن تحل، وتذوب، أو تنتهي بحكمة لا مساس لأي من الطرفين بسوء. إذ هناك خانة لحفظ الفضل بينهما، وهناك مسارات ربانية لتوجيه كل منهما فيما بينهما من العلائق كانت بالأولاد أو المال، أو الفضل..

لذا فإن التربية الإيمانية تجب كثيراً أدوار المحللين, الباحثين في مكنون النفس بدعوى الوصول إلى أسباب الحالات من عوامل تراكماتها النفسية، أو السلوكية، التي في الحقيقة لن تتكون، ولن تتراكم في مجتمع فاضل ينشأ أفراده على نفوس سليمة بإيمانها, وتقواها وخشيتها من ربها, وضبطها, وفق تعليمات حدوده ونواهيه، والإفساح لها في سعة رخصه ورضاه..

فمن ربي على تقوى، ومعرفة تامة بربه، لا يأتيه شيطان الهوى فينزع مسرته, ورضاه, وعدله، واطمئنانه، فيكون مصدر مشكلات لغيره، بل سيكون سلاماً على نفسه ومن حوله. قدر ما أوتي من تربية سلوك، وحس.

إن الدراسات المتعمقة من عشرات السنين أثبتت أن انحلال المجتمعات الغربية وكثرة مشكلاتها الاجتماعية، وتفاقم تفككها الأسري، وهشاشة أبنيتها الداخلية إنما أسبابها الرئيسة تكمن في الركون إلى الماديات في مقابل البعد عن الدين، ومن ثم جفاف الأرواح من المعين الإيماني..

أخشى أن ننحو هذا في ضوء فيضان ماديات الحياة من حولنا، والبعد عن معين التربية الإيمانية، والتعلق بمعطيات ما أفرزته الحضارة الغربية من أسباب وعلاج..

فعودة للأسس، هي تنقية من شوائب.. ونهج نحو سلامة تامة.. ومجتمع معافى..

 

لما هو آت
لمعافاة المجتمع..
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة