Wednesday  22/06/2011/2011 Issue 14146

الاربعاء 20 رجب 1432  العدد  14146

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

هلاك العجل وبقاء السامري
بندر بن مطلق بن شافي العاصمي القحطاني

رجوع

 

الأنبياء والمصلحون وكذا الثوار في كل زمان يكادون أن يبخعوا أنفسهم أسفاً لأن الناس لا يؤمنون بحديثهم أو لا يهتمون به ولا يلقون له بالاً يدعونهم إلى الآجلة فيقعون كالذباب والهوام على العاجلة، يحرضونهم على ما عندالله فهو الخير والأبقى ولكنهم يريدون الدنيا. لا يدري الإنسان هل حب أولئك الناس قد أمتلك عليهم جوانحهم فلم يروا من فرط حبهم أن الناس لو كانوا يدركون ما أدرك أولئك ما كان ثمة من ضرورة للأنبياء والمصلحين والثوار.

أم لأن الآتي قد استغرقهم وهم يرونه رأي العين لأنهم شهداء فما فهموا معطى الآني، هم يقفون على أقدامهم أسوياء وعمالقة ينظرون إلى الأمام، وإلى القادم، بينما الكثيرون ممن حولهم يمشون على أربع وقد تمركز كل شيء في وسطهم فلا يرون إلا ما تحت أقدامهم!!! فمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهو النبي المرسل ويترك قائماً وقد انفضوا من حوله لما رأوا تجارة قادمة وفي هذا (الأو) أكثر من دلالة.

وموسى عليه السلام الذي شق بالعصا ثورة البحر فأندفع وراءه بنو إسرائيل وغيرهم من المضطهدين وقد انصرف لميقات ربه أربعين ليلة.

فقط أربعون ليلة فلم تنفع مع قومه هذه المعجزات الإلهية.

ليكون السامري هو رسول ونبي المادية لهم.

فيكون عجله وخواره وبريقه الذهبي هو تجسد المادة الذي يخر إليه عبدة المادة إلى الأذقان.

فبنو إسرائيل لم تؤثر فيهم عصا النبوة وإن حطمت بعض مظاهر الشرك والكفر، فلأن القلوب والأرواح والداخل فيها ما زال متعلقاً بقواعد فرعون وهامان فهي مستقرة في وجدانهم.

إضافة إلى العبودية التي تربوا عليها قد تحولت عندهم إلى ثقافة امتلكتهم فلم يتحرروا منها.

أليسوا هم الذين فضلوا الثوم والبصل الفرعوني -مع ذبح أبنائهم واستحياء نسائهم- على المن والسلوى.

أليسوا هم الماديون فلم يؤمنوا بكل المعجزات على الرغم من أنها محسوسة ومادية تتلاءم مع ثقافتهم.

فطلبوا مائدة من السماء فلم تشبع مع ذلك سقطهم وتدنيهم وهبوطهم.

فالمادة والماديون لهم فكرهم ورسالتهم وأداوتهم في كل زمانٍ ومكانٍ.

فالمادة ذات حضوري آني فتكون لذتها ومنفعتها هي قيمتها فهي محسوسة وملموسة وتكون غاية ربحها تبرر وسيلتها (فالآن ولا شيء غير الآن)، (والمادة ولا قيمة إلا المادة).

فالماديون دينهم واحد ولا يغرنك اختلاف أسمائهم وألوانهم فتجاربهم بشتى أنواعها وخطرها على الأمة والبلاد والأفراد هي همهم المادي فقط، والنفع المادي فقط، حتى ولو على حساب تدمير القيم وزعزعة الثوابت وفساد الأخلاق وتدمير الثقافات وهلاك الأجيال والقضاء على مستقبل هذه الأمة فذلك ليس في قاموس حياتهم من شيء.

فالمهم عندهم الآن ولا شيء غيره والربح فلا قيمة سواه.

فالغشاوة التي على الأعين متى ما انجلت تبين الحقيقة من الخرافة.

أنظر إلى الماديين في أمريكا كتبوا على الدولار (في الله نثق) فإذا زالت غشاوة السحر لكانت القراءة الصحيحة لما سطروا من أفك (في الدولار نثق) إذ الدولار عندهم هو الواحد الجبار.

فالماديون يتاجرون بكل شيء وفي كل شيء، ومادام بمقدروهم أن يحولوا تلك القيم والمبادئ والأرض والعرض إلى أشياء فهم جاهزون إلى بيعها بالجملة أو بالتقسيط المريح.

فالمظاهر كبيرة وكثيرة لا تحصيها المقالات ولكن يبقى القول إن هذا السامري اللعين باق وقادر على التجسد والتلون مرات ومرات مادام هو ذاته لم يحرق ولم ينسف ويقتلع من أساسه ومن جذوره ويلقى في اليم وأيّ يمّ!!.. أترك لكم الاستنباط.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة