Thursday  23/06/2011/2011 Issue 14147

الخميس 21 رجب 1432  العدد  14147

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حجز أحد عشر طالباً من كلية تدريب «خان يونس» التابعة للأونروا مقعداً لفلسطين في أول مشاركة في سباق الفورمولا عن فئة الطلاب في المملكة المتحدة عبر سيارة «فورمولا»، والتي صممت وأنتجت في غزة، لتكون الأولى في فلسطين، أما سرعتها فتصل إلى مئتي كيلومتر في الساعة، وتم تصنيع جميع قطع السيارة على يد الطلاب باستثناء محرك السيارة.. هذا الإنتاج هو مشروع تخرُّج لطلبة سيحملونه إلى بريطانيا، بهدف المشاركة في سباق الفورمولا السنوي للطلاب، وهو سباق يجري كل عام ويشارك فيه طلبة الهندسة من كافة أنحاء العالم، بهدف إلهام الأجيال القادمة والبحث عن المهارات المختلفة في مجال الهندسة. وتعتمد المنافسة بين المشاركين على معايير عدّة، منها التصميم والتصنيع والجانب الميكانيكي للمركبة بما يضمن السلامة الفنية والشخصية. واستغرق تصنيع السيارة عامين من العمل بتكلفة بلغت سبعة وثلاثين ألف دولار أمريكي، ولم يكن ذلك سهلاً في ظل وجود عقبات عدّة اعترضت فريق العمل، فاستيراد بعض القطع الأساسية كان صعباً بسبب رفض السلطات الإسرائيلية إدخال تلك القطع، مما اضطرهم إلى البحث عن بدائل أخرى تنسجم في جوهرها مع متطلّبات عملهم)..

لقد بثّت العربية هذا الخبر يصحبه مشاهد مسجّلة للسيارة التي أبدع في صناعتها طلاب كلية التدريب المهني في خان يونس بقطاع غزة، وبدا الشباب صغار السن وبرفقتهم عميد الكلية وعدد من أعضاء هيئة التدريس، فرحين بهذا الإنجاز الذي يُعَد الأول من نوعه في فلسطين، ولك أن تتصوّر أنّ هؤلاء المناضلين من أجل الحياة، يجدون في ذواتهم الإرادة والرغبة والقدرة النفسية قبل غيرها، على تسجيل أسمائهم ضمن منظومة المخترعين والصنّاع، رغم كل الظروف وفي ظل جمع من التحديات على رأسها تحديات البقاء على قيد الحياة. إنني وأنا أتابع ما يبث أتساءل عنا نحن ممن ننعم بما لا حصر له ولا عد من النعم، كنعمة المال والأمن والدعم والتشجيع والتحفيز وسهولة التواصل وسرعة الاتصال و...!! لماذا ماتت عزائمنا، وفقدنا لذة المنافسة، وسباق التحدي، وحلاوة الظفر بما هو في رحم الغيب لحظة الشروع بالعمل؟.

أين كلياتنا التقنية منها والهندسية من مثل هذا الإنجاز؟، لماذا تكاليف الإبداع لدينا عالية وعدد المبدعين محدود؟، كم من الزخم صاحب مشروع ميلاد سيارة ستصنع يوماً ما، في حين يبدع أحد عشر خريجاً في صناعة سيارة تسير بسرعة 200 كم في الساعة وبمبلغ زهيد جداً؟.

إننا بحاجة لإعادة قراءة الأرقام من جديد ليس في هذا الموضوع بالذات، بل في جميع مشاريعنا، سواء الإبداعية منها أو الخدمية أو المجترة المتكررة المعروفة، كما أننا بحاجة ماسة إلى بلورة رؤية علمية صحيحة ومدروسة للآليات الناجزة والفاعلة للموهوبين والموهوبات، بعيداً عن الضجيج الإعلامي والوعود المستقبلية التي تمني ولا تأمل.

بصدق أتمنى أن أعرف ما هي أبرز مشاريع التخرُّج لطلاب كليات التقنية في المملكة العربية السعودية، وكم صرف من أموال على هؤلاء الخريجين خلال الخمس سنوات الماضية، وأين هم الآن، ما هي الإضافات النوعية التي تحققت على أيديهم في مناطق المملكة العربية السعودية، وماذا تقول الخطط والبرامج عن مستقبلهم الواعد والمنتظر من قبل الوطن والمواطن؟.

بصدق كم هي البرامج التي نسمع عنها لرعاية الموهوبين ولكن ما هي المحصلة في النهاية، مع أنّ مثل هذه البرامج تلقى الدعم اللامحدود من قِبل ولي الأمر حفظه الله ورعاه؟.

إنني في الوقت الذي فرحت فيه بهذا الإنجاز العربي الذي كان ميلاده في ظروف صعبة وتحديات عدة، شعرت بالحسرة والخيبة جراء واقعنا التقني الذي صار هو بوابة البطالة وعنوان التعاسة وسبب البلادة ونافذة الملفات الخضراء التي تتنقل هنا وهناك في دوائرنا الحكومية ومؤسساتنا الخاصة والأهلية!!.

طبعاً لهذا الواقع المر أسباب ومسببات عدّة تتجاذب تارة وتتقاطع أخرى، وهي في النهاية تضيف أعباء ومسئوليات على كاهل متخذي القرار والمخطط الإستراتيجي، وجزماً لابد لليل أن ينجلي وللصبح أن يتنفّس، حينها سنعرف كما ضيّعنا من فرص وأسرفنا من مال، وأهدرنا من وقت وفقدنا من عزائم وقدرات وطاقات وسيقال لنا آنذاك « الصيف ضيّعت اللبن» وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
سيارة في غزة وملفات خضراء في بلادي
عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة