Thursday  23/06/2011/2011 Issue 14147

الخميس 21 رجب 1432  العدد  14147

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

استكمالا لحديث الأمس الموجع عن شبابنا والمخدرات، ودور النشأة والتربية في تحصين الشاب من هذه الآفة، وأن دورها أساسي لكنه قد لا يكون كل شيء. فسأذكر لكم حديثاً دار بيني وبين أحد الأمهات، تقول: «لي خمسة أبناء كلهم تربوا بطريقة واحدة ويشار بتربيتهم وأخلاقهم بالبنان، مع ذلك خرج من بينهم واحد في هذا الطريق، وصل لها دون أن نشعر فقد كانت المخدرات بعيدة عن مداركي ووالده فنحن لم نعرفها ولم نرها في حياتنا ولم يعرفها قريب لنا»، سألتها: عن وسائل محاولات علاجه، قالت: «لم نترك طريقا لم نسلكه، أدخلناه مصحة لعلاج الإدمان في الخارج، وحينما عاد، سلك نفس الطريق، صعب أن نحبسه، صعب أن نسيطر عليه، فقد منعنا عنه المصروف ولا نعطيه بيده إلا مبلغا زهيداً ومع ذلك يستطيع تدبر أموره، نراقبه، نطارده، مع ذلك يتمكن من أن يفر منا ليحصل عليها»، وتكمل لي حديثها: «حينما انفجرت في وجهه خوفا من أنه يبيع شرفه ليحصل على المخدرات، جاء رده بكل استهتار، متوفرة وتوزع علي وعلى أصحابي ببلاش!»، في هذا الحوار الكثير من الدلالات التي على الجهات المعنية أن تبحثها وتسد منافذها، فكيف للشباب أن تأتيهم «ببلاش»، وهنا علينا أن نكون أكثر صراحة من مناقشة من يستهدف شباب الأمة؟ من المستفيد من قتل عقول المستقبل وتعطيلها؟ هل القضية فيها جانب سياسي؟ أنا أفكر معكم بصوت مرتفع، ما الذي يمنع إيران وأذنابها من توزيع المخدرات في مجتمعنا وببلاش؟ وإسرائيل، أليست مستفيدة من هذا؟ ثمة أمور تدخل وتتشربك وتكون أكثر تعقيداً عند محاولة التفكير بها، فهذا الاستهداف وهذا الانتشار المذهل ليس وراءه تجار مخدرات فقط!

استفسرت من هذه الأم المكلومة إن كانت قد اتجهت إلى مكافحة المخدرات، أجابت: «بعثت لهم أكثر من رسالة على موقعهم الإلكتروني ولم يجبني أحد، اتصلت برقم وجدته في موقعهم للاستشارات ولم يجبني أحد، وفي النهاية لا أريد أن أضع ابني في السجن، ابني مريض وليس مجرما»، أتفهم شعورها، وهنا نحتاج من مكافحة المخدرات أن تكون أكثر قربا من المجتمع، وأن تضع الطرق السهلة التي من خلالها يمكن لأي أم وأب أصيب منزلهم بهذا المرض أن يجدوا التعاون الآمن.

أوجه حديثي كذلك إلى هيئة مكافحة الفساد، التي ننتظر أن ترى النور وقد عقدنا على وجودها آمالا كثيرة، أناديهم بصوت كل أم وكل أب أن يبدأوا بالبحث عن الفاسد الذي يدخلها البلد، نريد أن نعرف كيف تدخل ومن الذي يُدخلها؟ لا أتصور من السهل أن يعبر أي شخص وبجيبه قطعة حشيش من قبضة الجمارك، إذن كيف تدخل هذه الكميات؟ من حقنا أن نعرف.

الإعلام، ومؤسسات المجتمع المختلفة كلها تتحدث عن الفساد الإداري وسرقة المشاريع، بينما السرقة الحقيقية هي سرقة زهور هذا البلد وأمله في مستقبل تنموي زاهر. أما المشايخ والدعاة فهم مشغولون بالمرأة وقيادتها السيارة وخطورة الليبراليين والعلمانيين، بينما الخطر الحقيقي الذي لا نكاد نسمعهم يتحدثون عنه هو تفتيت وتدمير عقول مستقبل هذا البلد!

الأمر الآخر هو المدارس، والحاجة إلى برنامج وطني شامل، بعيداً عن المحاضرات الإنشائية، ولنكن صادقين مع أنفسنا فالمراهقون لن ينصتوا لمحاضرة، إذن لنبحث عن أسلوب آخر يشدهم، فما الذي يمنع من أن تزور المدارس السجون أو العكس ويستمعوا لتجارب من وقعوا في قبضة الأمن ليتعضوا، وما الذي يمنع من أن يذهبوا في رحلة (إجبارية) بدرجات لا تختلف أهميتها عن درجات السلوك والمواظبة إلى الساحة التي يتم فيها تنفيذ حكم الإعدام بالمهربين، مع أننا لم نعد نسمع عن إعدام المهربين! ويتحدث لهم أحد الضباط عن حكاية هذا المهرب. وأين رجال الأعمال والأطباء المختصين، لم لا يقوموا بإنشاء مصحات علاجية خاصة، وتدعمها الحكومة بالملايين، فلله الحمد حكومتنا غنية، ونحن نحتاج إلى مصحات خاصة تقوم على علاج المدمن ومن ثم تأهيله نفسيا وتوعيته حتى لا يعود إليها. ووجودها في نفس البلد يسهل موضوع المتابعة المستمرة.

كثيرة هي الأفكار المزدحمة في رأسي، فهذا الموضوع أخطر من أن نستوعبه، فالمخدرات هي انعدام الأمن، وانعدام الأمن يعني نهاية المجتمع!

www.salmogren.net
 

مطر الكلمات
من المستفيد من انتشار المخدرات في مجتمعنا؟ (2-2)
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة