Friday  24/06/2011/2011 Issue 14148

الجمعة 22 رجب 1432  العدد  14148

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الأمة العربية تتدثر بالبرد وبالأحلام الباهتة، الليل يدق بقوة عليها التمرد، ويهيل على أحلامها بقايا الرماد، لا القمر أضاء المدائن، ولا الطير غنى تراتيله، ولا الشمس بانت على الحي أو زانت، وحتى الوردة لم تعد قادرة على أن تنبت على قطرة الماء المصفى، أو تعانق الغيمة بقايا الكبرياء، الموت على ضفاف الأمة العربية أشلاء تتبع أشلاء، والدماء مثل نهر وزخات مطر، ومشهد الجنائز يسقط من العين رؤاها، ويوطن الصدر الضجر.

لقد نامت القصيدة والبحر والقمر والرغبة والقيثارة، وجاءت الريح برعونة تبتغي سوء الجراح وتعيد للوجه التراب، لم يعد الموج يكسر بوابات الغروب، ولا المنارة تضيء شعلة الضوء، ولا الحداة قادرون على البوح بالنص، السطور العربية صارت عارية، والسهام طاشت، ومراجيح المنى تكسرت، والظمأ سال حتى سكن العظم، الخطوات العربية تبعثرت حتى بزغت في شكل إيماء، لا الشمس ردت التحية، ولا الوردة ضمدت الجراح، ولا عشبة الربيع تآخت مع الروح، هو الجمر صار اشتعال، والهشيم غياب، والمرايا صارت طاعنة بالظلام، الأمة العربية صارت جناح جراح، حلم ضرير، شجرا مات في ثنايا الصباح، لا نسائم الليل ناعمة، ولا البحر أحضانه دافئة، ولا سكن الهدوء هضاب الجسد، ولا الحكايات تريد الانعتاق من حيز الخذلان، الضوء العربي خافت، والشحوب ظلال، والفجر مؤجل، والنوافذ معتمة، والبنادق عمياء، والهم جذوة اشتعال، والتأويلات فتيل جمر، والرصاص محفز، واليتم ينبثق من بين دماء الجنائز، هي الساحة العربية الآن جحيم وطين ومقبرة طيور وشلالات حزن وشتاء يخنق عري الشجر، لا الرمال تحتها ماء، ولا الخرائط خرائط، ولا طائر السنونو صار طائر، ولا حديقة الدهشة هي الحديقة، ولا منحت جرار العسل بعض الغذاء، العرب قيثارة عويل مستباحة، سفينة نواح، وضرب عواصف، ومحض غبار، وسقف هواء، وظل ريح، وسلة تراب، وناي أنين، لا ياقونة الصباح العربي أصبحت مبللة برذاذ المطر، ولا بقي في السقف ثريا، ولا ارتدت الأرض حلة العشب ولا كسا خدها شال الندى، لا طائر اليمام غنى الياسمين، ولا الكناري غرد لحن الربيع، لا السحاب سحاب، ولا ركض في الجسد برق الحياة أو رعد المطر، للعرب ندوب غياب، ومقاعد خالية، وكسوف عمر، ورؤوس مشتعلة بأطراف المصائب، العرب مثل مرآة فارغة، وقنينة زجاج مكسورة، ونظرة باهتة، ومشهد ضئيل، لا هم غيوم رغيف، ولا مطر متساقط، ولا كسر افتراض، أو عشبة يانعة، لقد تمادى الملح في الجرح، وانبرى السهم وطاش، ونامت الغصة في أحداق الفراشات، وسل الظمأ الروح، ودارت همهمات الريح بالريح، وغدا الموت يردي شهوة الحياة ويقتات.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

الأمة العربية .. مشهد الجنائز يسقط من العين رؤاها!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة