Friday  24/06/2011/2011 Issue 14148

الجمعة 22 رجب 1432  العدد  14148

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

لصوص المكارم
عبيد بن عساف الطوياوي *

رجوع

 

غلاء الأسعار، وارتفاع ثمن أكثر السلع، ظاهرة سيئة في المجتمع؛ فبعض التجار أعماهم الجشع وحب الأرباح الطائلة، مستغلين ما يتفضل به ولي الأمر من مكرمات، غير مبالين بما يرضي الله سبحانه، فزادت الرواتب؛ فزادوا في أسعارهم، وأمر ببدل غلاء المعيشة؛ فزادوا أسعارهم، وصُرف الراتبان؛ فزادوا أسعارهم، وكلما أنعم الله - عز وجل - على أهل هذه البلاد بمكرمة من ولي أمرهم استغل بعض التجار بل أكثرهم هذا الأمر؛ لنهب المواطن ولهف ما بين يدَيْه وما في جيبه.

ومما يزيد الأمر خطورة أن الارتفاع طال الأمور المعيشية، وما لا بد منه؛ فالأرز واللحوم والحليب والدقيق صار بعضنا تعتريه الكآبة، ويصيبه الهمّ، عندما يحتاج إلى شيء منها، أما مواد البناء كالحديد والأسمنت فحدِّث ولا حرج. ومن الطرائف أن حتى الأجراء زادوا في أجورهم بحجة غلاء الأسعار. إن التحكم بقوت الناس جريمة خطيرة، وظلم كبير، ومن المخالفات الشرعية التي تُعرِّض لعقاب الله ومقته؛ ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه -رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ»، والاحتكار وسيلة من وسائل التجار للحصول على الربح المضاعف والسعر الكثير. ورفع الأسعار فيه ضرر عظيم، وأذى كبير للمسلم، وهذا من المحرمات شرعاً، يقول تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وفي الحديث الذي حسنه الألباني، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «من ضارَّ ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله به».

إن المسلم ليعجب من تاجر مسلم، يشهد الصلاة مع الجماعة، في كل يوم خمس مرات، ويتصدق ويزكي، ولكنه لا يبالي بوضع مسلم مثله، يعجز أحياناً عن قوته وقوت عياله!

أهكذا يأمركم دينكم معشر التجار! إنّ من خُلُق المؤمن حبَّ الخير لنفسِه ولإخوانِه المؤمنين، فهو يحِبّ لهم ما يحِبّ لنفسِه، ويكرَه لهم ما يكرَهُه لنفسه؛ ففي الحديثِ الذي رواه البخاري يقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمِن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبّ لنفسه». فظلمكم معشر التجار للمسلمين، ورفع الأسعار عليهم، فيه دليل على عدم كمال إيمانكم؛ فراجعوا إيمانكم؛ حتى تحبوا لإخوانكم مثلما تحبون لأنفسكم، وإن عجزت أنفسكم عن ذلك فعلى الأقل اتقوا الله في المسلمين، وأعيدوا ثقتهم بكم، ففي الحديث الصحيح يقول نبيكم - صلى الله عليه وسلم -: «والمسلِم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمِن من أمِنه الناس على دمائِهم وأموالهم».

فاتقوا الله معشر التجار، واحذروا ظلم الفقراء، الذين يعجزون عن شراء متطلبات حياتهم بسبب جشعكم وطمعكم الزائد، فقد يدعون عليكم، ودعوة المظلوم من الدعوات المستجابة.

* حائل

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة