Saturday  25/06/2011/2011 Issue 14149

السبت 23 رجب 1432  العدد  14149

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

ندوة الجزيرة

 

المشاركون في ندوة الجزيرة «إدارة المستشفيات في القطاع الصحي»:
الأطباء الإداريون : سوء تخطيط.. وضعف تنفيذ.. وهدر مالي!

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Previous

Next

أعد وأدار الندوة - ياسر المعارك

«من يدير المستشفى الطبيب أم الإداري المتخصص» قضية شائكة ودائمة تثير الجدل في المؤتمرات والفعاليات الصحية ففريق الأطباء يرون أنهم الأفضل في قيادة الدفة الصحية والأعلم بتحديد القرار الصحي المناسب لتطوير الخدمات الصحية، وأن القيادة الإدارية تتطلب موهبة وخبرة. فيما يرى فريق الإداريين المتخصصين بالإدارة الصحية أن قيادة المستشفى تتطلب تخصصًا علميًا إلى جانب الموهبة والخبرة، كذلك يرون أنه من غير المقبول أن يكون المدير للمنشأة طبيبًا إضافة إلى أن المدير الطبي طبيب مما يعد هدرًا ماليًا وسوء توظيف للقوى العاملة، بل إن وجود منصب المدير الطبي في الهياكل التنظيمية للمستشفيات الكبرى يجعل من وجود إداري متخصص بالإدارة الصحية أمرًا ملحًا لتطوير المنشأة جنبًا إلى جنب بجانب المدير الطبي الذي يتخصص بالجوانب الفنية الطبية، فيما يتخصص الإداري بالجوانب الإدارية.. ويرى فريق آخر أن مكان الأطباء المتميزين والمؤهلين في تخصصات دقيقة هو داخل العيادة لخدمة المرضى وأن تسرب الأطباء للعمل الإداري يثير علامة استفهام لشكوى القطاع الصحي من النقص الحاد في أعداد الأطباء السعوديين والحاجة المضاعفة لتأهيل السعوديين في المجال الطبي ولعقود قادمة..

ندوة الجزيرة تطرح قضية «إدارة الأطباء للقطاع الصحي» وتستعرض آراء الخبراء والمهتمين بالجانب الصحي والتي كشفت عن آراء اختلفت في بعض النقاط واتفقت على أطر رئيسة لتصحيح الوضع الحالي للإدارة في القطاع الصحي بشكل عام والمستشفيات بشكل خاص، فإلى نصّ الندوة..

«الجزيرة»: لماذا كبرى المستشفيات في القطاع الصحي والمناصب الإدارية محصورة على الأطباء فقط؟

- الدكتور خالد العيبان: لهذا السؤال عدد من الأجوبة؛ قد يكون نقصًا في أعداد المختصين في مجال الإدارة الصحية أو إدارة المستشفيات، كذلك الاعتقاد السائد بأن الإدارة الصحية لا تحتاج إلى تأهيل أكاديمي وإنما مواهب وخبرات يتم اكتسابها بالممارسة في العمل الإداري، إضافة إلى زعم الأطباء بأن الجوانب الطبية تفرض عليهم تولي زمام العمل الإداري وقد يكون هناك محاباة بين الأطباء.

وأود أن أطرح سؤالاً: هل نعاني من غياب الكفاءات المتخصصة بالإدارة الصحية عن قيادة القطاعات الصحية بالمملكة؟ وأعتقد أن الجواب واضح وضوح الشمس بأن لديها الكثير من القوى المؤهلة علميًا وعمليًا في تخصص الإدارة الصحية وإدارة المستشفيات، لكن يحتاجون فقط إلى دعم والاعتراف بقدراتهم طبعًا لا أرى أي عيب عندما يكون الطبيب هو من يدير المستشفى بشرط أن يكون مؤهلاً بشكل علمي حتى يقود المنشأة الصحية.

وكما أن هناك إيجابيات للطبيب عندما يقوم بإدارة المنشأة أيضًا هناك سلبيات منها: تفرغ الطبيب للعمل الإداري وتركه للخدمة الطبية الفعلية وذلك على الرغم من حاجة الوطن والمواطن إلى التخصصات الطبية لسد العجز في أعداد الأطباء التي يتم الإعلان عن حاجة المرضى لأعداد مضاعفة للأطباء خصوصاً المؤهلين في التخصصات الدقيقة، وذلك يقودنا إلى سؤال عن حدود الطبيب في إدارة المنظومة الصحية وهل هناك إلمام إداري صحي في مجال عمله.

«الجزيرة»: هل التأهيل في الإدارة الصحية يمكن اكتسابه بالخبرة كالميكانيكي؟

- د. خالد بن سعيد: تخصص الإدارة الصحية من التخصصات الحديثة وتحتاج إلى مهارات إدارية وإلمام بالوسائل والطرق والأدوات الإدارية وتفرعاتها كالجودة والمالية وغيرها من أساليب الأنظمة الحديثة للأمن والسلامة والتموين، وجواباً على سؤالك أود أن أوضح أنه ليس كل من لديه شهادة في الإدارة الصحية يستطيع أن يدير المستشفى ولا كل طبيب ناجح في تخصصه الإكلينيكي ناجح في الإدارة لكن هناك أسس ومحتوى يجب أن تتوفر في القيادي بالإدارة الصحية كعلم متخصص يحتاج إلى إدراك للخلفية وفق تلك الأسس السابق ذكرها، وللأسف وضعنا الحالي في القطاع الصحي نلاحظ فيه تحيزاً للأطباء خصوصًا استئثارهم بالمناصب الإدارية وصناعة القرار وبعض الأحيان أعطيت مناصب الإدارة لأطباء لديهم النظرة الدونية لباقي التخصصات الأخرى، متوقعين أن الإدارة تحتاج فقط إلى خبرة سيتم اكتسابها عبر الممارسة للعمل الإداري.. وبهذا الفكر والنهج نجعل من تفرغ الطبيب للعمل الإداري يزيد من النقص الحاد في أعداد الأطباء الذين نحن في أمسّ الحاجة لهم ولوجودهم في عياداتهم وممارسة العمل السريري الذي أُهلوا له.

«الجزيرة»: دكتور عبدالله الحربش بحكم تخصصك الطبي من الأفضل لقيادة المنشأة الطبية الطبيب أم الإداري المتخصص؟

- الدكتور عبدالله الحربش: أنا طبيب ممن أقحم في مجال الإدارة وغير متخصص بعلم الإدارة الصحية وأرى أن طرح السؤال يعطي مفهوماً وكأنها مشكلة بينما هي واقع نعيشه نتج من عامل كبير جداً هو انعدام المتخصصين بالإدارة الصحية، ونظرتي للزملاء الأطباء الذين يديرون المستشفيات أنهم ألزموا بها وأقحموا فيها.. فالطب هواية ومهنة ولا أعتقد أن هناك من يتخلى عن مهنته وأعتقد أن إدارة المستشفيات لها مقومات منها التخصص والقدرات والمهارات الشخصية، وترك الطبيب لمهمته وتفرغه للعمل الإداري ننظر له بعين الشفقة على الطبيب نفسه وعلى المجتمع لكون الطبيب أفنى عمره في التحصيل الطبي وما ترتب عليه من خسائر مادية ومبالغ تم صرفها عليه حتى أصبح مؤهلاً كطبيب المفترض أن يواصل خدماته لوطنه ومجتمعه. وأرى أن النقص الحاد في أعداد المتخصصين بالإدارة الصحية وإدارة المستشفيات أسهم بشكل كبير جداً في تولي الأطباء لزمام القيادة والإدارة الصحية.

ولكن هناك منصب المدير الطبي في كل مستشفى يجب أن يتولاه طبيب لارتباطها في الكثير من النواحي الفنية الطبية والصحية مما يساعد على رسم إستراتيجية وخطط صحية لتقديم الخدمات الصحية بالمستويات المأمولة. وللعلم فإن لكل مستشفى إدارة تنفيذية تقوم على قواعد علمية يطبقها المدير التنفيذي بالطريقة القانونية البحتة تحت هذه القيادة، هناك الجودة النوعية التي تلعب دوراً مهماً في تقييم أداء مقررات المدير التنفيذي.. وخلاصة القول إن منصب المدير الطبي يجب أن يشغله الطبيب والمدير العام للمنشأة ويشغله المتخصص بعلم الإدارة الصحية وإدارة المستشفيات.

مداخلة محمد الأحيدب:

في هذه الندوة سأكون «شاهداً على العصر»؛ كوني عملت لأكثر من 31 سنة في المجال الصحي تحت إدارة الأطباء، وعايشت بشكل قريب كل تفاصيل مخرجات إدارة الأطباء. وجواباً عن السؤال: لماذا يدير الأطباء المستشفيات؟.. بكل بساطة هو امتداد لخطأ قديم أصبح مستمراً؛ لأن أحداً لم يصححه.

وقد بدأ منذ عصور عندما كان هناك اعتقاد في بدايات النهضة الصحية بأن الطبيب هو الأدرى بالأجهزة الطبية وحاجة المستشفيات لها، لكن هذا المنظور تغيَّر تماماً. لدينا علم إدارة قائم بذاته لا يقل أهمية وتشعباً عن الطب.

واستشهاداً بحديث الدكتور الحربش قال: إن الأطباء «أُلزموا»، وقد كررها مراراً، لماذا أُلزموا؟ لأن الأطباء لا يثقون إلا بالطبيب مثل المسؤول الذي لا يثق إلا بقريبه. وحتى الآن لم يصل الطبيب إلى ثقته بالتخصص الآخر كعلم الإدارة الصحية أو المستشفيات.

المشكلة الكبرى أن هذه المغالطات، سواء ممن يدير المستشفى الإداري أو الطبيب، تأتي من أكثر المهنيين تركيزاً على التخصص وتعصبًا له ألا وهو الطبيب، الذي تُعدّ مهنته أكثر التخصصات تشعباً؛ فتجد أن طبيب الأطفال لا يقوم بعلاج الكبار، وطبيب العيون لا يعالج أمراض القلب، والممرض لا يتدخل في عمل الطبيب.. وفي الوقت نفسه نجد أن هناك ابتعاداً كبيراً بين علم الإدارة وعلم الطب.

وعند الحديث على قضية من يدير المستشفى لا بد من أن نطرح على أنفسنا سؤالاً: هل ما نعيشه اليوم من مآسٍ صحية وفوضى مستشفيات يدل على نجاح الأطباء في غدارة القطاع الصحي؟.. أليست مشكلتنا الكبرى الآن في عدم القدرة على إدارة مليارات الريالات خاصة في ميزانية هذا العام والذي قبله، وتسخيرها في توفير رعاية صحية للمريض.. ألا يمكن تلافي هذه الأخطاء؟.. ألم تُسخِّر الدولة أكبر الميزانيات، ووفرت أفضل الأجهزة، وأنشأت المستشفيات؟ إذاً ما هو العنصر المفقود! هي الإدارة، وإعطاء الخبز لخبازه بدلاً من التخبُّط الذي عشناه ونعيشه. وعلى سبيل المثال: «ضاع الحزام الطبي ثم وجدنا الحزام الطبي» و»بلسم سيطبق» ثم «يختفي» ثم «يؤجل 5 سنوات» كل تلك الشواهد تدل على وجود فوضى إدارية ونقص في العقلية الإدارية المتخصصة والقادرة على تحقيق إدارة ناجحة، نحن لدينا مشرط جراحي ناجح يعول عليه الكثير ولكن في الجانب الإداري لا يعول عليه. وأنا أسأل سؤالاً: عندما يسقط الإداري مغشياً عندما يرى نقطة دم فإن الطبيب يسقط مغشياً عليه عندما يواجه مشكلة إدارية صعبة فهو غير مؤهل للجانب الإداري كما هو حال الإداري غير مؤهل للعمل الطبي.

«الجزيرة»: الناقد محمد الأحيدب لماذا يخسر المجتمع طبيبًا ناجحًا ويفرغ للعمل الإداري؟

محمد الأحيدب: للأسف هناك قلة من الأطباء المتميزين عندما يتميزون في مجالهم الطبي يتطلعون إلى المناصب الإدارية وعلى العكس هناك أطباء تميزوا وحققوا نجاحاً كبيراً جداً وأفنوا جل وقتهم لمتابعة المرضى ولم يتطلعوا إلى بريق المناصب الإدارية.

«الجزيرة»: دكتور خالد بن سعيد.. ذكر قبل قليل الدكتور الحربش أننا نعاني نقصًا في أعداد المتخصصين بالإدارة الصحية، فهل الجامعات السعودية لم تخرج مؤهلين سعوديين في الإدارة الصحية؟

- أعتقد إلى حد كبير أن هذا القول جانبه الصواب على اعتبار أن لدينا برنامج ماجستير إدارة صحية وإدارة المستشفيات منذ 21 سنة وقد خرجنا ما يربوا عن 1000 متخصص منذ عام 1981م والمسألة كانت مشكلة، أما الآن فهي ليست مشكلة لكون هناك أعدادًا كبيرة من المتخصصين من خريجي الجامعات السعودية أو من خارج المملكة والمشكلة هي مشكلة هيمنة من قبل الأطباء المسيطرين على المراكز الإدارية.

مداخلة الدكتور الحربش:

هناك تخصصات تخضع لجهد كبير جداً وعلى سبيل المثال علم النفس أو معلمي الأمراض المزمنة كالربو والسكر، حيث تقوم الدولة على العناية بهم وصرف مبالغ كبيرة حتى يتم تأهيلهم لكنه قد لا يكون هناك وظائف شاغرة بمسمياتهم العلمية.. وأنا أعرف أن القطاع الصحي يحتاج معلمين أو مثقفي الأمراض المزمنة بشكل كبير جداً ومع ذلك العرض قليل والطلب كبير وعند مراجعة الجامعات والسؤال عن مخرجات التثقيف الصحي نفاجأ بأنه تم توظيفهم على وظائف ممرضين ولا يمارسون عملهم الذي تم تأهيلهم له وهذا يفتح الباب حيال المسميات الوظيفية والمؤهل العلمي الحقيقي لشاغلي هذه الوظائف.

مداخلة د. خالد العيبان:

أودع الرجوع إلى ما قاله الأخ محمد الأحيدب حيال استمرارية الخطأ في قيادة الأطباء غير المؤهلين إدارياً للقطاع الصحي بشكل عام والمستشفيات بشكل خاص، وأتفق جملة وتفصيلاً إلى أنه في السابق لم يتوفر التخصص في الإدارة الصحية وإدارة المستشفيات مما أدى إلى تولي الأطباء مناصب إدارية أما الآن فالاستمرار بهذا الوضع في ظل متخصصين بالإدارة الصحية فهو خطأ كبير وأود التأكيد أن عنصر التخصص الإداري يعد من أهم مقومات التطوير والنجاح لأي منشأة بل أهم من عناصر التمويل وتوفر القوى البشرية المؤهلة، وأشير إلى أن الوضع الحالي لإدارة الأطباء أدى إلى حدوث خلل في التخطيط والتنفيذ وبالتأكيد ضعف في منظومة الخدمات الصحية ككل ومن يدفع الثمن هو المواطن.

«الجزيرة»: دكتور خالد كنت وكيل وزارة الصحة للتخطيط فما هو موقفك آنذاك؟

- لقد كان شرفًا لي أن أخدم وطني من أي موقع وفي أي وقت ومنها عندما كنت وكيل وزارة الصحة للتخطيط، فقد طالبت وزارة الصحة في ذلك الوقت بأن تقوم بتصحيح الوضع القائم وأن تضع الشخص ذا التأهيل العلمي والخبرة العملية المناسبة في المكان المناسب، وأن يتم العمل وفق رؤية إستراتيجية لإحلال المتخصصين في المناصب القيادية بدلاً من الأطباء غير المتخصصين وإعادة الأطباء إلى عياداتهم لخدمة المرضى والاستفادة من تأهيلهم الطبي مما يساعد على سد النقص في الكوادر الطبية والحد من طول فترات انتظار المراجعات الصحية، كذلك التركيز على الابتعاث للحصول على شهادات عليا في تخصصات الجودة الصحية وإدارة المستشفيات والإدارة الصحية.

«الجزيرة»: دكتور خالد العيبان كنت مشرفاً على القطاع الصحي بالمنطقة الغربية فكم كانت نسبة المتخصصين بالإدارة الصحية من مديري المستشفيات؟

- خالد العيبان: هذا ليس بسر يخفى على العاملين بالقطاع الصحي، فقد كنت باجتماع مع ما يقارب 30 طبيباً من مديري المستشفيات والقيادات الصحية بالمنطقة الغربية وطرحت استفسارًا عن عدد المتخصصين بالإدارة الصحية ممن يحملون مؤهلاً متخصصًا فكانت النتيجة لا أحد يحمل تخصصًا علميًا وهذا مؤلم للغاية.

«مداخلة» محمد الأحيدب:

يجب علينا من جانب وطني بحت أن نناقش هذه المشكلة ونبحث جذورها وكيفية علاجها، أساس المشكلة أكبر من مدير شؤون صحية أو مستشفى غير مؤهل فالقضية أن قمة الهرم الصحي في البلد غير متخصص بالإدارة الصحية وكشاهد على العصر فإن أول المتضررين هم الأطباء بسبب إدارة زملائهم الأطباء، وأستطيع أن أؤكد لك عدم تساوي بروز إنجازات طبية في جميع التخصصات بسبب وجود غيرة ومنافسة من قبل زميلهم المدير الطبيب، فيما لو كان المدير إداريًا متخصصًا سيكون حياديًا بعيداً عن المنافسة والغيرة، بل إن المدير الإداري يطمح إلى بروز كل الأطباء في كل التخصصات وخير مثال على ذلك كيف اختفى البريق الإعلامي لنجاح زراعات الكبد التي كانت تحظى بمتابعة وعناية من أعلى المستويات حتى وصلت عدد العمليات الناجحة في عام واحد 88 عملية زراعة كبد، بل إن هناك عمليات بالغة الدقة والتعقيد مثل عمليات جراحة الصدر والقلب المفتوح لم يتم الاهتمام بها وبروزها إعلاميًا مثل العمليات الأخرى كعمليات فصل التوائم السيامية.

بل إن الإعلام الدولي قام بالتعرف على إنجازات عالمية لطبيبات سعوديات وكان للإعلام الدولي مبادرة الإشادة والتعريف بهم فيما لم يكن لهم أي ذكر في الإعلام المحلي لماذا؟!.

فيما لو كان مدير المستشفى إدارياً متخصصاً سيقف على مسافة واحدة ويتعامل مع كل التخصصات بحيادية، أضف إلى ذلك تجهيز المدير الطبيب كون هناك تخصصات طبية لاقت اهتمامًا بالغًا على حساب تخصصات طبية أخرى لماذا لأن المدير يحمل نفس التخصص فتحيز له وقدم له دعمًا كبيرًا جداً.

وعلى سبيل المثال: (الطب الشرعي) فهو في وضع تحت الصفر كذلك مستوى طب الطوارئ الطب النفسي هل يجب أن يكون وزير الصحة متخصصًا بالطب الشرعي أو الطوارئ أو النفسي حتى يتم الاهتمام بها وتطويرها فلو كان الوزير إدارياً لما حدث هذا الخلل.

أما ثالثة الأثافي فهي التنافس على المناصب القيادية في القطاع الصحي ومنها منصب وزير الصحة.. وهذا التنافس أدى إلى حدوث مشاكل بين المسئولين في القطاعات الصحية الكبرى منها بعض مديري الشؤون الصحية قبل موعد التشكيل الوزاري يتنافسون فيما بينهم على إبراز الإنجازات وتلميع صورهم حتى يكاد يسقط بعضهم بعضًا بل إن مجلس الخدمات الصحية كان يحدث فيه محاولات جر القدم والخلافات العميقة ولنا بمشروع بلسم الخاص بالتأمين الصحي على المواطنين عندما تولى أحد أعضائه قمة الهرم الصحي قام برفضه بعد أن كان المجلس يشيد بالفكرة ويسعى إلى تطبيقها على أرض الواقع. إن هذا التنافس بين الأطباء أدى إلى الإساءة إلى مهنة الطب والعاملين فيها.

هل يستحق هذا المولد غير الشرعي (إدارة الأطباء للقطاع الصحي) ما يحدث من أخطاء شنيعة.

مداخلة من عبدالله الحربش:

لا أتفق مع المشاركين فيما ذكروه أننا نعيش كارثة ومشكلة كبيرة في المجال الصحي فأنا أرى أن وضعنا الصحي جيد ومتميز وكرسي الإدارة يكسب صداقة وعداوة في آن واحد.

أما ما ذكر حول تحيز الأطباء المديرين إلى تخصصات دون الأخرى مما أدى إلى تغييب إنجازات طبية فلا أعتقد أنها بدافع التحيز وإنها بسبب القائمين عليها كون شخصياتهم ترغب بأن تكون في الظل ولا يرغبون بالتواصل مع الإعلام، أيضاً قد يكون بسبب تقصير من الإعلام الذي يهتم بجوانب على حساب جوانب أخرى.

«الجزيرة»: دكتور عبدالله الحربش ذكرت أن الأطباء مرغمون ومكرهون على العمل في الجانب الإداري.. إذًا هل الفنيون المفرغون لأعمال إدارية كالعلاقات العامة والإعلام وسكرتارية هم أيضاً مكرهون؟!

- أعتقد أن كل موظف بأي تخصص يبحث عن أي وظيفة فقد تجد فني تمريض أو غيره من التخصصات الصحية لا يجد سوى وظيفة سكرتير وهي لا تناسب مؤهلاته فيرضى بها حتى لا يكون عاطلاً عن العمل.

مداخلة محمد الأحيدب:

أود أن أعلق على ما ذكره الدكتور الحربش فيما سبق أن القطاع الخاص لا يمكن أن يقبل توظيف فني تمريض أو طوارئ بوظيفة سكرتير كون رواتب وميزات العاملين على الكادر الصحي أعلى بكثير من العاملين على الكادر الإداري فمن غير المعقول أن نقوم بدفع رواتب عالية وأن يعمل على وظيفة إدارية لكونها خسارة كبيرة جداً.

وآخر الأخبار الرسمية كشفت أن المؤسسات الصحية والتعليمية رفضت تزويد الجهات الرقابية بقائمة العاملين بوظائف إدارية، وهم معينون على كوادر صحية وتعليمية.

وهذا مؤشر بأن هناك حاجة ملحة لأن تقوم الجهات الرقابية بتصحيح الوضع والدفاع عن الوطن.

«مداخلة» ابن سعيد:

ذكر الدكتور الحربش بأنه لا يوجد لدينا كوارث في الخدمات الصحية، وأنا أقول إن هناك مأساة في تدني الخدمات الصحية بالبلد وحتى هذه اللحظة لم نلمس أي تقدم في مستوى الخدمة الصحية وغالبية المواطنين أكثر من 80% ليس لديهم مرجعية في الخدمة الصحية، بل إن الحصول على سرير أو فتح ملف أصبح يتطلب من المواطن واسطة قوية حتى يحصل على حق مكتسب له بدون أن يريق ماء وجهه. فما بالك لمن ليس لديه واسطة من المواطنين الضعفاء.

«الجزيرة»: د. خالد بن سعيد هل لنا بإيضاح حيال المعمول به في الدول المتقدمة، هل يشابه المملكة من حيث أن جميع القيادات هم أطباء؟

- الوضع الحالي في أوروبا وأمريكا وكندا هناك منصب طبيب تنفيذي لا يشغله إلا من حصل على شهادة ماجستير الصحة العامة، إضافة إلى دورات في الإدارة الصحية والمالية والميزانية وغيرها من الدورات المكملة.. لكن وضعنا مختلف عن تلك الدول فنحن معدل النمو السكاني عندنا عالٍ جداً مقابل عدد جداً قليل من الأطباء، ومما يعقد الأمور ويقودها إلى الأسوأ تسرب الكثير من الأطباء لأعمال إدارية بدلاً من خدمة المرضى.

«الجزيرة»: لماذا كل قيادات القطاع الصحي أطباء وفي تخصصات نادرة؟

- محمد الأحيدب: سنة واحدة من إدارة غازي القصيبي لوزارة الصحة اتسمت بالعدالة والإنتاجية، أما الآن فمن مساوئ إدارة الأطباء عدم القدرة على قيادة فريق العمل.

«مداخلة» د. خالد العيبان:

مع الأسف لم يتمكن صناع القرار الصحي من الاستفادة من خبرات المتخصصين بالإدارة الصحية وإذا لم تكن لدينا قناعة بالكفاءات الوطنية المتخصصة فلماذا لا نستفيد من خبرات المراكز والمستشفيات العالمية القادرة على صنع الفارق في الإدارة الصحية وبناء شراكات إستراتيجية تفضي إلى تجويد وتطوير الجوانب الإدارية وفق القواعد العلمية المتخصصة منها تبادل الخبرات وتدريب القوى العاملة الوطنية والإطلاع على آخر المستجدات في مجال الاختصاص وتطوير البحوث العلمية.. ويجب أن لا تعيقنا عقبة التمويل فهي مكلفة على المدى المتوسط ولكن ايجابياتها مضاعفة على المدى الطويل ولنا بمستشفى الملك فيصل التخصصي للأبحاث مثلا شامخا فهو يعمل وفق مستوى واحد ولا يزال صرحًا متميزًا.

«الجزيرة»: دكتور عبدالله الحربش نلاحظ نوعًا قد يسميه البعض تحايلاً فتجد أطباء لديهم عيادة واحدة في الأسبوع فهل تكفي هذه العيادة لمتابعة الحالات السريرية للمرضى؟

- دكتور عبدالله الحربش: العيادة الواحدة في الأسبوع لا تصلح لشيء وهي بلا قيمة حقيقية بل من الصعب أن تتابع المرضى وتطور حالتهم الصحية من خلالها، وأعتقد أن أقل من 4 عيادات في الأسبوع فلن تقدم خدمة ومتابعة للمرضى بشكل سليم ومميز.

قد يكون بعض الزملاء الذين أقحموا في الإدارة وعيادة واحدة كفيلة بأن تحافظ على مهاراتهم العلمية وأنا لا أؤيد الاعتماد على الآخرين كأن أفتح عيادة باسمي فيما اعتمد على الآخرين في تقديم الخدمة الصحية وللأسف هذا ديدن كثير من مستشفياتنا.

«الجزيرة»: كيف تنظر لمقترح إلزام الهيئة السعودية للتخصصات الصحية للأطباء الإداريين بحد أدنى للساعات السريرية مع سحب الترخيص لأصحاب العيادة الأسبوعية الواحدة؟

- الحربش: أرى أن العمل السريري هو الأهم فهو قد يضمنه ارتباط الطبيب بالحياة المهنية، فلو أخذ الطبيب الممارس إجازة لمدة شهرين قد يشعر أحيانًا بالبعد عن بعض المهارات الطبية والتي ترتبط بصحة الإنسان.

«مداخلة» محمد الأحيدب:

عيادة واحدة في الأسبوع لمتابعة المرضى أعتقد أنها خطر يهدد المرضى.. والسؤال من المسؤول عن هذا السلوك ومن يستغفل أطباء العيادة الواحدة! ومن يحمي المرضى من هذه العيادة غير منضبطة.. كيف منح طبيب العيادة الواحدة في الأسبوع آمنة الحفاظ على أرواح المواطنين وهو لا يمتلك حس الأمانة.

«الجزيرة»: كيف ترى تعيين الأطباء على كوادر صحية برواتب تتجاوز 80 ألف ريال تقريباً ويعملون على وظائف إدارية بعيدًا عن الممارسة المهنية الصحية؟

- د. خالد بن سعيد: أعتقد أن على الجهات المعنية من وزارة الخدمة المدنية وديوان المراقبة العامة أن تتخذ خطوات تصحيحه للحفاظ على المال العام من المعروف على اعتبار أن الدولة تحملت ميزانية طائلة جداً بهدف إيجاد كوادر وطنية طبية قادرة على تقديم الخدمات الصحية للمواطن، ولم تتوقف الدولة عن صرف مبالغ طائلة لتحقيق هذا الهدف بدءاً من إنشاء كليات طبية وتحملها تكاليف درجة البكالوريوس وشهادة الزمالة في خارج وداخل المملكة ولكن للأسف هناك هدر مالي كبير في تحول الأطباء إلى العمل الإداري ولو أوقفت البدلات الصحية، أعتقد أن رغبة الكثير من الأطباء ستتوقف عند الهرولة للمنصب الإداري.

«مداخلة» الدكتور خالد العيبان:

هذا السؤال مهم جدًا فهو يرتبط بعنصرين تتعلق بسوء توظيف القوى البشرية وتتعلق بهدر المال العام وأيضًا لها أبعاد خطيرة منها عدم التخصص يضعف التخطيط والبناء الاستراتيجي لقطاع الصحة والمتعلق بحياة الإنسان كذلك هدر ميزانيات ضخمة في وقت جميع دول العالم تعاني الأمرّين وتبحث عن حلول جذرية لمصادر تمويل الخدمات الصحية.

وأقترح على مجلس الخدمات الصحية تحديد موقف واضح حيال إعادة الأطباء إلى العيادات والاكتفاء بالمدير الطبي إلى جانب المدير الإداري المتخصص بالإدارة الصحية، مما يعزز تصحيح كفاءة وجودة العمل الصحي بالشكل السليم.

***

ضيوف الندوة

* الدكتور خالد العيبان نائب رئيس جمعية جودة الأداء وإدارة المخاطر في المنشآت الصحية أستاذ الإدارة الصحية بجامعة الملك سعود.

* الدكتور خالد بن سعيد رئيس جمعية الإدارة الصحية أستاذ الإدارة الصحية جامعة الملك سعود.

* الدكتور عبدالله الحربش نائب الرئيس التنفيذي لشئون الأطباء بمجموعة مستشفيات الدكتور سليمان الحبيب استشاري طب الأطفال.

* الصيدلي والصحافي محمد الأحيدب ناقد وإعلامي بصحيفة عكاظ.

* ملاحظة تم اعتذار عدد من المسؤولين من وزارة الصحة لأسباب متعددة.

***

توصيات الندوة

* تصحيح الوضع الحالي من خلال إيجاد آليات إحلال القوى العاملة الوطنية المؤهلة في التخصص الإداري الصحي وإدارة المستشفيات والاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم المتخصصة في تطوير المنظومة الإدارية.

* مراجعة الوضع الإداري لكافة المستشفيات الكبرى والالتزام بتعيين مدير عام للمنشأة الصحية متخصص بالإدارة الصحية أو إدارة المستشفيات إلى جانب المدير الطبي المتخصص بالشأن الفني الصحي.

* عقد شراكة إستراتيجية مع المستشفيات والمراكز العالمية المتخصصة لإدارة المدن الطبية والمستشفيات الكبرى في مراحلها الأولى والاستفادة من خبراتها في التشغيل والإدارة والتدريب والبحث العلمي.

* حث الهيئة السعودية للتخصصات الصحية على القيام بدورها لحماية الممارسة الصحية المهنية وإيقاف وسحب تراخيص الأطباء الإداريين خصوصاً أصحاب العيادات الأسبوعية والتي لا تحقق الخدمات الصحية السريرية وبالتالي تشكل خطراً على صحة المرضى.

* حث ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق وديوان الخدمة المدنية ووزارة المالية على حماية المال العام ووقف الهدر المالي على اعتبار صرف مبالغ طائلة بهدف تأهيل القوى الوطنية في التخصصات الطبية لعلاج المرضى وتعيينهم على الكادر الصحي وتمتعهم بالبدلات الصحية وهم يقومون بأعمال غير طبية ولم يؤهلوا لها.

* مناشدة مجلس الخدمات الصحية لإعادة الأطباء الإداريين لعياداتهم مما يسهم في الحد من نقص أعداد الأطباء والتقليل من أوقات الانتظار للمراجعات الطبية.

* التوسع في الإبتعاث الخارجي في تخصصات الإدارة الصحية وإدارة المستشفيات.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة