Saturday  25/06/2011/2011 Issue 14149

السبت 23 رجب 1432  العدد  14149

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الإعلام والصحة 1-2
أ.د. حسن بله الأمين

رجوع

 

لعل التاريخ في مجراه الطويل لم يشهد طفرة مثل تلك الطفرة اليت شهدتها وسائل الإعلام بأنواعه المختلفة، ولعل التطور في وسائل وتقنيات الإعلام والاستفادة منها يمثل إنجازاً من أعظم الإنجازات التي شهدتها البشرية في نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، تمتلك وسائل الإعلام قوة ما يسمى بالطلقة السحرية ولها تأثيرات مقصودة وأخرى غير مقصودة.

تأتي أهمية وسائل الإعلام من أنها تحظى بقبول وإقبال كبيرين من المتلقين وتصل إلى أعداد هائلة من الناس إذ تدخل البيوت أحياناً بدون استئذان. وتلعب هذه الوسائل أدواراً عديدة منها تنوير أفراد المجتمع ورفع وعيهم ومساعدتهم على اتخاذ القرارات الهامة المتعلقة بحياتهم خصوصا في النواحي الصحية ومنها دعم مشاركة المجتمع بإتاحة الفرصة للجمهور للحوار مع الإعلاميين ومقدمي الخدمة ومنها تبصير صانعي القرار بآخر التطورات في حقول العلم والمعرفة، ولدى العاملين في وسائل الإعلام خبرة هائلة في التسويق ليس فقط تسويق المنتجات التجارية ولكن كل أنواع السلع غير التجارية ومنها الأفكار والمعلومات.

كان المجتمع في الماضي مجتمعا شفاهيا تنتقل فيه المعلومة من شخص لآخر ولكنه الآن وبعد انتشار التعليم صار مجتمعاً يجيد القراءاة والكتابة ويتعامل بل يتفاعل مع وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت وغيرها. وحتى المعلومة الشفاهية تجل معنى أكبر وأوضح لدى من تلقى تعليماً ولو كان قليلاً، وسائل الإعلام متعددة الأنواع والأسماء فهناك ما يسمى الوسائط الجماهيرية وهناك الوسائط الإلكترونية وهناك وسائل التواصل الجماهيرية وتحت هذه المسميات أصناف عديدة.

العلاقة بين الإعلام والتعليم الصحي علاقة تبادلية وتكاملية فكلاهما يحتاج للآخر إذ يشبه دور الإعلام دور رسالة الجامعة في مجال نشر الثقافة الصحية.

عرف الدكتور الشعلان الإعلام الصحي بأنه: مجموعة من الوسائل التي تعمل على تزويد أفراد المجتمع بالأخبار الصحيحة والمعلومات والمعارف الصحية السليمة والحقائق التي تساعدهم على تكوين ثقافة صحية وقائية علاجية من خلال أربعة عناصر هي المرسل، المستقبل، موضوع الرسالة ووسيلة الاتصال.

ورغم وجاهة هذا التعريف إلا أننا نود الإضافة إليه، فلا تنتهي رسالة الإعلام الصحي بتزويد أفراد المجتمع بالمعلومات والمعارف الصحية فقط وإنما تتعدى ذلك إلى المساعدة في تشكيل توجهات المستقبل ومن ثم سلوكه فمثلث التثقيف الصحي يتكون من ثلاثة أضلاع هي إعطاء المعلومة وتكوين التوجهات وأخيراً تغيير السلوك ولعل الأخير هو الأهم لأن الدراسات أثبتت أن مجرد امتلاك المعلومة قد لا يؤثر في تغيير السلوك والمثال لذلك هو الدراسة التي أثبتت أن المدخنين يعلمون عن أضراره أكثر من غير المدخنين ومع ذلك فهم يدخنون، إن هناك عوامل أخرى تؤثر في رغبة ومقدرة الناس على تغيير سلوكهم الصحي ومنها اعتقاداتهم وتوجهاتهم في الحياة وتجاربهم السابقة والظروف التي يعيشها الفرد والأسرة التي ينتمي إليها (يرتبط الإعلام الصحي) كما يقول بعض من كتب في هذا المجال بعدة أمور منها ثقافة المجتمع، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتعليمي لأي دولة، وينبع من مخزون الدولة الفكري والثقافي ومورثها الحضاري. إن التوعية الصحية زرع وحصاد، يمثل الناس فيه التربة وتمثل المعلومة الصحيحة فيه البذرة وتمثل وسائل الإعلام فيه الباذر وراعي النبتة حتى يستوي عودها وتؤتي أكلها بثمرة هنية، وثمرتها هي التغيير الإيجابي لتعزيز الصحة.

كثير من البرامج والكتابات الصحية تعني بإعطاء المعلومة وليس تغيير السلوك يقول أحد الباحثين الأمريكيين (إن الترجمة العلمية إلى سلوك ليست هي الشاغل الرئيسي للإعلاميين ولكن ما تحدثه من ردة فعل اجتماعي نتيجة لإختلاف الآراء العلمية) إن إعطاء المعلومة فقط قلما يغير السلوك، ولا شك أن تغيير السلوك ودور الإعلام الصحي فيه ليس بالأمر الهين ويمثل تحدياً كبيراًُ للإعلاميين والأطباء ولكنه ممكن فوسائل الإعلام يمكن أن تعرض وتوضح كيفية تغيير السلوك بشرح المهارات اللازمة لذلك بتفاصيلها. ولا بد أن نسوق مثالاً يوضح ما قصدنا، تقديم التوعية في التغذية مثلاً يمكن أن يتضمن وسائل علمية يستخدمها مستقبل الرسالة ليعرف إن كان سلوكه ومن ثم وضعه الغذائي قد تغير وهنا تأتي أهمية أن يشرح مقدم الرسالة الوسيلة لذلك وهي في حالة التغذية قياس مؤشر كتلة الجسم الذي يمكن أن يقيسه المتلقي بوزن نفسه بصورة دورية وفي كل مرة يقسم وزنه بالكيلو جرامات على طوله بالمتر المربع وينظر إذا كان الحاصل في حدود الطبيعي والمعدل الطبيعي أن يكون الحاصل بين 18 و 26 كيلو جراما لكل متر مربع وبهذا التوضيح يحفز المستقبل بمواصلة الجهد في الحمية للوصول إلى المعدل الطبيعي وبتطبيق هذه المعادلة سيعرف المستقبل أين وضعه الغذائي. فإذا كان معدله بين 26 و 30 كيلو جراما لكل متر مربع فهو يعاني من زيادة الوزن وإذا تجاوز ذلك فهو يعاني من السمنة بأنواعها المتعددة. (يتبع)

المشرف على كرسي الجزيرة للإعلام الصحي بجامعة الإمام

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة