Sunday  26/06/2011/2011 Issue 14150

الأحد 24 رجب 1432  العدد  14150

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

كلما فكرت أن أكتب عن قضية مجرم جدة الذي اغتصب ثلاثة عشر طفلاً توقفت بحسرة، وأنا لا أعرف من ألوم، هل يمكن أن تلوم مغتصباً؟ هل تلوم الوالدين اللذين غفلا عن طفلهما لبرهة؟ هل تلوم الأمن في المراكز التجارية؟ هل تلوم الطفل نفسه الذي لم يفهم التغرير به؟ أم تلوم البيئة الاجتماعية التي لم تثقفه على التعامل الحَذِر مع الغرباء؟ هل تلوم التقنية الحديثة التي فتحت له الحابل على النابل، وأصبحت مواقع اليوتيوب لا تفرق بين الطفل والمراهق والبالغ والعجوز؟ هل نلوم الثقافة العامة للمجتمع التي سكتت عن ممارسات هذا الفاعل خجلاً أو مواراة لفضيحة، دون أن تتم ملاحقته إلا بعد الضحية الثالثة عشرة؟ هل وهل وهل؟

كثيراً ما يحزنني تفسير بعض علماء الدين أو المشايخ الذين يلومون الضحية دائماً، ويعتبرون كشف الضحية عن مفاتنها، على الرغم من صدمتي عن أي مفاتن طفل في السابعة يمكن أن تثير المنتهك؟ ما هذه المفاتن التي يتحدثون عنها لدى طفل أو طفلة؟ كم يخيفني حينما يقول أحدهم انه يغض بصره خجلاً إذا شاهد طفلة في التاسعة تخرج ذراعيها أو عضديها مثلاً؟ هل يعقل ذلك؟ حتى وإن كانت طفلة؟ كيف ننظر إلى طفولة قال عنها الشاعر:

وصن ضحكة الأطفال يا رب إنها

إذا غردت في موحش الرمل أعشبا؟

أتمنى ألا نتوقف في هذه المسائل الاجتماعية الشائكة على اجتهاداتنا ككتاب، ولا على اجتهادات وتفسير المشايخ، فكلانا ننظر إلى الأمر من زاوية واحدة، من نظرة اجتهادية، لا نظرة علمية متعمقة كما هي نظرة التربويين وعلماء النفس الذين يجب حضورهم في هذا الشأن بقوة هنا، فموضوعات مثل هذه تحتاج إلى التنوير والتثقيف في المنازل والمدارس، لابد أن نعرف كيف نجعل الطفل يفهم في مرحلة مبكرة ما يمكن أن يحيط به من مخاطر، علينا أن نعيد الحوار والنقاش حول التثقيف الجنسي بطريقة لائقة للأطفال في مراحل التعليم الأولي، علينا أن نجعلهم يفهمون ما ينفعهم وما يضرهم، أن يتفهموا الخطر الذي يحدق بهم.

فهل يعقل أن نتحفظ على تعليم الأطفال وتثقيفهم جنسياً، وبطريقة علمية تربوية متطورة، مقابل أن نتركهم يعبثون بأجهزتهم المحمولة من آي فون وآي باد وآي بود، وكل الأجهزة التي تفتح لهم المواقع على مصراعيها، بكل ما تضخه من مقاطع وأفلام مخلّة؟ هل يعقل أن نجعل قلوبهم مغمضة مقابل عيونهم المفتوحة على مشاهد قد لا يفهمون أضرارها وخطورتها عليهم؟ هل يمكن أن لا نثقفهم مقابل مواقع تقوم بالترويج لكل أنواع العلاقات الجنسية والعلاقات المثلية وتجارة الأطفال؟ ألا يصنع إدمان مشاهدة هذه الحالات الشاذة من ممارسة مقيتة مع الأطفال نماذج مجرمين جدد؟

كم أتمنى أن تفعّل كل الوزارات ذات العلاقة دورها في التربية، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم، فالتربية أولا وثانياً وثالثاً، ثم يأتي التعليم، أقول ذلك في زمن صعب، لا يفيد فيه الحجب أو المنع، بل انه يضاعف الشغف بالممنوع والمحجوب، وإنما لابد من وسائل تربية حديثة تحمي النشء من الوقوع كضحايا، أو كمجرمين في المستقبل.

 

نزهات
أطفال مغتصبون في المنازل!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة