Friday  01/07/2011/2011 Issue 14155

الجمعة 29 رجب 1432  العدد  14155

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أبو سعيد الخدري واحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين قال فيهم: لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لن يبلغ مد أحدهم، ولا نصيفه) وهم حملة سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام للمسلمين بعده، وهم زهرة القرن الأول، الذي هم خير القرون.

أما اسمه فهو: سعد بن مالك بن سنان الخدري، الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل كان من صغار الصحابة، قيل ولد عام 10 قبل الهجرة، وتوفي على الأرجح عام 74هـ، حدث عنه ابنه عبدالرحمن، قال: قال أبي، عُرضْت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فجعل أبي يأخذ بيدي، ويقول: يا رسول الله إنه عبل الفطام، وجعل رسول الله يصعّد في النظر ويصوّبه، ثم قال: رده فردني رواه ابن عساكر (7: 94 ب). ورواه الطبراني من طريق زيد بن جارية، قال: استصغر النبي صلى الله عليه وسلم ناساً يوم أحد منهم: زيد ابن جارية - يعني نفسه، والبراء بن عازب، وسعد بن خثيمة، وأبو سعيد الخدري، وعبدالله بن عمر، وجابر بن عبدالله (المصدر السابق 515).

قال عنه الزركلي في الأعلام، صحابي كان من ملازمي النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث كثيرة، غزا اثنتي عشرة غزوة، وله في الصحيحين (1170) حديثاً، توفي بالمدينة (3: 1380).

أما الذهبي في كتابه: سير أعلام النبلاء فسماه الإمام المجاهد، مفتي المدينة، شهد الخندق وبيعة الرضوان، واستشهد أبوه مالك يوم أحد، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأكثر وأطاب، وعن أبي بكر وعمر وطائفة، وكان أحد الفقهاء المجتهدين (3 -168 - 169).

وقال ابن سعد في طبقاته: روى حنظلة بن أبي سفيان عن أشياخه: أنه لم يكن أحدى من أحداث الصحابة رضوان الله عليهم، أعلم من أبي سعيد الخدري (2: 374).

وقال عنه ابن الأثير في أسد الغابة: أبو سعيد الخدري الأنصاري وهو مشهور بكنيته، من مشهوري الصحابة وفضلائهم وهو من المكثرين من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول مشاهده الخندق، وغزا مع رسول الله اثنتي عشرة غزوة، قال أبو سعيد قتل أبي يوم أحد شهيداً، وتركنا بغير مال، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسأله شيئاً، فحين رآني قال: (من استغنى أغناه الله ومن يستعف أعفه الله).

قلت: ما يريد غيري فرجعت، وتوفي سنة أربع وسبعين يوم الجمعة ودفن بالبقيع، وهو ممن له عقب من الصحابة، وكان يحفّ شاربه، ويصفّر لحيته ثم قال: فذكره في الكنى (3 - 365).

وذكر عنه أبو نعيم في الحلية: أنه ذكر في أهل الصفة، وقال: قال عبيد بن القاسم بن سلام: وحاله قريب من حال أهل الصفة، وإن كان أنصاري الدار لإيثاره التعبد، واختياره للفقر والتعفف.

وفي هذا أورد عنه أحاديث، منها ما رواه عطاء بن يسار: أن أبا سعيد قال: قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: (النبيون) فقلت: ثم أي؟ ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد إلا التمرة أو نحوها، وإن كان أحدهم ليبتلى فيقمل حتى ينبذ القمل، وكان أحدهم بالبلاء أشد منه فرحاً بالرخاء) (1: 369 - 370).

وروى بقي بن مخلد في مسنده الكبير لأبي سعيد الخدري: بالمكرر ألف حديث، ومائة وسبعين (1170) حديثاً، وقد حدث عنه ابن عمر وجابر وأنس وابن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن يزيد الليثي، وعطاء بن يسار وخلق كثير غيرهم، كما حكاه الذهبي (3: 169).

وقد رفع إليه عقيل بن مدرك، وعن ابن عساكر من طريق ابن المبارك، أن رجلاً أتى أبا سعيد فقال له: أوصني يا أبو سعيد، سألت عما سألت من قبلك: (عليك بتقوى الله، فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن، فإنه روحك في أهل السماء، وذكرك في أهل الأرض، وعليك بالصمت إلا في حق، فإنك تغلب الشيطان (سير أعلام النبلاء (3 - 170).

وقد حظي هذا الصحابي الجليل، والمفتي الملهم، بقدر كبير من دراسة المهتمين بطبقات الرجال وسيرهم، إذ كان من أوفر الصحابة عناية ومتابعة، فقد جاءت أخباره في أكثر من ثلاثين كتاباً، من كتب القدامى، ناهيك بالدراسة الحديثة التي لا تعد، فهو رضي الله عنه يمثل جيلاً من مدرسة النبوة، حرصاً على الأخذ ومتابعة بالسؤال، وتطبيقاً في العمل، وورعاً عن المزالق.

فقد دخل يوم الحرة غاراً، فدخل عليه فيه رجل، ثم خرج فقال لرجل من أهل الشام: أدلك على رجل تقتله؟ فلما انتهى الشامي إلى باب الغار، وفي عنق أبي سعيد السيف، قال لأبي سعيد: أخرج قال: لا أخرج وإن تدخل أقتلك. فدخل الشامي عليه، فوضع أبو سعيد الخدري السيف، وقال: بؤء بإثمي وإثمك، وكن من أصحاب النار، قال: أنت أبو سعيد الخدري؟ قال: نعم، قال: فاستغفر لي غفر الله لك (المرجع السابق: 3: 170).

وله مناقب كثيرة، تدل على مكانته رضي الله عنه، وقد اعتبره الكتاني في معجمه من فقهاء الصحابة، ذوي الرأي الجيد، والحكمة الصائبة، وفي المسائل الفقهية أورد لأبي سعيد الخدري، أكثر من 24 مسألة برزت فيها مكانته الفقهية، وقدرته على استظهار الأحكام، المستندة على شرع الله: من الكتاب العزيز، والسنة المطهرة الصحيحة عن رسول الله صلى عليه وسلم.

فقد أورد عنه في وجوب الغسل يوم الجمعة, آراء كبار الصحابة، مثل عمر بن الخطاب وأبي هريرة وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، وقال: عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه: أوجب غسل يوم الجمعة، عل كل محتمل، وأن يستن ويمس طيباً، كما قال أبو سعيد أيضاً: ثلاث هن على مسلم يوم الجمعة: الغسل والسواك، ويمس من طيب إن وجده (معجم فقه السلف: 1: 50).

وفي وجوب قراءة الفاتحة على كل مصل، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: اقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة، وفي كل صلاة، وبهذا القول: جاءت روايات كثيرة عن الصحابة والتابعين، كما قال (ابن حزم، ودليلهم حديث عبادة بن الصامت، عند البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وعنه عند ابن أيمن: تقرؤون خلفي؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: (لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة إلا بها) (معجم فقه السلف: 2: 36).

وعندما ينتاب الإمام أمر في صلاته، قال أبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، التسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء، قال ابن حزم: ولا يعرف لها من الصحابة رضي الله عنهم مخالف، ودليلهم حديث سهل بن سعد عند البخاري قال رسول الله: (إذا رابكم أمر فليسبح الرجال، وليصفح النساء، والتصفيح التصفيق) (المعجم 2: 41).

ولما كان كثير من الفقهاء قد اختلفوا في ركعتين تؤديان بعد صلاة الفجر، بين مجيز وناه، فعن أبي سعيد الخدري، قد خرج من ذلك الخلاف الذي لم يسلم منه حتى صحابة رسول الله برأي قاطع، جمع فيه بين النهي عن الصلاة بعد العصر، وبين تخريج من يجيزهما، عندما قال رضي الله عنه: هي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم (2 - 89).

وفي عهد مروان بن الحكم صاروا يمنعون الناس من الصلاة والإمام يخطب، فعمد أبو سعيد الخدري رضي الله عنه الإحياء ما أراد مروان إبطاله فدخل المسجد ومروان يخطب يوم الجمعة، فأجلسوه فأبى، وقال: أبعد ما صليتموها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا يعرف له رضي الله عنه مخالف، حيث صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعده، والدليل في هذه حديث جابر بن عبدالله عند البخاري ومسلم.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم والإمام يخطب - أو قال - قد خرج - فليصل ركعتين) (معجم فقه السلف: 2 : 116).

 

رجال صدقوا أبو سعيد الخدري
د.محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة