Monday  04/07/2011/2011 Issue 14158

الأثنين 03 شعبان 1432  العدد  14158

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أينما يُولَّ المرءُ منا وجهَه شطرَ جهات الدنيا الأربع، وحيثما حملتْه قدماه إلى العديد من حواضر عالمنا المعاصر، ثم ينتهي به الرحيل في مدينة (باريس)، سيجد أن لهذه المدينة الفاتنة من مباهج الحسّ والإحساس ما سيَصْرفه، بصَراً وفؤاداً، عن محاسن المدن الأخرى، سواء زارها من قبل أو سمع عنها!.

***

* أقول هذا رغم احترامي وتقديري لمنْ قد يظن ولو للحظة أن بي (مسّاً) باريسياً يحملني على التصريح الغليظ والمباشر بحب هذه المدينة، والغلّو في الإفصَاحِ عنه!.

***

* هنا، تبرزُ أكثر من ملاحظة يختزلها هذا السؤال: (لِمَ كل هذا الحبّ لباريس؟)؛ وهناك من قد يفْتنُني بسؤال آخر أكثر تحدياً فيقول: كيف (تستسلم) لفتنة مثل باريس وأنت لا تعرف من لغة أهلها إلاّ جزءاً من اللَّمم؟!.

***

* وتصدّياً لذلك السؤال أتساءل بدوري: (متى كان لزاماً على المحبّ لأمرٍ من أمور الدنيا، كائِناً مَا كان، أن يقدّم لسائليه أو ناقديه وثيقةَ (تبرير مسبّب) لما يحبّ، إذا كان لا يعلمُ لِمَ يحبُّ هذا الشيء أو ذاك إلاّ ما ظهر له، أمّا ما زاغ عنه البصر أو تسلل إلى القلب مسْتُتراً عبر نوافذ (اللاّ شعور)، فأمرٌ لا حيلة له به، تفنيداً أو دفاعاً أو تبريراً!.

***

* أعود إلى السؤال، بعد إعادة صياغته اختزالاً في كلمتين: (لِمَ باريس؟) فأقول:

* باريسٌ طيفٌ جميل لمدينة تُغْوي الشَّاعرَ وتُلهمُ العاقلَ.. وتفتن العاشق! وهي أشبه بامرأة بارعة الخلق تضوع سحراً وعطراً وجمالاً!.. يعْشقُها معظمُ الناس معظَمُ الأوقات، ثم يشدّون إليها الرحال ولا يملُّون لها عشرةً ولا مقاماً!.. ولباريس (نغم) خاص في التعبير عن نفسها لا يسَاورُ سوى الراسخين في (فن) الإحساس من رجال ونساء سواء!.

***

* لكن هناك من أهلنا من قبائل العروبة من قد يعاني عُسْرَ الفَهْم لهذا الإحساس، فيسيءَ إلى نفسه وإلى باريس من حيث لا يعلمُ ولا يريد !! وإليكم هذا المثال اليسير:

***

* يْبتاعُ أحدُهم أو (إحداهن) ما يحسبه (جميلاً) أو (أنيقاً) من إفرازات (الموضة الحديثة) لباساً وحُليّاً يزهو بها ليلاً أو نهاراً، طمعاً أن يُلهيَ الأبصارَ والألسنةَ به، والناسُ من حوله منقسمُون بين مشفقٍ عليه أو مشْدُوهٍ به أو حَاسدٍ له!.

***

* ومن عجَبٍ.. أن باريسَ تتحوّلُ في سبتمبر من كل عام خلال ما أسميه مجازاً (خريف الصيف) إلى (أندلس عربي) يؤمُّه القومُ في رحلة الإياب إلى الوطن ليكونَ ختامُ رحيلهم مسكاً باريسياً عذباً!.

***

* ومنذ الأيام الأولى لشهر سبتمبر، تصابُ باريسُ بحُمىّ (التجرّد) من أوراقها تأهباً لـ(ليل) الشتاء الطويل! لها في كل يوم أكثر من موعد، مرةً مع السحاب، وأُخرى مع الشَّمس، وثالثةً مع المطر، حين تَتسلّلُ عناقيُده تَسلُّلَ العاشقِ إلى (خيمة) حبيبه.. ثم تنْسحبُ بذاتِ الهدُوءِ العذْبِ.. ليدثَّرها السحابُ، ثم تُطلُّ من جديد في خفرٍ وحشمة متنقبةً بخماره وكأنَّها تُلقي تحيةَ الأصيلِ قبل الرحيل عَبْر دهاليز الشتاء!.

أقول لكم في الختام:

* ما أجملَ باريس.. مَطَراً وشمساً، خَريفاً وصَيْفاً ورَبيِعاً، فهي حوريةُ كلِّ الفصُول!!.

 

الرئة الثالثة
باريس.. حورية كلّ الفصُول..!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة