Monday  04/07/2011/2011 Issue 14158

الأثنين 03 شعبان 1432  العدد  14158

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حينما كان الطلاق في الإسلام أبغض الحلال إلى الله، لم يكن الهدف من ذلك مصلحة الزوجين فحسب والخوف عليهما من الإضرار النفسي والاجتماعي؛ وذلك لأن الله تعالى قد أوضح في كتابه أنه ربما يكون الانفصال خيراً لهما إذا ارتأياه، حينما قال: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} (130) سورة النساء،

حيث إن الزوجين قد بلغا من النضج العمري والعقلي ما فيه الكفاية كي يفهما مصلحة نفسيهما ويبدآ من جديد حياة أخرى قد تكون أكثر استقراراً.

إنما كان السبب الرئيس في تقريب حكم الطلاق من حرمة التشريع وكونه مكروها من الله كأشد ما تكون الكراهية؛ هو لأن الزواج في حقيقته نواة تكوين أسرة ثمراتها أطفال أبرياء، هي أيضا نواة لمجتمع كامل، فالهدف هو حفظ الأسرة واستقرارها لحمايتهم هم من الضياع، وبالتالي حماية مجتمع بأسره من الانهيار.

والذي دعاني لطرح مثل هذه الفكرة هي حادثة طفل الطائف أحمد الغامدي ذي السنوات الأربع الذي قتل قتلة شنيعة على يد زوجة أبيه رغم أنها امرأة عادية لا يظهر عليها خلل في عقلها أو سمعتها أو دينها، إضافة لحوادث الظلم الأخرى المتعددة للأطفال من زوجات آبائهم، مما يدل على أن الأطفال يجب أن يتربوا في أحضان والديهم، وأُلح على كلمة يجب، حيث إن الطلاق بعد إنجاب الأطفال لا يمكن أن يكون قراراً فردياً، إذ ليس من حق أيّ من الزوجين التسرع بطلب الطلاق بعد أن تسبب في وجود مضغات بريئة في هذه الدنيا، ويتوجب عليه دينا وعقلا وضميراً أن يحسب حسابهم قبل أن يحسب حساب نفسه.

لذا كان من الضرورة بمكان أن توجد لجان اجتماعية تابعة لمحاكم الأحوال الشخصية للإصلاح بين الزوجين الإصلاح الحقيقي والتقريب بينهما نفسياً واجتماعياً وروحياً، لإعطاء الزوجين فرصة للمراجعة، وذلك قبل إيقاع قرار الطلاق الذي هو حكم باليتم غير المباشر على صغار ما زالوا يحتاجون رعاية والديهم، كما أرى أنه من الواجب أيضا أن يكون في المناهج الدراسية التوعية القوية للأجيال الجديدة بالمفهوم الحقيقي للزواج، وأنه في أساسه تكوين أسرة صالحة، مسؤول عنها صاحبها في الدنيا والآخرة، وليس مجرد فرح وطرب وتجهيز وتسوق، تليه حياة وردية وأيام مزهرة بالسعد الذي لا شقاء بعده والتفاهم الذي لا خلاف معه، وكذلك أسرة الزوجين في عنقها أمانة الحفاظ على حياة أبنائهم وبناتهم من الطلاق وبالتالي حماية أحفادهم من التشرد، يتوجب معه أن يكون لهم رأي قوي حيادي فاعل في مثل هذه المجالات، دون أن يصل لدرجة السيطرة بالطبع.

حيث إني أرى أن كثيرا من الأزواج الصغار سواء الفتيات أو الشباب يجفلون لأول مشكلة حتى لو كانت صغيرة، ويصدمون من أول كلمة قد تكون في رأيهم جارحة، مع أن بداية سنوات الزواج إنما هي فترة البناء أو الهدم، يجب أن يحتملها كلا الزوجين نظراً لاختلاف طباعهما وبيئتيهما، وأكثر من ذلك لثقل مسؤولية الارتباط على كل واحد منهما، يقابله طموحات وآمال وأحلام كليهما حينما يصدم بواقع لم يكن يتوقعه أو كان يتوقع ما هو أفضل منه، لذا فقد كثر الطلاق في مجتمعنا مؤخراً كثرة بينة، ومعظمه لأسباب تافهة، تتضخم فيها الكرامة الذاتية التي تصل بين بعض الأزواج لدرجة الكبرياء والابتزاز المعنوي والحسي والمادي، نتيجة عدم الشعور بالوعي الأسري والمسؤولية الاجتماعية.

حيث إن الإسلام حينما أباح الطلاق كان لأسباب ميؤوس منها ومن إصلاحها، وهي أسباب واقعية يكون فيها الضرر في استمرار الحياة الزوجية ضرراً جلياً يقع على الأطفال أولاً أو على أحد الزوجين، وليس لمجرد تهور أو رعونة قرار فردي يحمل أنانية مفرطة تودي بمستقبل أنفس بريئة إلى غياهب الضياع، متوهمة أنها ستجد حياة أجمل مع أنه لا كمال في هذه الدنيا الفانية، وبالتالي فتحكيم العقل والدين والضمير هو الأجدى.

g.al.alshaikh12@gmail.com
 

حولها ندندن
إنقاذ ضحايا الانفصال
د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة