Wednesday  06/07/2011/2011 Issue 14160

الاربعاء 05 شعبان 1432  العدد  14160

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

وصلتني رسالة طويلة من الأخت الكريمة أمل من دولة الإمارات العربية المتحدة بعد القراءة الثانية، ومنها: «الحقيقة التي يجب أن نعيها جميعاً أنه في الفترة الأخيرة لوحظ أن الأدبيات بشتى أنواعها (قصص ورواية وشعر ثم رسائل الماجستير والدكتوراه)، التي نالت استحسان الناس، وأُجيزت أو حصدت العديد من الجوائز، لا ترقى

إلى المستوى الذي يؤهلها لنيل هذه الجوائز، ولكن الملاحظ أن القاسم المشترك فيها هو الهجوم السافر على مجتمع المملكة العربية السعودية. والحقيقة التي يجب أن نعيها جميعاً أن المعني بكل هذا الهجوم ليس المملكة في كونها دولة لها دستور وقانون، لكن المقصد الحقيقي محاولة ضرب المملكة؛ كونها حامية المقدسات الإسلامية، وحامية للدين الإسلامي. وعلى مر التاريخ تعرضت المملكة للكثير من التشويه والمكائد، لكنها كانت عن طريق أيادٍ خارجية أجنبية؛ فكانت واضحة أهدافها وضوح الشمس، لكن - للأسف - لقد سُلِّطت اليوم على الأمة الإسلامية بشكل عام، والمملكة بشكل خاص، معاول هدم من أبنائها؛ لذا على كل فرد منا أن يحمل مسؤولية الذود عن المملكة بكل ما أوتينا من عِلْم ومعرفة؛ لأننا بهذا نذود عن ديننا الإسلامي الحنيف. إن الدفاع عن المملكة أمانة في عنق كل مسلم؛ لأنه دفاع عن حامية المقدسات الإسلامية، وها أنت تحمل هذه الأمانة كل يوم في كل مقالة وكل حرف»...

سيدتي أمل، إن هذا بلدي، ومن حقي أن أدافع عنه، ولا أخفيك سراً أن رسالتك هي التي أعطتني القوة والعزم، وشحذت همتي على تكملة قراءة هذا الكتاب قراءة أخيرة؛ لأنه اتهام بلا دليل، وقذف بلا تثبت، والكارثة حينما يقع بين يدي هؤلاء، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، في صورة تفتقر لأبجديات البحث العلمي، والحُكْم بموضوعية على الأشياء. ومن القضايا التي تم بثها في الكتاب:

1 - قال المؤلف ص116: «وكانت الجزيرة العربية لما آلت إلى الحكم السعودي تعاني الفقر والجوع والجهل»، وهذا اعتراف منه بالثالوث الخطير في الجزيرة؛ ما يؤكد أن الوضع كان غير صحيح، وكان مخالفاً للمنهج الصحيح؛ فلماذا يسمي المؤلف كل تنقيح وتصحيح تصدره الدولة، ويقف حجر عثرة أمام استعانتها بالخبرات الأخرى وإرسال البعثات، ويصف كل ذلك بأنه تغريب وطمس للهوية الإسلامية؟ ثم يتناسى موقفها بحزم أمام كل من تسول له نفسه أن ينال من الإسلام وعلمائه وحدوده وأخلاقياته؛ ليتأكد أنه لا تغريب في المملكة العربية السعودية...

2 - قال المؤلف ص340: «ثبت من خلال استقراء تاريخ التغريب أنها (الشخصيات السعودية) استغلت الأزمات والأحداث التي مر بها المجتمع لتحقيق أهدافها»... وذكر أمثلة على ذلك بحرب الخليج الثانية 1411هـ. والحقيقة التي لا تخفى أنه لم يكن التغريبيون - على حد زعم المؤلف - وحدهم من يستغل الأزمات بل إن استغلال التيارات الحزبية والحركية كان الأخطر منذ تلك الحرب، والأشرطة والكتب والبيانات كلها تشهد على ذلك.

3 - تحدَّث المؤلف عن خطورة الابتعاث ص356 منذ أن بدأ في عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - عام 1346هـ، وقد اعترف المؤلف بأن الدولة أصدرت لائحة في منتصف السبعينيات تقضي بعدم السماح بابتعاث الفتيات إلى الخارج ولو على حسابهن الخاص، وإلزام الطلاب بحضور دورة وقائية في جامعة الإمام.

ثم ذكر فتح باب الابتعاث على مصراعيه عام 1436هـ متجاهلاً الفائدة التي يمكن أن تعود على المجتمع السعودي من قِبل العائدين بأفضل الخبرات والشهادات وبراءات الاختراع، ومتناسياً أن الدولة لا يمكن أن تبتعث فتاة سعودية إلا بمَحْرمها كما أكد ذلك ص359.

4 - تجريم الشخصيات السعودية من خلال تفسير النصوص على غير هدى، وهذا كثير في الرسالة، ومن أمثلة ذلك أنه تحدث في سمات حركة التغريب (المبحث الأول التنظيم ص 452) فقال: «يصرح كثير من رموز التغريب وأدواته بتصريحات يتضح منها أنها تشير إلى تنظيم تنطلق منه؛ فقد عبّر غازي القصيبي عن طموحه لتطوير مجتمعه وإنقاذه من براثن التخلف فقال: (العدو الأول في نظري هو التخلف...)». والعجب كيف يتم تجريم غازي وغيره من خلال حديثهم عن التخلف الذي ترفضه كل الفطر السليمة؟

5 - الباحث يتصوّر أن الإسلام هو تنظيم القاعدة، وكل من ينتقد التيار الحركي ورموز الصحوة الذين نص عليهم ص 593 هو في نظره تغريبي، وتجاهل أن بعضهم كان سبباً للتكفير والتفجير والإرهاب، وقد وجدت تشابهاً بينه وبين كُتّاب إدارة التوحش (دستور القاعدة) من خلال التعامل مع الصحفيين ودور الصحافة والحرب الاقتصادية، ودافع كثيراً عن تنظيم القاعدة وأحداث الحادي عشر من سبتمبر ص235، ويؤكد دفاعه أنه تحدث عن التغريب في الروايات، ورأى أن مهاجمة الجهات الدينية والنشاطات الإسلامية وتشويه عملها وتأليب الناس عليها من التغريب دونما نص على الخوارج ومذهبهم في الخروج على ولي الأمر، وذكر أمثلة على ذلك بروايات إرهابي 20، وحقول طالبان، وريح الجنة، والانتحار المأجور، بل إنه تحدث في ص208 قائلا: «فجاء التيار التغريبي ووجد الفرصة أمامه سانحة؛ فرفع شعار الوطنية، وأظهر التباكي على مقدرات الوطن وما يصيبه على أيدي هؤلاء الإرهابيين». ثم ذكر صفات الإرهابي عند التغريبيين، وهو المتدين الذي يمارس الدعوة إلى الله، والملتزم بأحكام الإسلام المتعلق بالآخرة، ويرجو ما عند الله، المتمسك بالسُّنة، الحريص عليها، والذي يرى فرضية الجهاد... وغيرها من الصفات التي لا يختلف عليها مسلمان، وكأنه يدافع عن القتلة والحركيين، ويُضفي على الإرهابيين وأعمالهم المشروعية، بل إنه ذكر أن أسباب الإرهاب - وسوغ لها بكل أسف - الانحراف في المجتمع، وبروز الفكر العلماني، والفقر والبطالة والحاجة التي فصّل القول فيها ص 482، والتعدي على الرموز الدينية واحتلال أراضي المسلمين. ويكشف من حيث لا يشعر عن سبب العنف والتفجير والإرهاب ص552 فقال: «وفي سنوات هذا البحث برزت ظاهرة العنف في السعودية بشكل واضح، وشكّلت تهديداً داخلياً خطيراً، استهدف الأمن والاقتصاد، ومن ذلك أنه جرى في العام 1423 إلغاء الرئاسة العامة لتعليم البنات فكان ذلك القرار صدمة قوية للمجتمع كله وللتيار الديني على وجه الخصوص... ثم بدأ مسلسل العنف 1424هـ بتفجير ثلاثة مجمعات سكنية راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، تلتها عشرات العمليات التي استهدفت مراكز أمنية ومنشآت اقتصادية»... ثم أكد هذا بتتبعه لوصايا الانتحاريين عبر واقعهم في الإنترنت الصافنات، الفردوس، الجهاد، وهل يعقل أن يكون ذلك سبباً للتفجيرات وهم يعلمون أن الدمج كان إدارياً ولم يكن في خلط الطلاب بالطالبات في مراحل التعليم ومظاهر الحياةالعامة؟...

6 - أخطأ المؤلف في الانتقاص من بعض الطوائف في المجتمع السعودي، واعتبرهم أقليات تدعم التغريبيين، وتهجم على رموزهم ص 500 متجاهلاً أن وطننا لا يمارس الإقصاء ضد مواطنيه مهما كان اختلافهم معنا، ولكن يطلب منا ومنهم أن نؤدي دورنا ويؤدون دورهم الوطني على أكمل وجه في ظل مبادئ التعايش الإنساني، ولا يجوز شرعاً إقصاؤهم وتمييزهم طائفياً؛ لأن حقوق الإنسان والضرورات الخمس في الإسلام محفوظة، ولا تُنتهك حرمة الإنسان تحت أي مسوغ...

7 - لا أدري ما المعيار الذي بنى المؤلف عليه حكمه ص551 بأن استقدام الخادمات والمربيات تغريبٌ وله آثاره السلبية في العقيدة والأفكار، والتحرش الجنسي بالخادمات من قِبل الآباء والأبناء وحملهن سفاحاً، وتشكيل بيوت دعارة بعد هروبهن... وساق مجموعة من المراجع عن أثر الخادمات وضحاياهن، وسكت عن (السواقين) والخدم، وهم أكثر خطورة على البيت المسلم من الخادمات، وقد أثبتت التقارير الأمنية تحرشهم بالنساء واغتصابهم الأطفال، ولم ينظر بعين الإنصاف لمسألة قيادة المرأة للسيارة ص600 بوصفها مسألة يستساغ الخلاف الشرعي فيها بعيداً عن مصطلح التغريب، وعدها من المظاهر التغريبية في السعودية عام 1411هـ. علماً بأنني لا أبحث في جوازها من عدمه؛ لأنني مقيد بفتوى هيئة كبار العلماء - حفظهم الله جلَّ وعلا - ولولي الأمر ولهم السمع والطاعة...

وأخيراً، أتمنى ألا تتحول هذه الرسالة إلى ساحات لمحاكم التفتيش لشخصياتنا السعودية التي وردت أسماؤهم فيها، وقد حُكم عليهم فيها بالكفر وطمس الهوية ومحاربة الدين وأهله بأدلة غير موضوعية، كما حاكم كُتّاب الحداثة في ميزان الإسلام قبل ثلاثين سنة تقريباً مجموعة من الشخصيات السعودية، وقضى على أحلامهم... فليرحمْ بعضنا بعضاً، ولندعُ لكل مخالف منا ومذنب بيننا بالهداية والتوبة... والله من وراء القصد.

abnthani@hotmail.com
 

قراءة في كتاب حركة التغريب في المملكة (المرأة أنموذجاً) لعبدالعزيز البداح
إذا كان استقدام الخادمات والمربيات تغريباً فماذا يكون استقدام (السواقين) والخدم؟
د. عبدالله بن ثاني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة