Thursday  07/07/2011/2011 Issue 14161

الخميس 06 شعبان 1432  العدد  14161

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

هذا اسم من الأسماء التي استوقفتني؛ إذ تسمى به المرأة ويسمى به الرجل، وكنت دونت في معجم أسماء الناس في المملكة العربية السعودية (مخطوط): «بُنَيَّة، منقول من مصغّر (بنت) وسمي به الذكر دفعًا للحسد والعين ثم شاع في التسمية»، ثم صادف أن تشرفت بلقاء الأستاذ الدكتور عايض بن بنيّه بن سالم الردّادي الرجل الأديب العالم الهادئ المتواضع، في الخميسية في دارة العرب، فكتبت له رقعة بينت له فيها أني أعد معجمًا عن الأسماء، وأني أرجو أن يفيدني بما يعرفه عن الاسم (بنيّه)، غاب الرجل أيّامًا حتى قلت: أنسي، ومن ذا لا ينسى في أيّامنا هذه! غير أنه فاجأني بكرمه البالغ حين زار قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود ومعه جملة أوراق دوّن فيها ما لم أكن أطمع به، أردت إجابة في سطرين أو ثلاثة قد تؤيد ما ذكرته أو تنفيه فإذا به بحث الاسم بحثًا تاريخيًّا، كان مما أفاده أن هذا الاسم شائع في القبائل العربية في العصور الحديثة في الجزيرة وفي العراق، ولعل أشهرهم (بنيّه بن قرينيس الشمري من آل الجربا»، وقال»وقد يكون سببًا لتسمية من جاء بعده؛ لما عُرف عن العرب من التسمية بأسماء الكرماء والشجعان»، ثم نقل قول البيطار في (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر،2: 369): «بنيه بن قُرَيْنيس الجربا الطائيّ من بني طيّ قوم حاتم الطائي، الجواد المشهور، والكريم الذي هو بأنواع الكرم مذكور، الذي يُضرب به المثل، وكان لقاصده فوق ما يتعلق به الأمل، نقل الشيخ عثمان بن سند البصري بأن بنية (بضم الموحدة وفتح النون وتشديد الياء التحتية وهاء التأنيث) وهو من رجال العرب وكرمائها». وقال الدكتور «الاسم ينطق بالهاء في آخره لا بالتاء، وبهذا رسمه أوبتهايم، ولم أسمع من ينطقه بالتاء لا وصلاً ولا وقفًا، حتى ممن يقفون على التاء المربوطة تاء». ولا غرابة في ما قاله؛ لأن أواخر الأعلام تسكّن في الاستعمال اللهجي، وقد سألت الدكتور ناصر الحجيلان الذي ترعرع في حائل عن نطق هذا الاسم فكتب لي «أما اسم بنية، فينطق بالهاء وبالتاء؛ ولكن التاء يكون في سياق اللهجة والهاء في سياق الكلام الرسمي». وتردد الدكتور عايض في تفسير علة شيوع الاسم بين القبائل فلا يدري أإلى شهرة بنيه الجربا علة الشيوع أم إلى الخوف على المولود من العين؛ ولكنه شك في الأخير أي الخوف من العين. والذي أذهب إليه أن علة الشيوع هي ما رجحه الدكتور من شهرة بنية الجربا ثم تسمية الأبناء على أجدادهم من حملوا الاسم، وأما الخوف على المولود فهو عندي علة أصل التسمية لا شيوعها، ومن المشاهد أنّ الناس ربما كتموا نبأ ولادة الذكر خوفًا عليه، وهو شائع في بيئات عربية أخرى، وهو علة التسمية بأسماء مثل (شحاته، وشحته)، ومن المشاهد أنه قد يلبس ملابس البنات ويرسل شعره، ومن دلائل هذا التفسير ما ساقه الدكتور عن اسم والده، قال: «أما اسم والدي (بنيه بن سالم بن عيد بن جمّال الردادي) فلا أعرف سبب التسمية، وإن كنت سمعت أنه كان لجدي عيد سبعة من الأبناء، لم يعش لهم أولاد، وعندما وُلد والدي قالوا (هو بنيه) فرحًا به، ثم سمّي به، ولم أجد في أسماء القبيلة (الرَّدّادة) سوى اسم آخر واحد». ننتهي من كل ذلك إلى أنّ (بنية) اسم منقول من مصغر (بنت) سمي به الذكر للتعمية خوفًا من الحسد والعين، فلما ذاع صيت من سُمي به شاع استعماله بينهم من غير التفات إلى أصل تلك التسميته.

 

مداخلات لغوية
بنيّه
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة