Friday  08/07/2011/2011 Issue 14162

الجمعة 07 شعبان 1432  العدد  14162

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

بادرت القيادة الحكيمة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين والنائب الثاني في دعم الشركة السعودية للكهرباء بقرض حسن مقداره 51 مليار ريال لمدة خمسٍ وعشرين سنة لمساعدة الشركة في تغطية نفقاتها لتنفيذ مشروعات كهربائية ضرورية وعاجلة يلزم التعاقد عليها خلال عامي 1432و1433هـ.

وهذا بلا شك يعطي دلالة واضحة وبرهاناً صادقاً على أن القيادة الرشيدة تولي اهتماماً بالغاً وحرصاً شديداً على تحسين معيشة المواطنين وتوفير كل سبل الراحة والحياة الهانئة لهم، باعتبار أن الطاقة الكهربائية هي عصب الحياة ومعيار التقدم ولا يمكن الاستغناء عنها أو العيش بدونها بأيّ حال من الأحوال.

إن منح الشركة السعودية للكهرباء قرضاً بمبلغ 51 مليار ريال لمدة 25 سنة سيساعدها على تنفيذ مشروعات عاجلة ومحددة، ويدعم الشركة في القيام بدورها التنموي الذي سينعكس على الرفع من مستوى المعيشة للمواطنين، وهذا المبلغ كما بين مسؤولو الشركة سيمكن الشركة -إضافة إلى مواردها الذاتية- من تنفيذ عدد من المشروعات المعتمدة في برامجها التي تحتاج إلى أكثر من 300 مليار ريال لتغطية إيصال الخدمات الكهربائية لمشروعات الإسكان وللجامعات الجديدة، ومشروعات القطارات، وتجديد بعض المحطات القائمة إضافة إلى مشروعات تعزيز لشبكات نقل وربط كهربائي بين مناطق المملكة.

لقد قدر لقطاع الكهرباء نظراً لأهميته ودوره في رفاهية المواطن وتقدم الصناعة وتحقيق أهداف التنمية أن ينعم بدعم سخي وأن يحظى بدفع قوي من قبل الدولة -رعاها الله- لفترة تنوف عن الثلاثة عقود أيّ إبان فترة بدأت في مطلع التسعينات الهجرية، حيث شهدت تلك الفترة نمواً متسارعاً وتطوراً متلاحقاً في كل القطاعات بما فيها قطاع الكهرباء أطلق عليها في ذلك الحين فترة الطفرة، وبعد انحسار تلك الطفرة وهدوء تلك الفترة ووصول قطاع الكهرباء لمرحلة نمو متزن ارتأت الدولة أن توقف ذلك الدعم عن شركات الكهرباء في مناطق المملكة والمعروفة آنذاك بالشركات الموحدة حينما تبدا للدولة أن الوقت قد حان لأن تعتمد تلك الشركات على قدراتها الذاتية وأن تسخر إمكاناتها المتاحة سعيا نحو التكتل والاندماج (والذي تحققت أولى نتاجاته بميلاد الشركة السعودية للكهرباء في عام 1419هـ) وليكون إرهاصاً للتوجه نحو استقلالية قطاع الكهرباء تدريجياً عن هيمنة الدولة والمضي قدماً نحو تحرير مكوناته (التوليد، النقل، التوزيع) لتعمل على أساس ربحي ومن ثم تحقيق الخصخصة وجذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار فيه وشراء كافة أصوله وتمويل مشروعاته وإدارة مرافقه. ولكن يبدو أن هذه الشركة الفتية في ظل الظروف التي تستجد وتطرأ تباعا تواجه عقبات كبيرة وتجابه تحديات جمة تعترض مسيرتها وتبطئ من نموها وتعرقل تطورها أهمها فقدان السيولة وغياب الإمكانات المادية التي يمكن أن تعينها على تجاوز تلك العقبات والتحديات ومن ثم تصبح قادرة على تقديم خدمات لمشتركيها تكون عند حسن توقعاتهم وتنال رضاهم عن أدائها ومستوى خدماتها. لذا فإن الدولة ربما ترى أن تعيد العصر الذهبي في دعم الشركة والوقوف إلى جانبها سيما وأن الكهرباء تصل أهميتها إلى مستويات التعليم والصحة التي تحرص الدولة على دعمها وتوفيرها وجعلها سهلة وميسرة في متناول الجميع، وأن لا تترك الشركة فريسة سهلة ولقمة سائغة في فم البنوك وقروضها لتقضي على مقدراتها وتبتلع مكاسبها.

لقد قامت الشركة السعودية للكهرباء بتلبية وتغطية كافة الاحتياجات الكبيرة والمتنامية من الطلب على الطاقة الكهربائية الذي تراوح معدلاته إلى حوالي 10% في بعض مناطق ومدن المملكة. وفي إطار خططها للمحافظة على إمدادات الطاقة الكهربائية والسعي لسد الاحتياجات المستقبلية وتحسين الخدمات المقدمة لجميع المشتركين استطاعت الشركة أن تحقق منذ تأسيسها وبدئها لأعمالها في 5-4-2000م وحتى نهاية عام 2010م إنجازات متميزة منها أن قدرات التوليد زادت خلال تلك الفترة من 27 ألف ميجاواط إلى 40 ألف ميجاواط (أي بنسبة زيادة قدرها 48%)، كما أن الشركة عملت وما فتئت تعمل جاهدة على تزويد القرى والهجر والمناطق النائية بالكهرباء بالرغم من أن تقديم هذه الخدمة لهذه الأماكن غير مجد اقتصاديا لها. وقد اعتمدت الشركة مبلغ 1990 مليون ريال لمشروعات كهربة القرى والهجر للفترة من 2001م إلى 2010 م. وتشتمل خطة الشركة في هذا المجال على تغطية كافة القرى والهجر التي لم تصلها الكهرباء. وفي العام الماضي 2010م تم إيصال الخدمة الكهربائية إلى حوالي 300 قرية وهجرة ليصل عدد المدن والقرى والهجر التي تمت كهربتها بنهاية العام إلى 11453 مدينة وقرية وهجرة، كما أن تكاليف شراء الآلات والمعدات ومنها محطات التوليد ومحطات التحويل وأبراج نقل الكهرباء ومعدات التشغيل والصيانة قد زادت تكاليفها خلال العامين الماضيين بحوالي 80%. كما نفذت الشركة منذ تأسيسها وبدء أعمالها وحتى الآن مشروعات في مجالات توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية بلغت تكاليفها 94 مليار ريال، كما أن لدى الشركة حاليا مشاريع في مجالات التوليد والنقل والتوزيع يتم تنفيذها في جميع مناطق المملكة وتقدر قيمتها بحوالي 50 مليار ريال.

لقد تكبدت الشركة من جراء توفير تلك الخدمات تكاليف باهظة وخسائر كبيرة، كما بينت الشركة في عدة مناسبات إلى ارتفاع الطاقة المشتراة من منتجين مستقلين لمجابهة الطلب المتزايد على الطاقة وزيادة مصاريف الاستهلاك نتيجة دخول مشروعات جديدة في الخدمة وكذلك لارتفاع التكاليف وزيادة مصاريف الاستهلاك نتيجة دخول مشروعات جديدة في الخدمة وكذلك لارتفاع التكاليف بسبب أعمال الصيانة الدورية قبل موسم ذروة الطلب في فصل الصيف، وعادة ما تتراجع أرباح الشركة في شهور الشتاء عندما ينخفض استهلاك الكهرباء وتصعد في الصيف عندما يلجأ المشتركون إلى تشغيل أجهزة التكييف والتي تستهلك الطاقة بشكل أكبر مقارنة بالأجهزة والمعدات الأخرى، كما تجاهد الشركة السعودية للكهرباء لتأمين السيولة اللازمة للوفاء بالطلب المتسارع على الكهرباء. وتظهر العلاقة المتينة بين الشركة والحكومة على المستوى القانوني والتشغيلي والإستراتيجي عندما أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمنحها قرضاً بمبلغ 51 مليار ريال سعودي، لمدة 25 سنة، مع استمرار الدولة بالتنازل عن حصتها في الأرباح، وسيمكن هذا القرض الشركة من الوفاء بالتزاماتها نحو مجاراة نمو الطلب وتوفير الطاقة وتقديم الخدمات الكهربائية لكافة فئات المشتركين.

والشركة تواجه تحديات عدة أهمها النمو المتنامي في الطلب على الكهرباء، وضخامة التمويل المطلوب لتنفيذ مشروعات الكهرباء، ونمط استهلاك الكهرباء المرتفع في المملكة وتدني الاهتمام بكفاءة استخدام الطاقة الكهربائية وترشيد استهلاكها، والتفاوت الكبير بين تكاليف إنتاج الكهرباء وأسعار بيعها، ما يترتب عليه الإسراف في استهلاك الكهرباء وعجز في توفير الاستثمارات اللازمة مما يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشروعات لمواكبة النمو المتزايد في الطلب على الكهرباء. ومن التحديات أيضاً نقص الاحتياطي وقت ذروة الأحمال في الصيف، حيث إن تأمين الاحتياطي المطلوب يحتاج تمويلاً ضخماً لبناء محطات توليد وما يتبعها من خطوط نقل ومحطات تحويل قد لا تستغل إلا لفترات محدودة ثم تبقى معطلة طوال العام، ما يجعل هذه التكاليف تنعكس على إجمالي تكاليف إنتاج الكهرباء. ومما لا شك فيه أن بعض المشروعات الكهربائية القائمة حالياً مثل مشروع توسعة محطة التوليد بالقرية والذي سيتم تشغيله مطلع العام القادم من شأنه أن يحد من مشاكل الانقطاعات في المنطقة الشرقية، كما أن التراخيص التي تمنحا هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج لإقامة عدد من مشروعات الكهرباء سيكون ذا جدوى لعلاج العجز في قدرات التوليد وتلافي الانقطاعات الكهربائية التي يعاني منها كافة قطاعات المستهلكين وبخاصة القطاع الصناعي الذي يتكبد خسائر فادحة عند حدوث تلك الانقطاعات.

إن الشركة السعودية للكهرباء تحتاج الآن إلى أموال واعتمادات مالية ضخمة لشراء مولدات جديدة بدلاً من العتيقة والمتقادمة -أيّ التي استنفدت عمرها التشغيلي وأضحت عرضة للخروج من الخدمة وسببا للانقطاعات-، كذلك تمويل مشروعات تتعلق بالتوسع لتغطية الأحمال المستقبلية المتسارعة كمد خطوط نقل وإنشاء محطات تحويل وبناء شبكات توزيع, إلى جانب الحاجة لربط مناطق المملكة بخطوط نقل وشبكات موحدة لتبادل الطاقة فيما بينها وتعظيم موثوقيتها وعدم انقطاعاتها، كذلك تمهيداً واستعداداً للربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي، ولهذا كله فإن مساندة الدولة -وفقها الله- لشركة الكهرباء ومؤازرتها ووقوفها بجانبها لتجاوز تلك الظروف العصيبة أمر لا مندوحة منه سيما وأن الكهرباء -كما سبقت الإشارة إليه ومعروف لدى الجميع- ضرورة جوهرية تصل في قيمتها وأثرها إلى خدمات إنسانية ماسة وجليلة كالعلاج والأمن والطرق والتعليم.

والله نسأل أن يمد في حياة مليكنا وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني لما يبذلونه من جهد ووقت ومال في خدمة هذا الوطن الغالي وتوفير الحياة الهانئة لكل من يعيش على أرضه الطاهرة.

* أستاذ الهندسة الكهربائية -مسؤول ترشيد الكهرباء بكرسي مجموعة الزامل لترشيد الكهرباء والماء- جامعة الملك سعود

 

خادم الحرمين.. أريحية وكرم
أ.د. عبدالله بن محمد الشعلان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة